كتاب أكاديميا

التعليم العالي ..السكة سد يا سمو الرئيس بقلم: د. عبدالله يوسف سهر

التعليم العالي …. السكة سد يا سمو الرئيس
كتب بتاريخ ٢٣ اغسطس ٢٠٢١ في عهد سمو رئيس الوزراء السابق، ونعيد كتابته لسمو رئيس الوزراء الحالي.

 

من المعرف قديماً بالكويت بأن بعض الطرق الصغيرة بين الفرجان لا تؤدى الى طريق آخر بل هذه الطرق مسدودة في نهايتها. ولعل ذلك الانسداد في الزقاق القديمة هو نتيجة لبناء البيوت بشكل عشوائي غير مخطط وفقاً المعمول به حديثاً. كان الغريب على الحي اذا دخل احد هذه الفرجان يبحث عن بيت او جادة اخرى ينتهي به المطاف الى طريق مسدود ليضطر للعودة مرة اخرى الى حيث ما دخل. الوضع حينها كان طبيعي بالنسبة لمن لا يعرف الطريق لذلك فهو لا يعاود الخطأ مرة اخرى ولا يسأل ذات الاشخاص الذين ارشدوه الى هذا الطريق المسدود.
المنطق المجرد والتعلم من الخطأ امران ضروريان للقيام بالعمل الصواب، لكن تكرار الخطأ والاصرار عليه يبرهن على وجود عقلية جامدة غير خلاقة ولا تتعلم من الاخطاء السابقة ولا تتبع المنطق في بناء المعرفة.
التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاصة يعاني من مشاكل كثيرة وكبيرة وخطيرة، والكل متفق على ذلك بما في ذلك سمو الرئيس (السابق) الذي تحسب له الاشارة الصريحة بهذا الشأن حيث نوه الى وجوب ” انقاذ التعليم” وهي عبارة تؤكد على ان التعليم يواجهه مشكلة حياة.
وحينها اشار الى وجود خطة لانقاذ التعليم محدداً الخلل بين مخرجات التعليم وسوق العمل ومشكلة تزايد عدد الطلبة الخريجين من الثانوية وضرورة بناء جامعة اخرى الى جانب تدهور تصنيف جامعة الكويت.
إن مواجهة هذه المشاكل وغيرها تحتاج الى عقليات جديدة لديها فكر ومنطق متجرد من شأنه ان تشخص المشاكل القائمة بكل جرأة وصدق. الذي يحصل يا سمو الرئيس ان هذه المشاكل التي اورثتها الينا العقليات القديمة هي ذاتها التي تهيمن حالياً لتشخص المشاكل والحلول لها! فهل ذلك منطقي! اذا كانت هذه العقليات تعترف بوجود الفجوة بين سوق العمل ومخرجات التعليم ولا تزال تصر على انتهاج ذات المسار في البعثات والتخطيط التعليمي، فهل ترتجي منهم الحل الذي ينقذ التعليم يا سمو الرئيس؟ ان احد الاسباب الرئيسية التي اودت بمستوى التعليم هو دخول عقليات الرأسمال والبزنس التعليمي على مفاصل اتخاذ القرار في المؤسسات التعليمية، وهي لا تزال على وضعها.
يا سمو الرئيس التعليم لا يستقيم امره اطلاقاً من الباحث عن المصالح التجارية او السياسية. هذه الحقيقة التي ايقنتها دول كثيرة فخلصت التعليم التجاري والمصالح السياسية من التعليم الحقيقي، فنهضت بمستويات مخرجاتها التعليمية وحسنت من مستوى مؤسساتها التربوية.
ملخص القول يا سمو الرئيس، ان الاستعانة بذات العقليات وبذات النهج والطرق التي تتبعها في اختيار القيادات التعليمية وتطوير مناهجها سوف ينتهي بسكة سد! دليلنا على ذلك، هو ما يجري في اختيار مدير جديد لجامعة الكويت وتغيير قانون التعليم العالي والعبث في البعثات وخضوع القرار التعليمي للمصالح التجارية والمقاربات السياسية، هذه كلها ظواهر سلبية ادت الى ما نحن فيه وان لم تتغير فالسكة حتماً ستكون في نهايتها سد.
اكتب اليك يا سمو الرئيس، وانا ناصح محب لك أمين، وان اردت التأكد مما ذهبت اليه فما عليك الا ان تجري مقابلات مع بعض اعضاء هيئة التدريس في الجامعة والتطبيقي ممن يشهد لهم بالموضوعية والنزاهة والتجرد ليقولوا لك الحقيقة بعيدا عن مقاربات وترهات البعض من المتزلفين والمستفيدين الذين يتناوبون على لعبة الكراسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock