كتاب أكاديميا

العربية آدم اللغات؟ كتب: جري سالم الجري 

كتب: جري سالم الجري 
أجمعت الديانات على وحدوية أصل الإنسان، فالمنطق يُجبر الكل أن يُرجعوا النسل البشري إلى فرد واحد، ذي لسان واحد، من جيناته الوراثية تفرعت الشعوب، ومن لسانه تفرعت الألسن، حتى صار من الناس أسود وأبيض، ومنهم الطويل والقصير، وكما تشعب الناس بيولوجياً، تشعبوا لغوياً، وقننوا كلماتهم بقواعد، وحشدوا المفردات، إلى أن غدت لغة قائمة بذاتها، فهل داخل كل لغة شريط جينات يردنا إلى لسان آدم؟ أكد العلم البيولوجي أن أول إنسان كان في إفريقيا، لون بشرته من “أدمة” الأرض، أي أسود، كما أكد علم اللغويات الكوني أن كل لغة تحتوي على شريط جينات وراثية يعيدنا إلى أبيها وأمها المباشرين، فكيف يكون للغة أب؟ وكيف يكون لها أم؟ وما الفرق؟

إن كل شعب يتمتع بلغة قائم بها يكون في موقف الفحولة، فإذا استعمر هذا الشعب شعباً آخر، وُلِدت بينهما لغة تسمى بالهجين، لايستخدمها في بداية ميلادها إلا الذين يتعاملون بالتجارة أو الإدارة العسكرية بين المستعمر والمهزوم، لتكون اللغة التي لقحت الأخرى أكثر لإنشاء هذا الهجين بمنزلة الأب، والحاوية للتلقيح هي الأم، كما هو الحال في اللغة المعترف بها رسمياً “الهندو- إنكليزية” و”الإفريقية- الإنكليزية) اللتين لاتزال موجودتين، بعد اندثار الإمبراطورية البريطانية الواسعة، فمن جامعة أوكسفورد ببريطانيا، انكشفت الجينات الوراثية للغات العالم.

عن طريق تحليل موسيقى الحروف يتم في المختبرات الحاسوبية تشريح رنين كلمات اللغات، ليتم فحص كل رنة من كل حرف من كل كلمة من كل لغة في جهاز محلل الخطوط الصوتية. علماً أن موسيقى كل حرف تسمى بالجزيء الصوتي (phoneme)، والجزيء هو عينة دم اللغة، وهو الذي يقارنونه بجزيئات اللغات العالمية كلها، فوجدوا أن أبا اليابانية والكورية هو اللسان الصيني، وأم الفرنسية والإيطالية هي اللغة اللاتينية، بينما وجدوا أن “العربية” لا أب لها ولا أم حتى الآن، بل وجدوا أن في حشوة اللغات الأوروبية والآسيوية والإفريقية كلمات مزروعة بغرس عربي مبين، وهذا ما صرح به د. سعيد الشرباني من جامعة أوكسفورد؛ فالياباني يقول “آناتا سوقوي” ترجمتها “أنت عجيب” ليستدلوا أن مملكة حِمير اليمنية من آلاف السنين تاجرت في اليابان لتُعلم اليابانيين بغير قصد الضمير المخاطب “أنت”، وأما عن أوروبا فحدث ولاحرج، فهل تعلم أن ما يقوله الإسباني عندما يرى قطاً في شارع؟ يقول “إل قاطو” (El gato) وفي القطن وفاكهة النارنج والكحول يقول: (Cotton- Alcohol-Orange).

نختم بهاتين الحقيقتين العلميتين، في علم الجينات الوراثية، إذا هاجر الأفارقة إلى أي قارة، فإنهم الشعب الوحيد القابل للتكيف البيولوجي إلى درجة التحول من لون إلى لون، لأن تركيب جيناتهم هو الأغنى عالمياً بالكرومزونات، وكذلك فإن “العربية” هي الأعقد عالمياً، وهي الوحيدة القابلة لإنجاب كل اللغات… وعلى ذلك فهي آدم اللغات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock