كتاب أكاديميا

رئيس رابطة التعليم التطبيقي … و«مضاجعة الأوهام»!

 

 

ابتداءً، وللفائدة، فإني استعرت عبارة «طول مضاجعة الأوهام» من العالم اللغوي محمود محمد شاكر الذي وصفه لنا أستاذنا في البلاغة توفيق الفيل بأنه خير من يستوعب النص التراثي الأدبي القديم، كما أنه أحد أهم خصوم طه حسين ومن أبرز نقاد أطروحاته.
جاءت عبارته «مضاجعة الأوهام» في كتابه «نمط صعب ونمط مخيف» في معرض رده على أستاذ الفلسفة الألمانية عبدالغفار مكاوي في ستينيات القرن الماضي أثناء معركة أدبية ثرية.
كتبت مقالاً في جريدة «الراي» الأحد 21 /3 /2018 بعنوان «سقوط دكتور التعليم التطبيقي»، تكلمت فيه عن بعض الدكاترة المستهترين بالمهنة والطلبة والتعليم ممن يتغيبون أكثر أيام الفصل الدراسي.
ومن الطبيعي أن يثير المقال النقدي ردود أفعال متباينة لأسباب ودوافع عديدة تتفاوت في الموضوعية والذاتية، والذي يهمني رد فعل الزميل الفاضل د.سليمان السويط لكونه رئيس رابطة أعضاء هيئة التدريس في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
سأتجاوز وصفه لمقالي في تغريدته بأنه «ركيك» وأنني «أتكسب إعلامياً» من أجل «الشو الإعلامي الزائف» مبتدئاً تغريدته بعبارة «لن أسمح لك»!
هذه قناعاته الشخصية ومن حقه أن يعبر عنها.
لكن دوري سيتمحور في بيان كم المغالطات والأوهام التي تلبس بها صاحبنا وما يترتب عليها من مفاسد.
فأقول: جميل جداً ومن الطبيعي أن يبادر رئيس أي نقابة أو رابطة بالدفاع عن من يمثلهم، فيحمي سمعتهم ويطالب بحقوقهم ويسعى إلى تطوير المؤسسة التي ينتسب إليها ويقوم بكل ما يخدم منتسبيها الذين أعطوه ثقتهم واختاروه لهذا المنصب كي ينوب في التعبير عن همومهم وتطلعاتهم وشكاواهم.
وبقدر ما سرني سرعة تفاعله مع الموضوع، فقد أحزنني خطابه الرومانسي البطولي الذي يذكرني بخطابات صناعة الطغاة!
ما هذا الذي تفعله بنفسك وبالناس يا رجل؟!
خذها قاعدة «فكر بهدوء وانطلق في التعبير بحماسة».
لكن يبدو أن الزميل العزيز آثر أن يفكر بحماسة ويعبّر بحماسة أكبر كما في تغريداته!
مولانا الدكتور، أليس المفترض كما يعلم جميع الأكاديميين أن رسالة الدكتوراه هدفها الأسمى أن نتعلم منهجية البحث العلمي أكثر من مراكمة المعلومات في الأذهان، ولعل من أكثر المبادئ تداولاً في منهجية البحث الاحتراز من السقوط في «تعميم الأحكام»… لهذا قلت في مقالي النقدي السابق «بعض الأساتذة» ولم أعمم، ولم أقل غالبية أو أكثر الأساتذة. والبعض بمعنى القلة منهم، وحتى عنوان المقال كان «سقوط دكتور» ولم أقل دكاترة، لتأكيد الندرة من أجل استدراك الآفة قبل استفحالها.
لكنك للأسف، وبيقين زائف ورومانسية حالمة، قلت في تغريدتك تعليقاً على مقالي: «أحببت أن أنبهك بأن زملائي أعضاء هيئة التدريس (جميعهم) على قدر عال من المسؤولية والصدق والأمانة والالتزام»!
لم أجد تعليقاً يشخص الفرقعة التي قلتها سوى جملة الفنان سعد الفرج في مسرحية حامي الديار «ودي… ودي أصدق بس قوية قوية». دكتور، هذا هو الوهم بعينه أو خداع النفس أو طغيان العاطفة على العقل ولن أقول «الشو الإعلامي الزائف وتكسب انتخابي وعبارة ركيكة»، وفي الوقت ذاته لا أظنك ممن يأخذ ويعتمد على الكشف الصوفي الوجودي أو الشهودي لتجزم بيقين تعلنه للعالم بأن «جميعهم» بهذا المستوى من الصدق والمسؤولية والالتزام والأمانة!
دكتور، هل بالإمكان إخبارنا وإفادتنا كيف طبقت «الاستقراء التام» لتقذف بهذه النتيجة المثالية الخيالية في وجوه القراء والتي لا تكاد أن تتحقق في مؤسسة بهذه الضخامة ،وأن الواقع والمنطق يكذب هذا التعميم؟!
ثم دكتورنا الفاضل، ألا ترى أن رئيس الرابطة (حضرتك) الذي انتخبه أكاديميون عليه أن يحترم عقول النخبة وألا تكون تصريحاته على طريقة «مانشيتات» نواب البرلمان الذين يدغدغون بها مشاعر ناخبيهم؟!
أيعقل أن يشرعن رئيس رابطة أعضاء هيئة التدريس الفساد؟!
والآن، بكل أريحية أقول، لتختر أيها الزميل د. سليمان المكان والمسؤول الذي يناسبك في الاجتماع به من أجل خدمة المؤسسة التي ننتمي معاً إليها من أجل حماية الطلبة من عبث هؤلاء الدكاترة بالعلم والتعليم التطبيقي الذي لم يطبقوا منه شيئاً!
ولتحدد الموعد الذي يناسبك إن أحببت للاجتماع بمكتب المدير العام أو العميد الذي يروق لك أو مساعده من أي كلية تشاء، ففي الجعبة منوعات لمهازل بعض الدكاترة.
أو تدري دكتور… حيّاك، شرفني بزيارة في الفصول الدراسية واستمع مباشرة من تجارب الطلبة مع (بعض) هذا الصنف المعطوب من الدكاترة!
وكلي أمل بعد أن تستمع إلى أدلتي وبياني وتصغي إلى منطوق الشهود، أن تتحلى بالشجاعة الأدبية وتصحح تصريحاتك التي نشرتها بتغريداتك العجلى!
كي لا تنعم «بطول مضاجعة الأوهام» حسب تعبير المدرسة الشاكرية!
ولا أخفيك، فإن هناك اندهاشاً من بعض زملائك الأكاديميين في المؤسسة ذاتها من مستوى تغريداتك، ليس لأنها لا تليق بأكاديمي يتولى مثل هذا المنصب الثقيل وحسب، وإنما لأنها لا تتفق مع الطبيعة المتزنة التي عُرفتَ بها يا دكتور.
فكان تحليل البعض أنه ربما يمهد للترشح لانتخابات أوسع مستقبلاً، قلت لهم إن بعض الظن إثم، لكن تغريدات الدكتور مخجلة لا أقبلها ولا أرضاها من رئيس رابطة طلبة ثانوية لهشاشتها!
النقد مطلوب وضروري، ولكن بالنقد يكشف الإنسان، ليس فقط مدى دقة منهجيته، بل تفصح عن طبيعة نضجه الانفعالي!
لقد شكا الناس من هبوط مستوى الرياضة والفن، فلماذا تزيد المجتمع إحباطاً بالماكياج الذي تقوم به لتزيين القبح الأكاديمي.
وأطمئنك مولانا الدكتور، أنا مقاطع لكل الانتخابات، فلم أنتخب بحياتي ولم أذهب يوماً لإعطاء صوتي لمرشح ولا حتى في المستقبل ولا المجلس البلدي ولا رابطة التطبيقي ولا رئاسة القسم ولا جمعية تعاونية ولا جمعية معلمين ولا غيرها.
وأخيراً دكتور، لا يغرك تشجيع الدكتور بدر الخضري في تغريدته في سرعة ردك على مقالاتي، وها أنت رأيت نتائج اندفاعك.
ولقد اتصلت بالدكتور الخضري وقلت له جميل التداول النقدي في مشكلاتنا، ثم سألته من تقصد في قولك بتغريدتك «وكنا نتمنى من العوضي كتابة مقال عن من يترك محاضراته أسابيع ويسافر إلى مختلف دول العالم ليقوم بتسجيل حلقات تلفزيونية لشهر رمضان المبارك»!
ممكن نعرف هذا المتجاوز لنقوم بواجب النصح، فقال مولانا الخضري أنا لم أسمِّ أحداً!
أولاً، كلامك يناقض كلام رئيس الرابطة الذي زعم وشهد وزكى (جميع) الدكاترة على قدر المسؤولية والصدق والأمانة والالتزام!
هل هذا الدكتور الذي ترك محاضراته لبرنامجه الرمضاني يتحمل المسؤولية والأمانة والصدق والالتزام؟!
إنك تهدم تعميم زميلك وتنسف شهادته من حيث تريد نصرته!
قلت للخضري، للعلم حلقاتي الخارجية تكون في عطلة عرفات وعيد الأضحى. وأكون ضيفاً على الجاليات المسلمة وأصلي بهم العيد، ففي عيد خطبت بمسجد السلام أنا وفريق قناة «الراي» بغرناطة في إسبانيا، وعيد آخر كانت صلاتنا بمسجد دولما باتشي في اسطنبول وهكذا.
وبما أن موضوع الفساد فُتح، فكن لنا عوناً يا دكتور سليمان من موقعك لإصلاح ما فسد، لا أن تصرخ على الملأ بكلام غير مفهوم (لن نسمح لك).
والذي سأزيد نقضه في المقالات المقبلة «الدكاترة والأخلاق»… «الدكاترة والانتفاع المادي والحياتي من طلبتهم»!
‏mh_awadi@

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock