ثرثرة في التعليم | أ. د. سعد جاسم الهاشل
تعتبر عملية اعداد المعلم وتدريبه من العمليات الاساسية في المؤسسة التعليمية، بل انها تعد من اخطر العمليات، وذلك لكون المعلم هو حجر الاساس في تربية النشء، ولكونه هو المسؤول عن تشكيل الفكر والسلوك الاجتماعيين، وما يترتب على ذلك من تداعيات ايجابية كانت أو سلبية، والواقع انه بالرغم من خطورة هذه العملية، وأعني بها عملية اعداد المعلم وتدريبه فانه للاسف الشديد نجد ان البعض يصرح بتصريحات خطيرة في شأن إعداد المعلم، لا تنم عن وعي بخطورة اثر هذه العملية، بل ان البعض يأخذ الامر في غاية الاستهانة.
اشارت جريدة القبس بتاريخ 29 مايو 2016 الى حوار صحافي مع رئيسة الجامعة العربية المفتوحة، وقد تطرقت في حديثها عن برامج الجامعة العربية المفتوحة، وعن سياستها التعليمية، وان ما لفت نظري هو حديثها عن برامج الجامعة العربية المفتوحة وعن سياستها التعليمية، وان ما لفت نظري هو حديثها عن برنامج اعداد المعلم، حيث ذكرت «نحن في الكويت كان لدينا اربعة برامج من بينها التربية، وقد اوقف بعد عدة سنوات لان وزارة التربية بدأت تطبق منهج المدرس الشامل في الوقت الذي كنا ندرس منهج المدرس المتخصص، لذلك اوقفنا البرنامج لتعديله وفق متطلبات وزارة التربية، وقد انتهينا بالفعل من اعداده وقدمناه منذ عامين الى مجلس الجامعات الخاصة للاعتماد، لكن للاسف الاستجابة بطيئة ومازال قيد الدراسة، وكلنا امل بالموافقة عليه» انتهى كلام رئيسة الجامعة.
على هامش هذا الحديث، أود ان اطرح الاسئلة التالية: أليست مدخلات الجامعة العربية ممن لم يحصلوا على نسب تسمح لهم بالقبول بجامعة الكويت؟! الا تعتبر مدخلات الجامعة العربية من ذوي النسب الدراسية الضعيفة؟! هل النظام الدراسي في الجامعة العربية يتطلب من الطلبة الانتظام في الدراسة أم إنه يتبع نظام الانتساب؟
لا شك أنني احسب أن رئيسة الجامعة تعلم بأهداف الجامعة العربية المفتوحة، ومن اهمها اتاحة الفرصة لمن لم يحصل على نسب دراسية تسمح له بدخول جامعة الكويت، فإنه بإمكانه الانتساب الى الجامعة العربية المفتوحة، وهي تتبع نظاما مختلفا تماماً عن جامعة الكويت، حيث لا يتطلب نظامها الالتزام التام بالدوام، كما انه يعتمد على اسلوب المراسلات والقراءات الخارجية، وذلك لكون هدف الجامعة المفتوحة هو تحقيق رغبة المتطلع الى اكتساب الشهادة الجامعية، إما للحصول على وظيفة ما، أو لأن تكون عاملا للارتقاء في السلم الوظيفي، وهذا بالطبع حق لكل فرد لا يمكن منازعته فيه.
وعليه، فإنني اعتقد أن السبب الرئيسي لرفض وزارة التربية لبرنامج اعداد المعلم في الجامعة العربية المفتوحة يعود الى ضعف النسب الدراسية للمتقدمين، الى برنامج الجامعة المفتوحة، وليس بالدرجة الاولى الى ما اشارت اليه رئيسة الجامعة، وأود ان اشير ايضاً إلى أنه اذا كانت جامعة الكويت بسياسة قبولها المتشددة وبرنامج اعداد المعلم الذي تشترك في تقديمه عدة كليات اكاديمية، وبامكاناتها البشرية والمادية بالرغم من كل ذلك، فالدراسات تشير الى ضعف اعداد المعلم، أقول: اذا كانت هذه هي الحال في شأن مخرجات جامعة الكويت من المعلمين، فكيف ستكون الحال بالنسبة لمخرجات الجامعة العربية المفتوحة؟!، وبالتالي فإنه من الضروري الا نجعل من ذوي النسب الدراسية المتأخرة من خريجي المرحلة الثانوية مدخلات لمؤسسات اعداد المعلم، سواء في الجامعة المفتوحة او غيرها، علما بان بعض الدول المتطورة تحرص على ان يكون معلم المرحلة الابتدائية من حملة شهادة الماجستير لكونها مرحلة تأسيس.
كما اود ان اشير ايضا الى بعض الدلالات الاخرى لضعف مخرجات التعليم العام، اولاها تقرير المؤشرات التربوية لوزارة التربية، واختبار القدرات في الجامعة، اضافة الى نتائج الاختبارات الدولية التي شاركت فيها الكويت، وقد جاءت في المراتب الاخيرة مثل اختبار اللغة العربية للمرحلة الابتدائية Pirls، واختبار العلوم للمرحلة الثانوية Tims. علاوة على حرص بعض اولياء الامور المقتدرين على ارسال ابنائهم الى المدارس الخاصة.
والشيء بالشيء يذكر، فإنه قبل ثلاثين سنة وبالتحديد عند تعيين الدكتور حسن الابراهيم وزيرا للتربية، والدكتور عبدالمحسن العبدالرزاق مديرا للجامعة، فإنه قد تقرر في اول اجتماع لمجلس الجامعة ودون تردد رفع نسب القبول، وذلك ادراكا من مجلس الجامعة في ذلك الحين بأن نسب الثانوية العامة لم تعد رقما صحيحاً يعكس مستوى الاداء المعرفي المتميز. وقد تقرر في ذلك الاجتماع ايضا تكليف الدكتورة فايزة الخرافي وكاتب المقال والمسجل العام السيد مساعد الدخيل بالحديث في تلفزيون الكويت عن اسباب ومبررات تغيير نسب القبول في الجامعة بهدف تنوير المجتمع في هذا الشأن، وقد كانت رئيسة الجامعة المفتوحة حاليا من بين من دعا لرفع النسبة، وكانت من المتحمسين للإصلاح التربوي.
ومن هذا المنطلق، فإنني أربأ بقيادة الجامعة المفتوحة الدفع بالمقترح المقدم لاعداد المعلم، بل انني اعتقد أنه جانبها الصواب في هذا الشأن، كما انني استغرب التحول والتغير في التوجهات الفكرية الاصلاحية، ولعل وعسى الا يكون ذلك من متطلبات الارتباط بالمسؤولية الادارية.
د. سعد جاسم الهاشل