أخبار منوعةقسم السلايدشو

إعادة الهيكلة البيئية.. طريق لرؤية «كويت جديدة»

يهدد التغير المناخي والتدهور البيئي التنمية الاقتصادية بمختلف أنشطتها في جميع أنحاء العالم، وفي نفس الوقت التوجه نحو الاقتصاد البيئي يعد خطوة مهمة في تنويع مصادر الدخل، ما يخلق فرصا للتقنيات الجديدة والاستثمار والوظائف الجديدة، بالإضافة إلى المحافظة على صحة البيئة والإنسان. تغيير سياسات البيئة وإدارة الموارد الطبيعية مرتبط بإجراء تغييرات هيكلية وجذرية في كل قطاعات الدولة، وتحتاج الكويت إلى استراتيجيات فعالة تجمع بين الطاقة والبيئة والتعليم وأهداف تنمية المهارات والسياسات في جميع الوزارات المسؤولة من أجل التكيف مع آثار التغير المناخي والتحول إلى الإنتاج والاستهلاك النظيف والمستدام.

نظرة متكاملة

احد اركان رؤية كويت جديدة 2035 المعنية بالشأن البيئي هي «البيئة المعيشية المستدامة» و«اقتصاد متنوع مستدام» وأغلبية المشاريع التي تقع تحت هذين الركنين متأخرة أو ملغاة، ومثال على ذلك إلغاء مشروع الدبدبة للطاقة الشمسية بحجة جائحة كورونا. العوائق التي تمنع تحقيق الأهداف البيئية لرؤية كويت جديدة تتمثل في غياب مظلة شاملة للسياسات البيئية الوطنية والتي تعتبر القوانين البيئية جزءا منها، فالسياسة البيئية الوطنية يجب أن تكون متكاملة ومندمجة مع الاستراتيجيات الاقتصادية للتنمية المستدامة واستراتيجيات التعليم لتأصيل الوعي والتربية البيئية للأفراد والمؤسسات. وتساهم مظلة السياسات البيئية في دفع الأجندة الخضراء وتغير سلوك المستهلك وتحفيز القطاعات المختلفة وقوى السوق نحو التنمية المستدامة بغض النظر عن تغير القياديين وأصحاب المناصب، فتظل هذه السياسات سارية التنفيذ وغير مرتبطة بآراء أشخاص معينة على جميع مستويات الدولة، وعلى سبيل المثال، مع استقالة رئيس المجلس الأعلى للبيئة الشيخ ناصر صباح الأحمد في نوفمبر العام الماضي تم إيقاف أعمال المجلس والخطط الاستراتيجية بالرغم من اهتمام المجلس بواجهة القضايا البيئية آنذاك.

استراتيجيات صورية

وهناك فراغ كبير في سن الاستراتيجيات البيئية على المستوى المحلي على المدى القصير والبعيد، حيث تتطلب هذه العملية خبرات في مجال سياسة البيئة ودراسات شاملة وفريقاً من المختصين لمتابعة وتقييم مخرجات الإستراتيجيات، فمواد متعددة في قانون حماية البيئة تنص على وضع الاستراتيجيات ولكن لا نرى لها أي أثر فعال. علاوة على ذلك، فإن آليات تحديد المهارات البيئية واستحداث المهن الخضراء وتوفيرها في الهيئة العامة للبيئة والجهات الحكومية الأخرى لا تواكب بنود قانون حماية البيئة في الكويت رقم 42 لسنة 2014 والتحديات البيئية التي تواجهها الدولة. على سبيل المثال تلزم المادة 119 من قانون حماية البيئة الوزارات والهيئات الحكومية بوجود إدارات بيئية لتطوير الأداء البيئي في الكويت لكن أغلب هذه الإدارات جامدة وليس لها خطط ملموسة. وفي حالة وجود الآليات لدراسة وصناعة السياسات البيئية نلتمس من حال البيئة الكويتية أنها سياسات مفككة أو لا تلاقي تطبيقا حازماً.

قصور مؤسساتي

بالمثل الوزارات والهيئات والمؤسسات المعنية بالتعليم والتدريب عادة لا تشارك في صناعة وتنمية السياسات البيئية. فلا يزال تخصص علوم البيئة غير مدرج كتخصص رئيسي في كلية العلوم في جامعة الكويت بحجة محدودية المسميات الوظيفية في ديوان الخدمة المدنية وافتقار سوق العمل للوظائف البيئية، كما لا يوجد ربط بين خطط ابتعاث التعليم العالي وديوان الخدمة المدنية وسوق العمل الحكومي والخاص، حيث يعاني خريجو البعثات الخارجية بتخصص هندسة وعلوم البيئة من البطالة وهدر للمهارات والطاقات البيئية. المشكلة ليست في عدم وجود الفرص الوظيفية، يمكن لأي وظيفة ان تتعلق بمجال البيئة والاستدامة، فمجال علوم البيئة متنوع ويدخل في جميع القطاعات كالصحة والاقتصاد والهندسة والعلوم الاجتماعية وغيرها، المشكلة تكمن في وضع سياسات تربط التنمية المستدامة والوعي البيئي بالتعليم والتدريب والاقتصاد على جميع مستويات الدولة، بدءًا بالتعليم من الطفولة المبكرة، فالتعليم هو الخطوة الأولى التي تشكل سلوك الفرد تجاه البيئة. أيضا الاقتصاد جزء لا يتجزأ من الاستدامة البيئية وأحد العوامل الأساسية التي تدفع قوى السوق نحو أجندة التخضير بتطبيق الاقتصاد البيئي وفرض الأدوات الاقتصادية كالضرائب البيئية على الشركات الملوثة Green Tax.

اقتصاد ريعي

رغم أن متوسط عائد الفرد في الكويت من الأعلى عالمياً تظل البيئة في الكويت في تدهور مستمر نتيجة السياسات الاقتصادية الضيقة المبنية على أسس الاقتصاد الريعي الذي يستمد ضخه من النفط كمصدر أحادي للدخل، وفي المقابل الدول المتقدمة التي تمتلك متوسط عائد للفرد مقارباً للكويت كالنرويج نجد أن مستويات التلوث فيها منخفضة جداً وتتمتع بجودة حياة عالية. معظم المشاريع العملاقة والتوسعة العمرانية في الكويت مثل جامعة الكويت الجديدة في الشدادية ومنطقة المطلاع السكنية لا تأخذ بعين الاعتبار الآثار المترتبة على البيئة أو الحلول الهندسية البيئية لتوفير الطاقة كالمباني الخضراء والنقل الجماعي برغم من فرض دراسات المردود البيئي خاصة بعد مرحلة التشغيل، ويرجع ذلك إلى غياب السياسات البيئية في الهيكل الاقتصادي للدولة وفي حال استمرارها بهذا النهج ستستنزف مواردنا الطبيعية وستستمر الانتهاكات البيئية.

قصور تنفيذي ورقابي في هيئة البيئة

من أسباب تدهور البيئة في الكويت قصور الهيئة العامة للبيئة في أدائها الرقابي والتنفيذي لأسباب عدة من أهمها غياب الاستقلالية التامة للهيئة في الهيكل الحكومي حيث تظل الهيئة بلا أنياب تحت سلطة وزارة التنمية والتخطيط والمجلس الأعلى للبيئة بنفوذ محصور مقارنة بميزانية وموارد الوزارات الحكومية والشركات الكبيرة الملوثة كشركة نفط الكويت. وتعاني الهيئة من تداخل الصلاحيات غير الواضحة مع البلدية والوزارات والهيئات المختلفة، وتفتقر للموارد البشرية، والخبرات والقيادة اللازمة لوضع السياسات البيئية وتطوير أداء الإدارات البيئية التي هي من بين العقبات التي تعيق ربط تنمية الموارد البشرية مع الاستراتيجيات البيئية.

4 تأثيرات لإعادة الهيكلة البيئية حماية البيئة الطبيعية والأنظمة الايكولوجية البرية والبحرية. تطوير التشريعات البيئية وضمان العدالة البيئية للجميع. تأصيل القيم والتربية البيئية عند الأفراد والمؤسسات. خلق سوق عمل أخضر يوفر فرص عمل جديدة ويرشّد الطاقة. د. ريم العوضي (قسم علوم الأرض والبيئة، جامعة الكويت، دكتوراه في علوم البيئة وسياساتها).

المصدر:
القبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock