أبناؤك لا يفهمون الفيزياء؟ المعلِّمون السبب على الأرجح.. بحث يؤكد الأمر
يصف علم الحركة المجردة حركة الأجسام بالأرقام والرسوم البيانية والكلمات والمعادلات، ويُدرَّس في المدارس حول العالم باعتباره جزءًا من مقرر الفيزياء. لكن البحث القائم في موريشيوس يوضح أن المكلفين بتدريس علم الحركة في الفصول الدراسية (مدرسي الفيزياء) لا يفهمون المفاهيم التي يقوم عليها العلم. وهذا يؤكد الأبحاث التي تقام في أماكن أخرى، والتي كشفت مدى معاناة مدرسي الفيزياء مع عدد من المفاهيم الأساسية.
جاء ذلك في مقدمة تقرير أعده فريق البحث، بقيادة الأستاذ ورئيس معهد بحوث موريشيوس للتعليم، يقول التقريرالذي نشر عبر موقع «The Conversation» إن هذه الدراسة تساهم في أبحاث أكثر توسعًا عن أهمية المعرفة لدى المعلِّمين في عملية التعلم الفعال. إذا كانت المعلمة لا تفهم المفهوم الأساسي وراء مادتها، فتلاميذها لن يفهموه بطبيعة الحال. بإمكان المعلم تعريف السرعة، لكن إن لم يكن يفهم المواضيع المتعلقة بها – مثل الإزاحة والزمن – فسيعاني في تدريسها بشكل فعال.
قد يبدو أن هذه الدراسة توضح الواضح – يقول الفريق – لكن جمع البيانات، وتقييم معرفة المعلمين يسمح للباحثين بتطوير توصيات ذات خلفية علمية لمؤسسات تعليم المعلِّمين، وهذا مهم لأن سوء الفهم في الفيزياء، أو العلوم بشكل أعم، سيستمر إذا لم يتبنَّ المعلمون أساليب مختلفة كليًّا لتطوير أنفسهم مهنيًّا.
وهذا صحيح من حيث معرفتهم الخاصة، ومن حيث أساليبهم في التدريس – يؤكد التقرير – فالمدرسون لديهم التزام بأن يكونوا متمكنين من المحتوى المعرفي للمادة، بالإضافة إلى طرق تدريسها، وسيساعدهم هذا في نقل المعرفة والمهارات والقيم للطلبة أثناء عملية التعليم والتعلم، وما وراءها. إذا لم يفهم المعلمون المفاهيم التي يقومون بتدريسها؛ فسيكون هناك خطر أن ينعزل المزيد والمزيد من الطلاب عن العلم، وبالأخص الفيزياء.
اقرأ أيضًا: مترجم: غرفةسريةجديدة.. كيفساهمتالفيزياءفيالاكتشافالأخيربهرم «خوفو»؟
فهم المفاهيم لدى المعلمين
هذه الدراسة هي جزء من مشروع بحثي موسع يختبر كيف للتكنولوجيا أن تتكامل في تعليم وتعلم فعال للفيزياء في المدارس الثانوية في موريشيوس – يوضح التقرير – قام الباحثون بالعمل مع 26 معلم فيزياء من 26 مدرسة ثانوية في البلاد، وقد درّسوا خمس سنوات في المتوسط، وتراوح طلابهم ما بين 16 و17 عامًا.
تكون الاستبيان القياسي المعدّل من 26 سؤال اختيار من متعدد، وقد أضاف الباحثون بندين إضافيين متعلقين بالمنطق: شرح لأي طريقة تم استخدامها للوصول للإجابة، ودرجة ثقة المعلمين في إجاباتهم.
نتائج الاختبار التأهيلي كانت مقلقة بشدة – يقول التقرير – لم يجب معلم واحد عن جميع الأسئلة بشكل صحيح. ففي معظم الحالات كانت أخطاء المعلمين ناتجة من سوء الفهم. على سبيل المثال، طلب أحد الأسئلة من المتلقين أن يحددوا أكبر تغير في السرعة من رسم بياني بين علاقة العجلة والزمن، اعتبر 38% من المعلمين «الزمن» كمية ثابتة فيزيائيًّا بدلًا عن متغير مستقل، وهذا ما قادهم إلى استنتاج خاطئ.
عندما لا يفهم المعلمون المفاهيم التي تقوم عليها أي نظرية علمية، فلن يستطيعوا تدريس هذه النظرية تدريسًا فعالًا، ولهذا كانت الخطوة التالية بعد الاختبار التأهيلي أن يتم تحسين معرفة المعلمين.
زيادة الفهم عن طريق ورش العمل
طُلب من المعلمين الـ26 حضور ثلاث ورش عمل للتطوير المهني – واحدة في الأسبوع مدة ثلاثة أسابيع – لتصبح جزءًا من تدخل الباحثين – يوضح التقرير – قام بالورش التي ركزت على مفاهيم علم الحركة، الباحث الرئيسي بالتعاون مع أعضاء الفريق البحثي، واستُخدِمت الوسائط المتعددة لإجبار المعلمين ليخطوا خطوة أبعد عن طرق التعليم التقليدي. وقد سمح لهم هذا بتطوير إدراكهم للمفاهيم، وتطوير عقلية ناقدة.
بعد الورش أُعيد نفس الاستبيان، وأظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا. تظهر البيانات زيادة 22% في متوسط ردود المعلمين من الاختبار السابق إلى الاختبار اللاحق للورش. ويظهر هذا معامل ارتباط إيجابيًا قويًا بين الورش التدريبية، وبين أداء المعلمين في الاختبار اللاحق للورش. قدرتهم على العمل وسط المفاهيم، وحل المشكلات قد قويت بشكل واضح.
بالطبع، بعض الورش التدريبية أو دورة تطوير مهني لمرة واحدة لن تقوم بعلاج جميع المفاهيم الخاطئة لدى المعلمين – يؤكد التقرير – فإزالة المفاهيم الخاطئة قطعًا عملية مستمرة، وستحدث فقط عن طريق المساعي التعاونية المستمرة.
هذا ما وصلت إليه مؤسسات تعليم المعلمين، إنهم بحاجة لإعادة النظر في كيفية تدريب المعلمين على إدراك المفاهيم، والتأكد من أنهم يستخدمون أفضل الطرق الممكنة لإعداد المعلمين لفصولالفيزياء.
المصدر: ساسة بوست