دراسة علمية تجيب: لماذا يجني الأعسر أقلَّ من الأيمن؟
ينتشر الاعتقاد بأن الأعسر ينعم بمواهب متميزة مثل الذكاء المرتفع أو الطبع الفني، إلا أن هذه خرافة.
بل إن بعض الدراسات تُظهر في الواقع عيوباً إدراكية عند الأعسر (على الرغم من فشل أبحاث أخرى في تأكيد هذا)، وبالنظر إلى رواتبهم، فإن استطلاعات الرأي تُشير إلى تدني رواتب مستخدمي اليد اليسرى عن مستخدمي اليد اليُمنى بنسبة تصل إلى 10%، مما يشير إلى احتمال معاناتهم من صعوبات تنافسية في الظروف التجارية.
في دراسة حديثة نشرت في مجلة PLOS One، حاول مارسيلو سارتريلي من جامعة أليكانتي إعادة إنتاج أوجه القصور، تحت ظروف معملية باستخدام محاكاة لسوق العمل، فيما نشرها موقع Business Insider.
وقد تنافس مستخدمو اليد اليسرى بشكلٍ أقوى من المتوقع، إلا أنّهم أظهروا هنّات مثيرة للاهتمام في الأداء مرتبطة بالشخصية، فرقتهم عن الأغلبية من مستخدمي اليد اليمنى.
فيما جمع سارتريلي 432 شخصاً، 8% منهم من ذوي اليد اليسرى، من أجل المشاركة في لعبة تلتقط جانبين هامين من النجاح في سوق العمل: بذل المجهود المناسب، وعقد صفقات جيدة.
كانت اللعبة معقدة، لكنها تلخصت في عرض بعض المشاركين عقود توظيف على أزواج من المتسابقين الآخرين، ممن لعبوا أدوار “القوة العاملة” في المحاكاة.
كل زوج من القوة العاملة اختار العقد الذي ظنّه سيخرج بالنتيجة الأفضل له. ثمّ يختار كل واحدٍ من الاثنين ما إذا كان سيبذل الكثير من الجهد في محاولة للوفاء بمتطلبات العقد، وهو ما سيستنفذ مواردهم، إلا أنه يأمل في أن يتمخض عن نتائج كلية أفضل، أو أن يبذل جهداً أقل ويأمل في أن يقوم زميله بالعمل.
الجمع بين اختيار العقد بحكمة واختيار الجهد الصحيح لإتمامه بنجاح هو مفتاح النجاح وجني الأموال.
وقد طلب الباحثون من المشاركين استكمال إجراء يقيس ميلهم للتفكير في الأشياء بدلاً من القفز إلى الاستنتاجات (اختبار الانعكاس الإدراكي)، ولم يكن مفاجئاً أن المشاركين الذين فازوا في الاختبار الأول سجّلوا درجات عالية أيضاً في هذا المقياس.
والأهم، وعلى عكس التوقعات، أن مستخدمي اليد اليسرى سجلوا درجات عالية في هذا الاختبار الإدراكي مثل مستخدمي اليد اليمنى.
وعلى الرغم من أن الأداء الكلي الذي لم يكن فيه فرق بين الأيمن والأعسر، إلا أن سارتريلي وجد علاقة مثيرة للاهتمام بين الشخصية والأداء تتفرّد بها العينة التي تستخدم اليد اليسرى.
إذ تُظهر البيانات أنّهم يجنون أرباح أكثر عندما يكونون أكثر انفتاحاً، وأقل عندما يكونون أكثر عصبية، بينما المجموعة التي تستخدم اليد اليمنى -وهي أكبر بعشر مرات مما يعني سهولة تتبع الآثار- فلم يظهر أعضاؤها أي ارتباطٍ مماثل بين الشخصية والعوائد.
وربما يشير هذا إلى أن مستخدمي اليد اليسرى يندرجون تحت أنواع معينة، بعضهم يناسبه أكثر النوع من القرارات الذي تجده في سوق العمل، والبعض الأكثر يناسبه بدرجة أقل؛ كما وجد ستارتريلي أيضاً أنّ مستخدمي اليد اليسرى في المجمل أكثر قبولاً، والنساء منهم أكثر انفتاحاً قليلاً، بالمقارنة بمستخدمي اليد اليمنى.
بالنظر إلى هذه النتائج، ماذا سنصنع باكتشافنا أن الأعسر يعاني في جني الأرباح في عالم الواقع؟ حسناً، ربما شخصية الأعسر الأقل تنافسية -المنطوي والأقل استقراراً عاطفياً- لديها تأثيرات سلبية تتراكم على مدار المسيرة المهنية. فالأشخاص المقبولون أكثر يجنون عوائد أقل، لذا فربما يلعب هذا دوراً.
أما الأمر الأكثر بديهية، هو أن اختلافات الشخصية وجوانب أخرى من أن تكون أعسر قد تؤثر على ما يبدو عليه الأشخاص في عملٍ ما، وستبعدهم في المجمل عن الأعمال ذات الدخول العالية.
على أساس بيانات سارتريلي، فإن أياً من مجالات البحث هذه تبدو أكثر معقولية من النظرية المبسّطة، والتي تقضي بأن الأعسر ليس لديه متطلبات التفوق في سوق العمل.
Huffpost