أخبار منوعة

الأشقاء من التنافس والتشاجر إلى التناغم

بين التعاون والتشارُك والتشاجر والتنافس بين الأشقاء، ينشأ رابط من الثقة  والصداقة مدى الحياة

الأشقاء هم حقل تجارب، فالتعامل معهم تدريب مصغر للتعامل مع العالم الخارجي، منهم ومعهم نتعلم العدل والإنصاف والتعاون والحنان والعطف، مع أنه أحيانًا يكون تعلمًا بالطريقة الصعبة. الفكرة الشائعة بأن الأشقاء ولدوا ليتشاجروا هي محض سخف وحزن. الواقع يقول أن الأخ الكبير يكره الصغير لتطفله، والصغير بدوره يحقد على الكبير للامتيازات التي ينعم بها. ومن الطبيعي أن يتهم معظم الأبناء أبويهم بتفضيل أخ أو أخت عليهم، لكن ما يدعو للتفاؤل أن تلك المشاعر ليست إلا مشاعر قصيرة الأمد وما يستمر هو الإحساس بالحب والولاء في العائلة، فقط إذا تعامل الآباء بالطرق الصحيحة.

من الخطأ تسليم الأهل بمصطلح “التشاجر”، إنما هو “تعلم” و تدريب كيف يتواصلون ويتعاملون مع الغير. الصراع أمر حتمي في العلاقات الإنسانية. مهما وصلت درجة التوافق بين شخصين حتمًا ستأتي لحظة ويختلفون. الكبار يعرفون كيفية إدارة اختلافاتهم، والتحكم في انفعالاتهم، لكن الصغار تعوزهم مجموعة من المهارات؛ كَفهم مشاعرهم والتحكم فيها ومراعاة الاختلافات. بتعامل الأهل بالطرق الصحيحة يتعلم الأبناء أن الضرب أو الأذى لن يفيدهم، وإنما الحوار.

عندما يكون هناك تنافس وشجار دائم بين الأشقاء، تبدأ مشاعر الغيرة والبغض تُبَطِّن العلاقة بأكملها، ومع نشوب أي خلاف بسيط تنفجر المشكلة الأساسية. فمع وجود روح التنافس والتناحر يصعب على الإخوة إدراك أن هناك من الحب ما يتسع لجميع من هم بالأسرة. تقول الكاتبة أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لتلك المشاعر السلبية بين الأشقاء.

أحيانا القلب لا يَسَع الجميع

ينشأ بعض الأطفال في بيوت يعجز الأبوين عن توزيع حبهم على أبنائهم بالتساوي، إذ يفضلون أحدهم على الآخر.عندما يشعر الطفل داخليًا بأنه غير محبوب أو أن والديه يفضلان إخوته عليه، يسعى إلى لفت انتباههم، وغالبًا ما يكون على حساب الأخ المحبوب، ويظهر ذلك جليًا في العنف ضده.

الشجار وسيلة ناجحة للفت الانتباه

في بعض الأسر، يبدو أن الشجار يلفت انتباه الأبوين أكثر من التعامل السلس بين الأخوة. ويرى الأبناء أن لفت الانتباه ولو كان مصحوبًا بالعقاب فهو أفضل من لا شيء. وللأسف يعزز الأبوان هذا السلوك مع كل استجابة ولو كانت بالعقاب.

تعزيز الأبوين للتنافس والشجار

في كثير من الأحيان يشجع الأهل -حتى ولو دون قصد- سلوكًا خاطئًا تجاه أحد الأبناء. فمثلاً قد تجد الأب يشجع ابنه لطرحه أخاه أو أخته أرضًا لتمثيل حركة مصارعة. أو يشجع الأبوان أحد الإخوة لهزيمة الآخر في حين أنه كان الأفضل أن يشجعهما للفوز. فالأصل هو تشجيع الأهل للأبناء على التعاون والفوز معًا، حتى لو كان الفريق الآخر هم الأبوان ذاتهما، فتشجيع الأبوين لأحد الأبناء دون الآخر نهايته سيئة.

أظهرت الدراسات التي أجريت على العلاقة بين الأشقاء أن هناك نمطًا متعلقًا بعلاقات الإخوة ومودة الأبوين واهتمامهم، فالأشقاء الذين يتقاتلون للحصول على الاهتمام ويجبرون على تشارك متعلقاتهم الشخصية مع إخوتهم يصبحون أكثر تعاسة في حياتهم عندما يكبرون، والعكس صحيح. أولئك الذين يتمتعون برابط قوي مع إخوتهم وآبائهم ويشعرون أن آباءهم لبَّوَا احتياجاتهم في مراحل الطفولة والمراهقة يكونون أكثر سعادة من النمط الأول. بل وأكثر سعادة من الأطفال الذين ليس لديهم أشقاء.

إذا كان وجود الأشقاء هو حقيقةً يعني سعادة شاملة في نهاية المطاف، كيف يمكن للآباء خلق جو يؤدي إلى علاقة أُخوُّة مدى الحياة؟ إليكم ثلاث طرق لتعزيز التناغم بين الأشقاء في المنزل:

فرق العمل

تشجيع الأخوة على العمل معًا لحل المشكلات والتغلب على التحديات يمكن أن يكون وسيلة رائعة لتشكيل روابط الصداقة والثقة بينهم في وقت مبكر. فعلى سبيل المثال كونوا فريقين “فريق للأبوين” و”فريق للأبناء” لتتنافسوا، فهم سيتعاونون مع بعضهم لمحاولة الفوز. ويراعي الأبوان في ذلك عدم وضع الإخوة في مقابل بعضهم البعض وتشجيعهم على هزيمة بعضهم البعض.

الوقت الخاص بالعائلة

يعد الحفاظ بصفة دائمة على وقت خاص سواء على مستوى الأفراد أو الأسرة كاملة من الوسائل الرائعة لإظهار كل فرد لباقي الأفراد في الأسرة أنهم مهمون ولهم مكانتهم الخاصة، والوقت المخصص لهم في الأسرة. وتضرب الكاتبة مثلًا في ذلك أن ابنها ذا السنوات الخمس يخصص وقتَ عشرين دقيقة يقرأ فيها لأخته الصغرى كأن يُعَرِفها على الأشكال والألوان والحيوانات في كتاب. وتقول أنه أتاها في أحد الأيام قائلاً بأن أخته تحب قراءته لها مع أنه لا يستطيع قراءة كل الكلمات. فالوقت المخصص للعائلة بمفهومه الشامل أن كل فرد في الأسرة لابد أن يكون له وقت مع باقي أفراد الأسرة. فالأم تقضي بعض الوقت مع الأبناء، في حين يقوم الأب بنشاط ما مع آخر، وأيضا يقضي الأبناء مع بعضهم أوقاتًا خاصة بهم.

الاحترام

خلق جو عام من الاحترام في الأسرة يمتد لتحقيق تناغم بين الأشقاء. تقول الكاتبة أن في أسرتها يحترمون مشاعر الصغار عندما لا يرغبون في مشاركة متعلقاتهم سواء لعبة أو طعام. بل وانتقلوا لِما هو أبعد من ذلك حيث تَقَّبُل رفضهم وعدم استعدادهم للاعتذار من إخوتهم بعد موقف عنيف، سواء عند ضربهم أحد إخوتهم أو أذيتهم. فعلى سبيل المثال، يحترمون عدم اعتذار ابنهم ذي السنوات الخمس لأخيه الأصغر بعدما ضربه. فهو معه بعض الحق، إذ ألقى الصغير لعبة الكبير على  الأرض غضبًا. وبعد قليل دار هذا الحوار بينهم:

الصغير : هل أنت مستعد لتشاركني اللعب؟!

الكبير: لا، أنت ألقيت بلعبتي المفضلة على الأرض.

الصغير :لكنك ضربتني.

الكبير: هل تريد اللعب بهذه السيارة بدل تلك التي ألقيتها؟ يمكنك أن تكون الشرطي وتمسك الأشرار.

الصغير :حسنًا.

الكبير: – بعد حوالي عشر دقائق يقول بعفوية- أنا آسف لأنني آذيتك، هل تريد تلك السيارة؟ أنا انتهيت من اللعب بها.

الصغير: شكرًا

 

فكيف نخلق تناغمًا ونعزز الترابط بين الإخوة؟ اللعب هو أفضل وسيلة لتحقيق ذلك. إليكم بعض الأمثلة:

سلة الغسيل

أفرغي السلة، وأديري مسابقة بين الأبناء. قسميهم إلى فريقين، وعلى كل منهم محاولة وضع اللعب في السلة قبل نهاية الوقت المحدد، مع إتاحة فرصة “الوقت الإضافي” لتخفيف حدة التوتر والمنافسة، ويكون التركيز أكثر على الهدف. احتفلي بالفريق الفائز مع الثناء على روح التعاون والمجهود المبذول من الفريق الآخر. فتلك طريقة رائعة لتنظيف الغرفة، وتعزيز التعاون بينهم، وتشجيع روح العمل الجماعي.

عوائق في الطريق

حددي لهم مسارًا بسيطًا كطريق متعرج، وضعي بعض الوسادات كعوائق. عليهم اجتياز هذا المسار وبطريقة غير اعتيادية، كأن يلمسوا أكتاف بعضهم البعض، أو مسك بالونة بأجسامهم. الهدف منه هو عمل نشاط  يتعاونون فيه للفوز، وبطريقة مضحكة مسلية.

المكعبات

اجعليهم يقسموا المكعبات، ويكونوا فريقين، ويتسابقوا أيُهم يبني أطول برج. شجعيهم على التعاون وتبادل الأفكار وعلميهم التصرف المسؤول كأن تراقبيهم من بعيد وهم يقسمون المكعبات، هل يقسمونها بطريقة عادلة بينهم أم لا؟

الغميضة

تعد أحد الأنشطة الرائعة إذ تتضمن فريقين: الأبوان في مقابل الأبناء. تشجيع الأبناء أن يختبئوا معًا أو أن يبحثوا عن الأبوين  معًا. ألعاب الفريق دائما تُحفِّز الأبناء على التعاون في اتخاذ القرار، ومشاركة أفكارهم، والتعاون على تحقيق هدف واحد.

الأهم خلال تلك الأنشطة وغيرها أن يركز الأبوان على تشجيع العمل الجماعي، والثناء على مجهودهم معًا، مع تجنب مدح أحدهم دون الآخرين.

 

المصدر : ساسة بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock