كتاب أكاديميا

أ.د.علي بومجداد يكتب :  هل يُسلب حرمها الجامعي في ذكرى يوبيلها الذهبي ؟

حلم دام عقود من الزمن ألا وهو إنجاز حرم جامعي متكامل لجامعة الكويت في الشدادية ومنذ إثنتي عشر سنة بدأ العمل الفعلي لتحقيق هذا الحلم وتوقفت بناءً عليه كل أعمال الإنشاءات ومعظم الترميمات في المواقع الحالية المتهالكة من أجل توجيه المصروفات للحرم الكبير وتحملت الجامعة لسنوات طويلة أعداد طلبة أكثر بكثير من طاقتها الإستيعابية بإنتظار إنجاز حرمها الجديد في الشدادية وتشكلت اللجان في كل الكليات وبدأ التخطيط وتم تحديد المتطلبات والمواصفات وبدأ العمل الدؤوب واليوم أصبحت بعض الكليات في الحرم الجديد جاهزة والبعض الآخر قارب على الإنتهاء. ولكن فجأة ودون سابق إنذار ودون أي إكتراث لرأي أصحاب الدار ودون موافقة من خطط وتابع وصرف الوقت والجهد، وافق مجلس الوزراء في قرار مفاجيء على أن يحول المشروع من حرم جامعي لجامعة الكويت الى حرم جامعي لجامعة حكومية جديدة. هذا القرار بالإضافة الى أنه صدم أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت وصادر حلمهم وجهودهم فإن له تبعات أخرى أهمها هدر كبير للموارد والإمكانيات وتأثير على سمعة جامعة الكويت ومستقبلها وتأخير الإستفادة من مباني الحرم الجامعي الجديد التى ستكون جاهزة (مؤثثة القاعات والمختبرات) خلال الثلاث أعوام القادمة تقريبا والتي يجب أن يبدأ التخطيط للإنتقال لها من الآن وبالفعل بدأت هذه الإجتماعات في جامعة الكويت.
ولكي أكون أكثر وضوحا دعوني أضرب لكم مثال لأحد الكليات وهي الكلية التي أنتمي لها وهي كلية العلوم في جامعة الكويت. لقد قامت الكلية بالتخطيط لأقسامها ومراكزها ووحداتها ومختبراتها البحثية الطلابية وغير الطلابية في حرم جامعة الكويت في الشدادية. على سبيل المثال لا الحصر تم انشاء مركز للنانوسكوب ووحدة للتكنولوجيا الحيوية وأخرى للإشعاع البيئي وورشة للجيولوجيا وورشة للزجاج وورشة ميكانيكية وأيضا وحدة معشبة ومختبر لأبحاث الليرز ومختبر للخدمات البحثية ووحدة للأبحاث الحيوانية….الخ وهنا أود أن أوضح أنه في كل وحدة ومركز تم تحديد مكان الأجهزة المطلوبة ومتطلباتها من حيث الغازات والكهرباء والثبات وبعدها عن المجالات المغناطيسية والإهتزازات …الخ كما تم سؤال كل عضو هيئة تدريس عن إحتياجاته في مختبره البحثي فالبعض أوضح أنه لايريد أثاث مختبري ويريد الخدمات من غازات وكهرباء وماء أن تنزل من السقف وأخر حدد أنه بحاجة الى تهوية عالية وآخر ذكر أنه يحتاج الى غرفة نظيفة (clean room) بعيدا عن الأغبرة والملوثات والاخر طلب أن يزود مختبره بتبريد نوعي ….الخ وذلك بناء على طبيعة أختصاص كل عضو هيئة تدريس وأبحاثة. وقد أنشئنا مختبرات متخصصة في الكيمياء مثل مختبر المواد البترولية ومختبر اللدائن ومختبر الفصل الكيميائي ومختبر الكيمياء الكمية والحركية والدانيميكا الحرارية ومختبرات الكيمياء العضوية والغير عضوية …الخ ونفس الأمر ينطبق على بقية أقسام الكلية (فيزياء، علوم بيولوجية : علم حيوان ونبات وميكروبيولوجي وبيولوجيا جزيئية وكيمياء حيوية، وعلوم الأرض والبييئة والإحصاء والرياضيات …الخ). بمعنى أن مبنى كلية العلوم في الشدادية والذي شارف على الإنتهاء هو نسخة مكبرة لكلية العلوم في موقع الخالدية بأساتذته مع تفادي المشاكل والعيوب الحالية في المواقع المتهالكة الحالية عند بناء الحرم الجديد.
وأنه من المؤكد أننا لانحتاج كلية العلوم في الجامعة الحكومية الجديدة فيها نفس الأقسام العلمية ونفس المراكز البحثية وليس مطلوب من كلية العلوم في الجامعة الحكومية الجديدة أن تكون نسخة من كلية العلوم في جامعة الكويت بل يجب أن تتكامل معها. فإذا كان لدى جامعة الكويت في الحرم الجامعي الجديد قسم للفيزياء مثلا ووحدة للإشعاع البيئي أو مركز لأبحاث الليزر فيفترض في كلية العلوم في الجامعة الحكومية الجديدة أن لاتفتح قسم مشابه بنفس الوحدات والمراكز البحثية بل تسعى الى فتح أقسام ووحدات وأقسام وتخصصات جديدة لها أهمية للكويت وسوق العمل فيها وغير موجودة في جامعة الكويت بحيث يمكن لجامعة الكويت الإستفادة من هذه المراكز والوحدات في الجامعة الحكومية الجديدة والعكس صحيح. ضربت لكم مثال في كلية العلوم ولكن هذا الأمر ينطبق على كل الكليات الجامعية. وعليكم تخيل الهدر الكبير الذي سيتم في حال منح حرم جامعة الكويت في الشدادية لجامعة حكومية أخرى.
والأمر الذي يثير إستغرابي كثيرا من القرار هو معرفتي بأن الجامعات الجديدة عادة تبدأ بكلية أو كليتين وتحتاج الى سنوات طوال حتى تتمدد وتفتح أقسام وتخصصات جديدة وكليات متعددة. فهل من المنطق أن أمنح حرم عملاق يتكون من 13 كلية ضخمة وأكثر من 60 قسم علمي دفعة واحدة لجامعة لم تنشأ بعد؟
عندما تأسست جامعة الكويت بدأت بكليتين فقط وبأقسام لاتتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة ثم تمددت وأنشئت الأقسام والكليات على مدى عشرات السنوات ونفس الأمر ينطبق على جميع الجامعات الخاصة في الكويت بدأت بكلية أو إثنتين وأقسام محدودة وإحتاجت سنوات لفتح أقسام جديدة عوضا عن كلية جديدة. لذلك من المنطقي جدا أن يكون موقع الجامعة الحكومية الثانية في المواقع الحالية ويبقى موقع حرم الجامعة الكويت العملاقة، كما خطط له، في حرمها العملاق في الشدادية. جامعة الكويت لديها الجاهزية الكاملة لإستلام وتشغيل هذا الحرم الجامعي العملاق في الشدادية فهي لديها الخبرة والإدارة والهيئة الأكاديمية جاهزة وهي من خطط ونفذ وحدد الشروط المطلوبة للمبانى والمختبرات والأجهزة وقاعات الدرس بينما الجامعة التي لم تشكل حتى الان والتي ليس فيها حتى الان أي موظف عوضا عن هيئة أكاديمية لن تستطيع تشغيل مثل هذا الحرم العملاق بالتأكيد.
لاشك هناك حاجة لجامعة حكومية ثانية وثالثة أسوة بالدول المجاورة ولسد حاجة سوق العمل ولخلق روح التنافس، ولكن لنمشي حسب ما تم التخطيط له وهو أن تنتقل جامعة الكويت الكبيرة الى حلمها الذي سعت له وحققته في حرم الشدادية والذي سعته الإستيعابية 40 ألف طالب وتنشأ الجامعة الحكومية الجديدة في المواقع الحالية والتي سعتها الإستيعابية 26 ألف طالب ولابأس بعد أن تثبت الجامعة الحكومية الجديدة نفسها أن يتم بناء حرم جامعي متكامل لها بناء على متطلباتها وتخصصاتها لا أن يتم منحها حرم جامعي أسس لغيرها.
في الختام لدي بعض الأسئلة لمجلس الوزراء ولمجلس الأمة الموقريين. هل يعلم مجلس الوزراء الموقر ان جامعة الكويت ستحتفل بعد 5 شهور بذكرى مرور خمسين عاما على إنشاءها ومن ضمن إستعداداتنا في الحفل المزمع عقده في الذكرى السعيدة هو عرض مفصل لما تم تحقيقة من حلم الجامعة في حرم جامعي مميز وسنعرض على أعضاء هيئة التدريس مايفيد أن هذا الحلم أصبح واقع وملموس. وقد قمنا بالفعل بزيارة حرمنا الجامعي في الشدادية وقمنا بتصوير المباني واللجنة الإعلامية تقوم منذ أسابيع بتنسيق الفيديو الذي سيعرض في ذكرى اليوبيل الذهبي للجامعة فهل تريدون أن تسلبوا هذا الإنجاز من جامعة الكويت وأبناءها في ذكرى يوبيلها الذهبي؟
الأسئلة الأخرى التي تدور في ذهني هي: أين هي الدراسات التي أفادت بجدوى منح حرم جامعة الكويت في الشدادية لجامعة حكومية جديدة؟ وهل هناك خطط تم وضعها بناء على هذه الدراسات إن وجدت؟ وهل تم عرض الأمر والدراسات – إن وجدت – على مجلس الجامعة؟
وسؤالي لنواب مجلس الأمة وبالخصوص نواب لجنة شئون التعليم والثقافة والإرشاد. مقترح قانون الجامعات الحكومية بين أيديكم الآن وهناك خلاف كبير على مادة 44 فيه فبدل أن تستفيد الجامعة الحكومية الجديدة الناشئة من المباني الحالية بعد إنتقال جامعة الكويت الى حرمها الجديد في الشدادية صادرت المادة 44 الحرم الجديد من جامعة الكويت لصالح الجامعة الجديدة التي لم تنشأ بعد. فهل ستعيدون الأمور الى نصابها؟
أ.د. علي بومجداد

كلية العلوم-جامعة الكويت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock