كتاب أكاديميا

د. إبراهيم بهبهاني يكتب: وقفة مع معادلة الشهادات

موضوع معادلة الشهادات الجامعية بحسب ما تنص عليه المادة 5 من مرسوم في شأن نظام الخدمة المدنية الصادر في 4 أبريل 1979 «يشكل مجلس الخدمة المدنية لجنة من وزارة التربية وجامعة الكويت وديوان الموظفين لتقييم ومعادلة المؤهلات الدراسية بالمستويات التي يحددها المجلس للتعيين في مجموعة الوظائف العامة، وله أن يضيف للجنة أعضاء آخرين من غير هذه الجهات».. وتلك المادة التي مضى عليها حوالي 36 عاماً لم يتم تفعليها.. هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى، فقد أعطت وزارة الصحة لنفسها في أواسط الثمانينات (1984) وبقرار وزاري الحق في معادلة الشهادات، وهذا خطأ آخر لأن القرار الوزاري لا يعلو على القانون، والقانون لا يعلو على الدستور.. بعدها وفي عام 1989 وبعد إنشاء وزارة التعليم العالي، قام مجلس الخدمة المدنية بتفويض وزارة التعليم العالي بمعادلة الشهادات الجامعية، ووزارة التربية بمعادلة الشهادات ما دون الجامعية (وليس لوزارة الصحة أي دور في ذلك).

إزاء ذلك التشابك، بقيت الفوضى تضرب اطنابها، واستمر التداخل في الصلاحيات بين وزارة التعليم العالي وبين وزارة الصحة.. زاد من التضارب والفوضى إنشاء معهد الكويت للاختصاصات الطبية، وقانون إنشاء هذا المعهد لــن يعطيه الحق بمعادلة الشهادات.. وفي خضم تلك الفوضى- برأيي يعتبر ديوان الخدمة المدنية هو المتسبب الأول- اليوم وعندما ينظر الباحث أو الدارس إلى هذه الظاهرة يجد أن هناك سلسلة من الجهات والقرارات والصلاحيات تعيش في حالة من التضارب، وهي تضرب كما يقال في الامثال، أخماساً بأسداس، والدليل على ذلك أن الوزراء والقياديين يعترفون بوجود آلاف الشهادات الجامعية مضروبة بعد أن تتم معادلتها بالخطأ.. ومن تداعيات هذا الخطأ أن من يقوم بالمعادلة وتقييمها، سواء بالصحة أو بالتعليم العالي أو بمعهد الكويت للاختصاصات الطبية، أو من أي جهة أخرى، سيوضع أمامه علامات استفهام كبيرة، والسبب أن مجلس الخدمة المدنية لم يقم بتفعيل المادة الخامسة من المرسوم في شأن نظام الخدمة المدنية الصادر عام 1979.

وعليه، إذا كنتم تريدون حلاً للمشكلة، التي تستلزم موافقة جهة العمل على الاجازة الدراسية، فإنكم تذهبون إلى المكان الخطأ، وتتجاهلون السبب الحقيقي وراء ذلك.. عليكم أولاً التأكد من أن من يقومون بتقييم الشهادات مؤهلون ويحملون شهادات أصلية وحقيقية (وليس شهادة أصلية ضائعة، ويستخدمون صورة الشهادة، حيث يعتبر أنها قص ولصق، وكأننا نعيش في بلاد الواق واق)، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.. فكيف تقبلون بشخص يقيّم آخر لا يساويه بالمرتبة العلمية؟!

الإصلاح يبدأ أولاً في نوعية اللجان المشكلة لمعادلة الشهادات، وثانياً وثالثاً ورابعاً، وفي تلك اللجان.. وهنا يصدق القول: ضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب أولاً، وأن يكون حاصلا على شهادة فعلية وصاحب كفاءة.. فالقاعدة الطبية وبأبسط مبادئها تقول: «يداوي الناس وهو عليل»، فإذا أردتم مداواة الخطأ، فعليكم الإتيان بمن هو قادر وصالح ومستوفي الشروط والمرتبة العلمية التي تؤهله للقيام بهذا الدور.. وإلا سنبقى ندور حول أنفسنا ويظهر لنا الآلاف من أصحاب الشهادات المضروبة والمجروحة والمهتزة.
د. إبراهيم بهبهاني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock