“المجتمع العربى الجلاد والضحية “… بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
لا شئ يشقى أى مجتمع إنسانى أكثر مما يصنعه هذا المجتمع بنفسه وفى نفسه والعكس صحيح ، وفى مجتمعنا العربى أنواع الشقاء لا تحصى ولا تعد وخاصة على المستويين الدينى والمجتمعى حيث فن الشقاق والخلاف والتصنيف على أساس دينى ومذهبى وعرقى وقبلى حتى أصبح التمييز والتصنيف كالقنابل العنقودية تتناثر شظاياها لتصيب الحقيقة الإنسانية وقيم العدل والرحمة والتكافل والتراحم فى مقتل ليصبح المجتمع العربى جسد بلا روح ، الجلاد والضحية ، الجانى والمجنى عليه .
وكإنسانة عربية ومسلمة تتمنى الخير والسعادة لأمتها العربية والإسلامية وللعالم أجمع أجد نفسى أمام واقع مؤلم لا نملك فيه إلا أن نخط بأناملنا كلمات صادقة لعل وعسى تكون صرخة تحيى ضمائر لم تمت فحسب ولكن جيفت بفعل هذا التراكم من التمييز الذى يقوم على ثقافة شق الصدور ومحاكم التفتيش فى نفوس الآخرين والرغبة فى الإنتقام لا لشئ إلا لوجود خلل نفسى وقصور عقلى لا يرى صاحبه جنة الإنسانية التى حرم نفسه منها بأكله من شجرة الطائفية والعنصرية البغيضة والتى كلما أكل منها بدت للآخرين سوءته وذلك ما نعاينه مع كل حدث والتى كان آخرها هذا الهجوم الشديد على الراحل فقيد الوطن الفنان عبدالحسين عبدالرضا وعدم تمنى الرحمة والمغفرة له رغم ان الراحل كان شديد البغض للطائفية ولم يبخل بجهد فى توعية المجتمعات العربية والاسلامية من خلال أعماله الرائعة على الحب والإنتماء للاسرة والوطن والدين بدون تفرقة .
لقد وصل الحال بنا أننا أصبحنا نصنف الناس ونحدد بوصلة التعامل معهم من خلال أسمائهم وألقابهم وقد بدت البغضاء من الأفواه وما تخفى الصدور أكبر والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
ولعلى أذكر مقولة الأديب والمفكر السورى محمد الماغوط والذى إنتبه لهذه الثقافة العنصرية التى تصنف شخص من إسمه ولقبه فكتب يقول (سأنجب طفلا أسميه آدم .. لأن الاسامي في زماننا تهمة .. فلن أسميه محمد ولا عيسى ..لن أسميه عليا ولا عمرا .. لن أسميه صداما ولا حسينا .. ولا حتى زكريا أو إبراهيم .. ولا حتى ديفيد ولا جورج ..أخاف أن يكبر عنصريا وأن يكون له من إسمه نصيب .. فعند الأجانب يكون إرهابيا .. وعند المتطرفين يكون بغيا .. وعند الشيعة يكون سنيا .. وعند السنة يكون علويا أو شيعيا .. أخاف أن يكون اسمه جواز سفره .. أريده آدم مسلم مسيحي .. أريده أن لايعرف من الدين إلا أنه لله .. وأريده أن يعرف أن الوطن للجميع .. سأعلمه أن الدين ما وقر في قلبه وصدقه عمله وليس إسمه .. سأعلمه أن العروبة وهم وأن الإنسانية هي الأهم .. سأعلمه أن الجوع كافر والجهل كافر والظلم كافر .. سأعلمه أن الله في القلوب قبل المساجد والكنائس .. وأن الله محبة وليس مخافة .. سأعلمه ما نسي أهلنا أن يعلمونا ..سأعلمه أن ما ينقصنا هو ماعندنا .. وأن ماعندنا هو الذي ينقصنا .. سأعلمه أني بدأت حديثي بأنني سأنجبه ذكر .. لأن الأنثى مازالت توؤد .. وإن الخلل باق في المجتمع العربي ) !! ..
كلمات قوية إقتبستها كاملة لتصل الرسالة لعلها تجد قلوب صاغية تخشى يوما لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، ولنتذكر المقولة الخالدة لسيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه وهو يعظ واليه على مصر مالك ابن الأشتر ( واعلم يا مالك أن الناس صنفان إما أخٌ لك فى الدين أو نظيرٌ لك فى الخلق(.