د. إبراهيم بهبهاني يكتب: المعلمون الأجانب.. الحلقة الأشد ضعفاً
أطرف نكتة سمعتها مؤخراً ما أقدمت عليه الحكومة بخفض بدل سكن المعلِّمين الوافدين 90 ديناراً؛ بحيث أصبح 60 ديناراً، بدلاً من 150 ديناراً.. وعلى مدى أسبوعين وبعد قصة البنزين والتراجع عنه ومحاولة إسكات المواطن بــ 5 دنانير في الشهر جاءت قضية المعلِّمين لتزيد الطين بلَّة.. وفي خضم الجدل الدائر ظهرت «فضيحة جديدة»، وهي الخاصة بالعلاج في الخارج، وكانت كافية للرد على ما تفعله الحكومة.. فكيف لهذا المواطن أن يقتنع ويثق بالحكومة إذا كانت ما تفعله وتسكت عنه وتتستر عليه هو هذا التراخي والتسيّب بصرف مبلغ 750 مليون دينار من دون ضمانات أو موافقة من وزراة المالية؟! يعني الرد المتواضع على هكذا سياسة أنها ربما تنفق على الترضيات السياسية لبعض النواب والمنتفعين من دون أن نسمع أحدهم يرفع الصوت عالياً، ربما باستثناء قلة نادرة.
مبلغ خيالي يستفيد منه المنتفعون وعدد من النواب، ويذهب إلى غير المحتاجين فعلياً للعلاج!.. ما عدا قلَّة نادرة.. حقيقة، يحتار الإنسان ماذا يقول تجاه قرار يصيب مباشرة الجسم التعليمي في الدولة، من أجل توفير مبلغ 40 مليون دينار في السنة، كما يقولون.. فكيف إذن ندعو إلى تحسين ورفع مستوى الدولة التعليمي إذا كنا نلاحق هذا المعلِّم بــ 90 ديناراً؟! أليس المطلوب أن نوفّر له حياة كريمة، حتى لو كان هذا المعلم أجنبياً! فطالما كنت محتاجاً إليه فأنت مجبر على أن تكرمه وتحصَّنه ولا تجعله يحتاج إلى أن يسلك طرقاً ملتوية للحفاظ على مستوى معيَّن من معيشته.. ربما أنكَ ـــ كحكومة أو كوزارة أو كجهة ـــ قد قمت بتوقيع عقد رسمي معه فأنت المسؤول عن التزاماتك تجاهه، ما دمت أقررت له بتلك الحقوق.. وعندما تريد التطبيق عليه أو التشاطر، أو التراجع فبالتأكيد لن تحصل على مستوى تعليمي جيد، أو كما ينبغي، لأنه في هذه الحالة سيفتِّش عن طرق أخرى لتعديل دخله وتعويض ما خسره، وبالتالي زيادة الكلفة على أسرة الطالب.
وبالتأكيد، ستنتعش سوق الدروس الخصوصية وتزداد عما هي عليه.. لأنه لن يكون بمقدوره أن يعيش كريماً، وستجعله عُرضة لأي إغراء، وهو الذي وضعَتَ أولادك أمانة لديه لتدريسهم.. أتذكر أن جاء أحد الوزراء النواب أيام مناقشة قانون التأمين الصحي ليدافع عن القانون، يومها سمعت منه عبارة لا أنساها.. وهو يتحدث عن العامل الذي يتقاضى 20 ديناراً، وكيف يأكل، وكيف يسكن، وكيف يوفر من هذا المبلغ؟!.. تخيَّلوا معي حتى الـ 20 ديناراً «حاسدين عليه»، في حين هو كنائب وكوزير يتقاضى ارقاماً بالآلاف، وهو بخلاف الامتيازات والمكافآت.. وهذا اضعف الايمان، طالما أنك ارتضيت أن تأتي بهذا المعلم الأجنبي بعقد، وفيه بيان لحقوقه وواجباته، فعليك الالتزام به، وعدم التهرّب من دفع المبلغ. هذا من الناحية القانونية البحتة.. أما حكاية التوفير الذي تدَّعونها وسياسة الترشيد التي تعلنونها.. فاسمحوا لنا بها.. هداكم اللَّه إلى ما فيه الخير والصلاح.
د. إبراهيم بهبهاني
ebraheem26.com
babhani26@
نقلا عن القبس