سوسن إبراهيم تكتب: مكيالان وأكثر!
لماذا نلمس الفساد عند السياسيين أكثر من غيرهم؟ السبب لأن أغلبهم يكيلون الأمور بمكيالين وأكثر فنادرا ترى من يكتفي بمكيال واحد. أي أنهم يملكون معايير مزدوجة تجعلهم متذبذبين فيما يتعلق بمبادئهم بالأحرى هم لا يعترفون بالمبادئ بل بالمصالح. فالأخيرة هي الأولوية لديهم. فتراهم مع قرارات ودبلوماسيات دول أيا تكن، مجحفة كانت ام عادلة فقط لأن هناك بالجانب الاخر مصالح واهتمامات بيد صاحب السلطة والقرار. او مع الظالم اذا كانت المصلحة بيده وضد المظلوم اذا ما كانت المصلحة بعيدة منه. وهذه المكاييل التي يُكال بها ليست حكرا على السياسيين بل تراه بأوجه عدة وفي مؤسسات كثيرة منتشرة بدول العالم بلا استثناء وبيوتنا كذلك ليست ببعيدة عن هذا المفهوم.
وبعيدا عن السياسة وهمومها، تناقشت منذ فترة ليست بالبعيدة مع زميلتي عن قضية شائكة في المجتمع، حيث تطاير الشرر من عينيها معارضة ومساومة وحريصة كل الحرص على تأكيد مدى احباطها من تداول فعل معين، وتعجبت لصمودها وانفرجت اساريري لشخصيتها المتقدة وحادة الذكاء وبعد نقاشنا هذا رأيتها تمارس نفس الفعل الذي رفضته رفضا قاطعا عند محاورتي معها؛ معللة ذلك بانه شر لابد منه..
ومن هذا المنطلق فإن اتباعنا لهذه “الفلسفة” أو هذا المفهوم _ازدواجية المعايير_ ما هو إلا شكل من أشكال النفاق الاجتماعي المزري الذي يُحرّم ويحلل في حدود مصلحته. يؤطر الأمور لتناسب وضعه وحالته ومن بعده الطوفان اذا فكر بغيره أصلا!
أن يتغير مسلكك وتتغير مفاهيمك للأمور أمر جائز بل وضروري لكي تصبح أفضلا من ذي قبل قادرا على مواكبة متطلبات العصر وتطورات الحياة وهذا التغيير بالمبادئ وأسلوب الحياة حتى، هو اعتراف مهم بجديّة التطوير والتعديل ولكن أن ترفض مبدأ معين وتُقبل عليه من جهة أخرى، ما هو الا افتراء بحق النفس وجريمة بحق الآخرين لأنه بذلك يشوه المبادئ الانسانية المتعارف عليها والمتداولة بل ويزعزع المجتمع ويحبط مسعاه بالتقدم ويخل بروابطه.
سوسن إبراهيم