كتاب أكاديميا

م.منال الفيلكاوي تكتب: 3 قواعد تجعل طفلك يحب الرياضيات

كيف يحب طفلك الرياضيات؟ قول مارك توين و هو كاتب أمريكي: “كمن سر النجاح في تقسيم مهامك المعقدة و المربكة إلى مهام صغيرة وسهلة، ومن ثم البدء بأولها”
تخيل أن لديك مهمة صعبة وكبيرة و لا تعرف كيف ستنجزها كاملة وهي ضرورية في نفس الوقت لا يمكنك التهرب من انجازها، ماهي المشاعر التي سوف تشعر بها تجاه هذه المهمة ؟ 

نحن أعداء ما نجهل .. المعرفة والتعامل مع المهمات الواضحة والسهلة من الأشياء المريحة لأدمغتنا، الدماغ يحب التعامل مع التحديات المعتدلة في درجة صعوبتها، لا هي معقدة بالنسبة له، ولا هي سهلة جدا وتافهه لأنه في كلا الحالتين لن يرغب في انجاز المهام ما لم تكن تحديات معقولة بدرجة كافية لاثارة اهتمامه وقابلة للانجاز بالنسبة له .. عندها فقط سيستمتع بالمحاولة والانجاز
أي مهمة معقدة وصعبة يمكنك تحويلها الى أجزاء أو الى عدد من المهام المعقولة في صعوبتها، أقصد تحويلها الى تحديات “قابلة للتحقيق” وهذا هو احد اهم اسرار تحويل اي مادة صعبة بالنسبة للطفل الى مادة سهلة مع قليل من العمل والمثابرة. لا تشرح له القسمة المطولة اذا كان لا يحفظ جداول الضرب ، لا تعلمه الضرب اذا كان غير متمكن من الجمع والطرح.

ومن هنا نستطيع أن نقول ان القاعدة رقم ١:

( اصنع له تحديات قابلة للتحقيق ) 

عندما تضع لطفلك مسائل الرياضيات التي تريد منه حلها تأكد انها في مستوى معقول بالنسبة له ، قد يكون اخذ القسمة مع معلمه في المدرسة، لكن القسمة بالنسبة له تحدي صعب و غير قابل للتحقيق و عملية تدريسك لابنك والانهماك في شرح القسمة المطوله له مرهقة جدا لأنه لازال لا يمتلك السرعة الكافية في عمليات الجمع و الطرح و الضرب، ليست القسمة هي الصعبة في الحقيقة أنت من قفزت الى تحدي جديد لازال طفلك غير مستعد له، الحل ان تشتغل على الجمع و الضرب قبل ان تقفز الى القسمة.

و الآن دعوني أسألكم .. كم منكم يؤمن بالخرافات التالية:

  • يجب أن تكون شديد الذكاء لتكون جيد في الرياضيات.
  • من المقبول ان تكون ضعيف في الرياضيات لأن هذا حال معظم الناس.
  • لا نستخدم الرياضيات كثيرا الا في مهن و اعمال خاصة
  • لم يبرع اي من والديك في الرياضيات ، من أين سيأتيك حب الرياضيات؟

اذا كانت تلك العبارات او اي منها من الأفكار الراسخة لديك فمن المؤكد انك نقلتها لأبناءك بشكل مباشر او غير مباشر، صدقني حتى لو لم تخبرهم مباشرة بذلك تنساب قناعاتنا بشكل سلس الى رؤوس اطفالنا شئنا أم أبينا ، و لذلك نجدهم يطورون موقفا سلبيا من الرياضيات بشكل عام و هذا الموقف السلبي هو حاجز فولاذي يحول دون تميزهم و براعتهم في الرياضيات لأنك بهذه القناعات قللت دافعيتهم ، و جعلتهم يشعرون بعدم جدوى تعلم الرياضيات أصلا.

القاعدة ٢ : 

(اعكس السلبية تجاه الرياضيات من خلال تغيير موقفك منها) 

من الطبيعي أن تستغرق وقتا لتغيير موقفك تجاه الرياضيات، سيساعدك التعرف على طريقة عمل الدماغ وطريقة معالجته للمعلومات ويجب أن تعرف أن الطالب الذي يشعر بالقلق في حصة الرياضيات بسبب الأفكار المسبقة عن المادة. سيكون احتمال وصول المعلومات الى منطقة التفكير الواعي لديه ومناطق الذاكرة طويلة المدى (تساعد على بقاء المعلومات لمدة اطول) احتمال قليل. فالتوتر هو الحاجز الرئيسي الذي عليهم التغلب عليه لوصول المعلومات بشكل جيد الى ادمغتهم. ومثل ما يفعله التوتر يفعله الاحباط أيضا عند الملل من تكرار التجربة خاصة اذا كانت التحديات اكبر من مستواهم وغير قابلة للتحقيق وهذا ما تكلمنا عنه في القاعدة القاعده الاولى. 

احد أهم اسرار الدماغ مادة (الدوبامين) و هذه المادة الرائعة و ارتباطها بصناعة الموهبة تكلمت عنها في مقال سابق في مدونتي، ما علاقة هذه المادة بحب الرياضيات؟ 

كل تجربة ناجحة ينجزها الطفل في الرياضيات، كل مسألة كل ورقة عمل كل انجاز كل تحدي بذل جهدا ثم حققه،. مهما كان هذا الانجاز بسيط في فهم شيء جديد او حفظ عبارة ضرب جديدة سيؤدي الى زيادة مستوى مادة الدوبامين في الدماغ و(الدوبامين) ناقل عصبي زيادة افرازه يصاحبها الشعور بالمتعة و انخفاض القلق و زيادة (الدوبامين) تشجع الطفل على خوض تحديات جديدة و حل مسائل اكثر و الاستمتاع في انجازات اكثر مرتبطه بالمادة سواء الرياضيات او غيرها.

زيادة (الدوبامين) يرفع مستوى الدافعية ، يقوي التركيز ويقوي الذاكرة، و الدماغ يفضل دائما تكرار الافعال التي تساعد على اطلاق الدوبامين ، فمتى ما كانت التحديات و المسائل التي تعطى للطفل قابلة للتحقيق و فيها مستوى تحدي معقول ساعدت حتما على اطلاق الدوبامين و هذا سيجعله يرغب في المزيد من المسائل المزيد من اوراق العمل و لن يشعر بالملل و الاحباط المرتبط اما بسهوله مبالغ فيها او صعوبة مبالغ فيها و هنا نصل الى القاعدة الثالثة:

(استمر في تقدم التحديات القابلة للتحقيق بشكل مستمر ، حتى تولد الدافعية و تقلل من القلق وتزيد الاستمتاع)
بالتأكيد ستجد نصائح و قواعد اكثر من هذه الثلاث قواعد التي سقتها لك هنا لكن اعتقد انها هذه الثلاث قواعد هي اهم ما يمكن ان يجعل طفلك يحب الرياضيات ، لماذا نريد منه أن يحب الرياضيات؟ هل تأخرنا في الاجابة عن هذا السؤال؟ 

أيا كان دافعك لغرس حب الرياضيات عند طفلك، لكن دعني أخبرك أن الرياضيات تنمي تفكير طفلك المنطقي لدرجة أن أفلاطون عندما أسس أكاديميته كتب على بابها : ( لا يدخل علينا من لم يكن رياضيا) 

ودمتم في رعاية الرحمن .. 

 م.منال الفيلكاوي 

مدربة في كلية الدراسات التكنولوجية 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock