كتاب أكاديميا

د. حليمة إبراهيم الفيلكاوي تكتب أسرتي و التوافق الزواجي

تعتبر الأسرة هي البنيان الاجتماعي الأساسي في أي مجتمع، وعلى امتداد تاريخ البشر وباختلاف عقائدهم الدينية وألسنتهم وثقافتهم، كانت الأسرة هي القاسم المشترك بين كل البشر على اختلافهم، فالزواج استجابة فطرية لنداء فطري في أصله هدفه بناء المجتمعات، واستمرار النوع والسلالة، وهو إرضاء وإشباع لنداء الغريزة لدى الطرفين (الذكر والأنثى), وهو العلاقة التي يقرها المجتمع والتي وضع لها الضوابط والمعايير الاجتماعية المنظمة. أما من الناحية النفسية والتكوينية فهو صلة شرعية تقوم على تحقيق الإشباع الجنسي وحفظ النوع في جو من السكينة والاستقرار, وهو سنة حميدة وعلاقة مهمة بين الزوجين تقوم على قيم دينية واجتماعية واقتصادية، وعامل أساسي ينظم بقاء النوع الإنساني، ويرجع ذلك إلى طبيعة الزواج كعملية تفاعلية ومستمرة بين زوجين هما في الأصل شخصين مختلفين عن بعضهما البعض.
فالزواج باتفاق علماء النفس الاجتماعي هو أكثر النظم إثراءً للروابط الإنسانية في المجتمع وبما يعود على الجميع من مزايا على كافة المستويات النفسية والاجتماعية والإنسانية. والزواج كان ولا يزال هو العلاقة الاجتماعية الضرورية للشباب والشابات والتي يباركها الله لأنها الأساس الشرعي السليم لتكوين الأسرة، إلا أن هذه العلاقة قد تواجه الكثير من المشكلات الزوجية والأسرية التي قد تعوق استمراره ومن أهم تلك المشكلات نقص المهارات الزوجية في حياة الأسرة وفي الحياة الزوجية فالذي ينقص الحياة الزوجية هو بعض مهارات الحياة الزوجية .
والحياة الزوجية السعيدة تؤدي– بلا شك – إلى إشباع الحاجات لدى الزوجين- ولعل تلك الحاجات هي التي تدفع كلا منهما إلى الارتباط بالآخر نتيجة قناعة من الطرفين بأن كلا منهما مكمل لصاحبه، وبذلك تتحقق حالة الرضا الذاتي التي تؤدي إلى نجاحات كبيرة في كثير من جوانب الحياة الزوجية ،لذلك يُفترض: أن كلاً من طرفي العلاقة الزواجية سوف يسعى ويعمل على السعادة الزوجية وعلى تحقيق زواج ناجح وتهيئة كل عوامل إنجاح هذه العلاقة الشرعية والإنسانية والاجتماعية. فالحياة الزوجية أصبحت تتطلب الكثير من الجهد العقلي والنفسي والبدني لمواجهة العديد من المشكلات والاضطرابات وعدم الاستقرار نفسياً واجتماعياً وذاتياً، أضف إلى ذلك تأمين المتطلبات يومياً، وهذا بدوره قد يُنسي الزوجين الانتباه لفطرية الزواج وجوانبه الإنسانية .
لذلك فإن التوافق الزواجي ركيزة أساسية في نماء الأسرة واستمرارها ، إذ يؤدي هذا التوافق إلى استمرار حياة بقية أفراد الأسرة واستمرار حياة الأسرة خاصة الأبناء ، لأن غياب التوافق يؤدي إلى اضطرابات ومشكلات نفسية مختلفة لديهم مثل: مشكلات النوم عند الأطفال واكتساب السلوك العدواني وقضم الأظافر والتبول اللاإرادي، التأتأة كما يؤدي غياب التوافق إلى حالة من القلق والاكتئاب عند الزوجين وتفكك العلاقات الأسرية وانهيارها، مما يؤدي إلى عدم استقرار المجتمع على اعتبار أن المجتمع هو مجموع الأسر الموجودة فيـه، لذلك لابد أن يكون هذا التوافق موضع اهتمام ودراية من قبل الزوجين، سواء المقبلين منهم على الزواج أو المتزوجين الجدد، أو حتى من مر على زواجهم عشرات السنين.

د. حليمة إبراهيم الفيلكاوي
أستاذ مشارك

قسم علم النفس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock