كتاب أكاديميا

عبد الرحمن السقا يكتب: أخطاء البدايات في تعلم اللغات

%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%82%d8%a7-200x200

يبدأ الكثيرون تعلم أي لغة بحماس بالغ، فيردد ما يتعلمه طوال الوقت، ويبدأ في التعامل كما يتعامل أهل اللغة التي يتعلمها، ويُشعرك كأنه تعلم اللغة بحذافيرها، ثم هو يسارع في محادثة أهل تلك اللغة وغالبا لا يفهمه أهل اللغة التي يتعلمها، بل ويبتعدون عنه. وبعد فترة من هذا الحماس والنشاط تخبو عزيمته، ويفتر نشاطه ويشعر بالإحباط، وكأنه يتجاهل واقع أنه لا زال على بداية الطريق وأن العودة إلى نقطة الصفر أسرع مما يتوقع.

تعلم اللغات ليس مجرد قانون يحفظ ويُطبق أو مجموعة من الكلمات والتعبيرات تحفظ جيدًا والسلام. ما يجب على المقبل على تعلم لغة أجنبية معرفته أن الأمر لا يتم بين يوم وليلة أو عشية وضحاها. وأن طريق التعلم طويل ولا بد له من استعداد، وصبر وعزيمة.

أول الطرق الصحيحة للاستفادة من حماس البدايات الزائد هو السعي إلى معرفة ثقافة اللغة وأهلها أولا، ومراحل التطور التي مرت بها تلك اللغة. ثم يسعى بعد ذلك لإتقان أساسيات اللغة وفهمها فهما جيدا حتى يستطيع أن يبني على هذا الأساس.        فقوام أي شيء يعتمد على أساسه, وإن لم يكن هذا الأساس قويا بما فيه الكفاية فانهياره حتمي.

أساسيات أي لغة هي الطريق إلى إتقانها، والتعمق فيها.  وكل جهد مبذول لإتقان الأساس حتما ولا بد سيعود بالنفع على صاحبه.

إن شعور الذي يتعلم أساسيات اللغة بأنه لا يستفيد شيئا، وعقده للمقارنات الدائمة بينه وبين المتقنين للغة وأهلها أمر خاطئ، فنطق الطفل ليس كنطق أخيه الأكبر أو والده. بل لا بد من الإدراك بأنك حتما ستمر بالمراحل التي مررت بها وأنت تتعلم لغتك الأم. وأن المعاناة التي تكون في البداية من النسيان المتكرر للقواعد والكلمات، وربما العجز في بعض المواقف عن التحدث بما هو محفوظ جيدا! لست وحدك من يمر بها. بل ينبغي عدم الاستسلام لليأس أو الخجل, فالطفل في بداية تعلمه للأرقام كثيرا ما يخلط بين الرقم اثنين والرقم ستة. لذا لا تكثر من تأنيب نفسك، فنسيانك دليل على أنك تسير في الطريق الصحيح.

الإفراط في الخوف من الخطأ لن يجلب لك نفعا بل يضع بينك وبين اللغة حدًا لا فائدة منه. ويثبط من عزمك على تطوير نفسك ولغتك. كذلك لا تعبأ بسخرية أقرانك أو تكترث لتثبيطهم، وثق تماما أن ما تعبت في تعلمه لن تنساه أبدا.

أكبر خطأ قد يقع فيه الذي يتعلم لغة جديدة عليه هو التفكير بمنطق لغته لا بمنطق اللغة التي يتعلمها. وكثير ما ينتج عن التفكير باللغة الأم لبسٌ وخلل في إيصال المعنى المراد باللغة الأخرى.

الاعتماد الكلي على الكورسات أو ما يدرس في الجامعات والاكتفاء بذلك لن يساعد في التطور، بل تلك المواد مرشد فقط لمعالم الطريق. ما يساعد على التطور هو جُهدك المبذول في تطوير نفسك بنفسك والاستفادة قدر المستطاع من مُرشدي الطرق (الكورسات- الجامعات).

الاعتماد على الأفلام والمسلسلات والأغاني لا يساعد كثيرا في تعلم اللغة. فاللغة تُتقن بالممارسة والتطبيق لا بالمشاهدة والاستماع.

قواميس اللغة ومعاجمها ليست وحدها من توضح معنى الكلمة، المعنى يُفهم من السياق، وكذلك لا حاجة للإكثار من اقتناء المعاجم والقواميس في أول خطوات الطريق. بل ينبغي الصبر لحين الحاجة إليها.

نسيان الكلمات التي حفظت من المُعجم مباشرة دون استخدامها أمر حتمي، لذلك لا تحفظ كلمة إلا وتطبق عليها  أكثر من مرة، وكذلك معرفة السياق الذي يمكن أن تستعمل فيه.

ثقافة أي لغة هي الأساس لإتقانها وإجادة التعامل مع أهلها، وإغفال هذا الجانب يضر بالمتعلم في كثير من المواقف. وإن أردت أن تُتقن لغة ما فابدأ بثقافتها وثقافة أهلها سيساعدك هذا كثيرا ويوفر عليك كثيرا من الجهد فيما لا يفيد.

 

المصدر: ساسة بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock