طفل انطوائي دون شهادة.. سبعة مفاهيم خاطئة عن التعليم المنزلي
يستيقظون مبكراً لتجهيز أغراضهم قبل الذهاب إلى المدرسة، ويودعون آباءهم ليمكثوا في مكان يضم العديد من الأطفال عدة ساعات، يدرسون فيه علوما مختلفة حتى عودتهم مرة أخرى إلى البيت، بينما هناك آخرون ارتبطت العملية التعليمية لديهم بمكان معيشتهم، ليصبح المنزل مدرستهم، يتعرفون فيه على معلومات جديدة ويكتسبون مهارات متنوعة عن طريق وسائل عديدة حولهم.
التعليم المنزلي عالم واسع، لا يعرفه إلا من سلكوا طريقه أو طرقوا بابه، ولكن من دون ذلك لا يزال لغزا محيرا للكثير من الآباء الذين ارتبط عندهم التعليم بالمدرسة، وأن البيت يكمل النواقص. وكلما انتشر التعليم المنزلي ازدادت أصابع الاتهام نحوه واختلطت المفاهيم التي تحتاج إلى توضيح أو تصحيح في بعض الأحيان.
1- نشأة طفل انطوائي
تقول إيلي فتحي، مؤسسة مؤتمر “حياتي مدرستي” -وهو أول مؤتمر باللغة العربية عن التعليم خارج نطاق المدرسة- إن من أكثر الشائعات المثارة حول التعليم المنزلي، عدم الاختلاط بالأقران، والاكتفاء بمجتمعهم الصغير الأقل عددا.
وهذا عكس الواقع، فاكتساب المهارات الاجتماعية لدى الطفل لا يرتبط بوجوده وسط أطفال في مثل عمره كما يوجد في المدارس، وإنما بخروجه مع أمه (معلمته) والتعامل مع أمور الحياة المختلفة كالتسوق ومقابلة مجموعات أخرى في التعليم المنزلي بشكل دوري، والاحتكاك بأطفال أكبر أو أصغر منه وممارسة أنشطة متنوعة معهم.
كل ذلك يكسب الطفل مهارات اجتماعية لا تتوافر في المدرسة حيث الالتزام بقواعد الجلوس في الفصل دون كلام إلا بإذن، بل وقوع العقاب عليه إذا خالف ذلك. لكن في التعليم المنزلي لديهم حرية التعامل مع جميع الأطفال في أي وقت يريدون دون قيود، وحرية الحركة والانطلاق والتغيير، فتجدهم رحماء بالصغار ويحترمون الكبار.
2- تعليم دون شهادة موثقة
تشير إيلي إلى أن هذا الأمر يختلف من بلد إلى آخر تبعا لتقبلها للتعليم المنزلي، ففي بريطانيا على سبيل المثال، هناك انتشار واسع له، ويمكن للطفل المتعلم منزليا بعد بلوغه 11 عاما أن يكمل تعليمه للحصول على الشهادة الإنجليزية (جي سي إس إي) في أحد المراكز المعتمدة ودفع رسوم الاشتراك بالامتحانات.
وبعد اجتياز الامتحانات يمكنه الالتحاق بالكليات أوالجامعات بمستوى “أي” (A Level)، حسب نظم التعليم الجامعي في أوروبا وأميركا، وهناك من يفضل التقديم فيما يعرف بالـ”بورتفوليو” لمن لديهم اهتمامات عملية أكثر، مثل التقديم لكلية الفنون.
ولأن المتعلمين منزلياً مميزون -بحسب إيلي- فإن الجامعات البريطانية تضع في الحسبان أن ينضم إليها نسبة منهم، حيث لاحظوا أن المتعلم منزليا قادر على عملية البحث والتعلم الذاتي بشكل أسهل وأسرع ممن تعلم في المدارس.
أما في بعض الدول العربية، فيقوم الأهالي المغتربون الذين يدرسون أطفالهم منزليا، بالتسجيل في الوزارة ودخول الامتحانات فيها.
كما ظهر مؤخراً ما يسمى بـ”التعليم الموازي”، حيث يلتحق الأبناء بالمدارس دون اهتمام وتركيز من الأهل بالنتائج الدراسية التي يحصلون عليها، ثم في الإجازة الصيفية يدرسونهم منهج التعليم المنزلي.
وفي مصر يلتحق الأطفال الذين يرغب أهلهم في تعليمهم منزليا بالمدارس بصورة عادية، لكنهم لا يواظبون على الحضور إلا قليلاً، ويتعلمون منزلياً ثم يمتحنون مع باقي الطلاب في المدرسة.
3- تعليم مكلف مادياً
وتؤكد إيلي أنه لا يمكن التعميم بشأن ارتفاع التكاليف، لأن هذا يعتمد على المنهج الذي يتبعه الأهل، فهناك أنواع كثيرة منه وفلسفات مختلفة.
مثل الكتب الخاصة بالتعليم المنزلي، أو المواقع الإلكترونية، أما طريقة “المونتسوري” الشهيرة فتحتاج لأدوات تعليمية كثيرة مثل الوسائل الحسية التي يتعلم منها الطفل مهارات مختلفة، وعادة ما تكون مكلفة مادياً إلا إذا صُنعت في البيت. ولكن في النهاية إذا قورنت بمصروفات المدارس فسيكون التعليم المنزلي أقل كلفة.
4- كيف تصبح الأم معلمة؟
أضافت إيلي أن الأهل عندما يتخذون قرارا بتغيير نظام تعليم أبنائهم من المدارس إلى التعليم المنزلي، نطلب منهم ضرورة إخراج فكرة المدرسة من مخ الطفل وكل ما يدور حولها من مفاهيم، وهو ما يعرف بـ”ديسكولينغ”، وبعدها يبدأ الطفل باكتشاف ما حوله وفي نفس الوقت يحاول الآباء أيضاً استيعاب نمط تعليمي جديد بعيد عن الذي اعتادوا عليه من قبل، واكتشاف أهمية التعليم الذاتي، وكيف يستطيع الطفل الوصول إلى إجابة عن أسئلته بنفسه دون طلب المساعدة، وتصبح الأم متعلمة مع ابنها وليست معلمة، حيث تتعرف معه يوماً بعد يوم على معلومات وطرق جديدة في طلب العلم.
5- ماذا لو فشلت التجربة؟
تشير إيلى إلى أن الطفل أو الأهل إذا لم يستطيعوا تكملة الطريق في التعليم المنزلي، فبإمكان الطفل العودة مرة أخرى إلى المدرسة التي عادة ما تعد له اختباراً بسيطاً لتحديد مستواه التعليمي.
6- أمهات مؤهلات بالفطرة
السؤال الذي يثير مخاوف الأمهات هو: هل تصلح كل أم أن تقوم بدور المعلمة المنزلية؟ تقول إيلي إن التعليم المدرسي ظاهرة جديدة في عمر البشرية، بل إن التعليم المنزلي هو الأمر الطبيعي، لكن المقدمين على التعليم المنزلي يحتاجون إلى بحث جيد جداً، ووجود دعم نفسي ومعنوي للأم، بالإضافة إلى وجود رؤية واضحة لما هو الهدف من التعليم المنزلي؛ وربما لا تستطيع كل أسرة الالتزام بالتعليم المنزلي ربما لظروف عمل الوالدين.
7- ظروف خاصة
وكما لا تصلح كل الأمهات للقيام بدور المعلمة، فإن التعليم المنزلي لا يتناسب مع بعض الأطفال من ذوي الظروف الصحية الخاصة، ولا سيما إذا كانت لديهم صعوبات تعلم ويحتاجون إلى مختصين وإشراف طبي وسلوكي، بينما الأهل غير قادرين على القيام بهذا الدور معهم.
المصدر : الجزيرة