أخبار منوعة

‎5 أسوأ كوارث نووية في تاريخ البشرية.. 

‎يأخذ الموت أشكالاً متعددة، لكن أخطرها ذاك الذي يتجسد بشكل مفاعل نووي، هذا أبسط وصف للكوارث الناتجة عن انفجار المفاعلات النووية. 

‎الكوارث الناجمة عن مشاكل المفاعلات النووية هي الأسوأ، والأكثر تدميراً لحياة البشر، وتلويثاً للبيئة بكل أنظمتها، حيث يموت بسببها آلاف البشر وآلاف غيرهم يُشوهون، ومثلهم يُشردون بسبب التهجير القسري للمناطق المنكوبة.

‎لقياس مقدار الضرر، والأذى الناتج عن الكوارث النووية، قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام 1990 بتصميم ما يُسمى المقياس الدولي للحوادث النووية. الذي يشبه إلى حد ما مقياس “ريختر” لقياس قوة الزلازل. وينقسم إلى 8 مستويات، من المستوى صفر، الذي يمثل عطلاً في المفاعل النووي، وصولاً للمستوى السابع، الذي يمثل كارثة.
‎والتاريخ يمتلئ بالحوادث النووية، التي تسببت في ضحايا بشرية، وخسائر مادية تُقدر بمليارات. والقائمة القادمة تحتوي على أسوأ الكوارث النووية الفاجعة، التي خلَّفت وراءها آثاراً لم تُمح حتى الآن:

‎1) كارثة كياشتيي في الاتحاد السوفييتي – 29 سبتمبر/أيلول 1957:

‎أكثر الكوارث النووية تعتيماً في التاريخ، هي كارثة تحطم محطة ماياك النووية بمدينة أوزايورسك في روسيا. فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سعى الاتحاد السوفييتي لتدعيم ترسانته النووية؛ فأنشأ مجموعة من المفاعلات والمحطات النووية، التي لم يراع في إنشائها الالتزام بمعايير السلامة، سواء ما يتعلق بالعاملين بها، أو حتى للسكان المقيمين على مقربة من هذه المفاعلات.

‎وكانت محطة ماياك النووية من ضمن ما أنشأه الاتحاد السوفييتي السابق”. وحاول السوفييت فرض أكبر قدر من السرية والتعتيم على تلك المفاعلات، التي كانت أحد أسلحة السوفييت في حربهم الباردة مع الولايات المتحدة الأميركية.

‎وفي 29 سبتمبر/أيلول 1957، تعطَّل نظام التبريد الخاص بالخزان الذي يحتوي على ملايين الأطنان من المخلفات النووية للمحطة، وبدأت درجة حرارة الخزان ترتفع بشدة، قبل أن ينفجر في النهاية. 

‎وأطلق الانفجار كميات كبيرة من الإشعاع النووي، التي امتدت إلى 15 ألف كيلومتر، وتسببت في قتل 200 شخصاً، وتعرض الآلاف للإشعاع النووي.

‎ولم تقم الحكومة السوفييتية آنذاك بإخلاء المنطقة المحيطة بالمحطة النووية من السكان إلا بعد مرور أسبوع على الكارثة، كما منعت الحكومة تسريب أي معلومة أو تقرير عن الكارثة، وفرضت حالة من التعتيم الكامل على ما جرى. 

‎وبالرغم من كل هذا التعتيم فإن مجموعة من التقارير التي ظهرت بعد ذلك كشفت إصابة الكثيرين ممن تعرضوا للإشعاع النووي بإصابات غريبة، حيث تتساقط أجزاء من أجسادهم وجلودهم.

‎ولم يتم الكشف عن الحادثة إلا في العام 1979، عندما قام الفيزيائي السوفييتي المنفي زهورس ميدفيديف، بفضح تعتيم الحكومة السوفييتية على الكارثة، بينما لم يتم كشف حقيقة ما حدث بشكل رسمي إلا عندما تم الإفراج عن التقارير الخاصة بالحادثة.

‎تم تصنيف الكارثة عند المستوى السادس وفقاً للمقياس الدولي للحوادث النووية، وسُميت الحادثة باسم “كياشتيم”، لأن مدينة أوزايورسك لم تكن موجودة بشكل رسمي على الخرائط وقت وقوع الحادثة.

‎2) حادثة مفاعل Windscale البريطاني – 7 أكتوبر/كانون الأول 1957:

‎أسوأ الكوارث النووية في تاريخ بريطانيا، هي كارثة المفاعل النووي “Windscale” في كمبرلاند، ففي 7 أكتوبر/كانون الأول 1957، وأثناء قيام العاملين بالمفاعل بأعمال الصيانة الروتينية اكتشفوا ارتفاع درجة حرارة أقطاب الغرافيت بالمفاعل، ثم اشتعلت الحرائق بالمفاعل، واستمرت الحرائق لمدة 5 أيام متتالية.

‎تسبب الإشعاعات النووية الناتجة عن الانفجار في إصابة الكثيرين بالسرطان. وكإجراء وقائي لتفادي تفاقم آثار الكارثة، منعت الحكومة البريطانية بيع وشراء الألبان من المزارع المُحيطة بالمفاعل لمدة شهر. وتم تصنيف الكارثة عند المستوى الخامس للمقياس الدولي للحوادث النووية.

‎وقد تم إغلاق المفاعل بعد أن تم تطهير المنطقة المحيطة به من الإشعاعات النووية، وتم بناء مفاعل جديد مكان المفاعل القديم وسُمي المفاعل الجديد Sellafield.

‎3) حادثة محطة توليد الطاقة النووية بجزيرة Three Mile الأميركية – 28 مارس/آذار 1979:

‎كانت الكارثة النووية الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية كارثة تسرب الغازات المشعة من محطة الطاقة النووية بجزيرة Three Mile في ولاية بنسلفانيا.

‎ففي 28 مارس/آذار 1979، حدث خلل في نظام التبريد الخاص بقلب المفاعل، مما أدى إلى زيادة ضغط وحرارة قلب المفاعل. حاول العاملون بالمفاعل حل المشكلة، فقاموا بفتح صمام يسمح بتدفق المياه لقلب المفاعل لتبريده. وكان من المفترض أن يُغلق الصمام ذاتياً، لكنه استمر في ضخ المياه؛ مما أدى إلى تعطل نظام التشغيل الرئيسي للمحطة.

‎وبعد العديد من المحاولات، تم وقف تسرب المياه، وإعادة تشغيل المفاعل، ولكن بعد أن تسربت كميات كبيرة من الغازات المُشعه مثل: الكريبتون، والزينون، واليود. وصُنفت الكارثة عند المستوى الخامس في المقياس الدولي.

‎ورغم عدم حدوث أية إصابات، أو وفيات، فإن هناك اعتقاداً بأن نسبة الإصابة بالسرطان، ونسبة الوفيات بين الأطفال الرضع ارتفعت في جزيرة Three Miles بسبب التسرب الإشعاعي، على الرغم من تأكيد الشركة المالكة للمحطة النووية أنه ليس هناك تأثير يُذكر للتسرب.

‎كما تسبَّبت الحادثة في اندلاع العديد من المظاهرات والاحتجاجات المطالبة بإغلاق جميع المفاعلات والمحطات النووية في أميركا. وكان للحادثة دور محوري في الالتزام بتطبيق معايير السلامة، والاستعداد لحالات الطوارئ عند إنشاء المحطات النووية في الولايات المتحدة.

‎4) حادثة مفاعل فوكوشيما في اليابان – 11 مارس/آذار 2011:

‎من أسوأ الكوارث النووية في القرن الحادي والعشرين كارثة مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان، ففي 11 مارس/آذار 2011، حيث حدث زلزال بقوة 9 ريختر، تسبب في موجات تسونامي، ضربت الساحل الشرقي لليابان.

‎وكان من ضمن ما تأثر سلباً بهذا التسونامي مفاعل فوكوشيما النووي، حيث تسبب الزلزال في تعطل نظام الغلق الأوتوماتيكي للمفاعل، واستمر ارتفاع درجة الحرارة في قلب المفاعل، في الوقت الذي تعطل نظام التبريد المسؤول عن تخفيف حرارة قلب المفاعل.

‎وحدث تسرب بكميات كبيرة لغاز الهيدروجين؛ مما ساعد على حدوث العديد من الانفجارات في المفاعل. وفي النهاية استخدم المختصون في المفاعل مياه البحر لتبريد قلب المفاعل المشتعل.

‎في البداية حدث تقييم مبدئي لحجم الكارثة، وتم تصنيفها على أنها في المستوى الخامس من المقياس الدولي، لكن بعد ذلك قام مجموعة من الخبراء بإعادة تقييم الحادثة، ووجدوا أن الكارثة ترتفع إلى المستوى السابع، وليس الخامس، على المقياس الدولي.

‎وعلى الرغم من تسبب موجات تسونامي في العديد من الخسائر البشرية، والمادية، فإن الحكومة اليابانية تعاملت مع كارثة مفاعل فوكوشيما بشكل احترافي، جعلت الوفيات الناجمة عن الكارثة تنحصر في شخصين فقط من العاملين بالمفاعل، لكن رغم ذلك تسبب التسربات الإشعاعية في تلوث المياه والغذاء في المنطقة المحيطة بالمفاعل.

‎5) كارثة مفاعل تشيرنوبل النووي في الاتحاد السوفييتي – 26 أبريل/نيسان 1986:

‎كارثه نووية أخرى في الاتحاد السوفييتي السابق، وهذه المرة مع واحدة من أسوأ الكوارث النووية في التاريخ؛ إنها كارثة المفاعل النووي تشير نوبل بأوكرانيا (وقتما كانت تحت حكم الاتحاد السوفييتي). 

‎ففي 26 أبريل/نيسان 1986، ونتيجة لتجربة غير مُتقنة، ولم تراع فيها معايير السلامة على الإطلاق، بالإضافة للتصميم الخاطئ للمفاعل من الأساس، كل ذلك أدى لانفجار المفاعل الرابع بمنشأة تشيرنوبل.

‎حدث اندفاع شديد القوة للطاقة المسؤولة عن تشغيل المفاعل الرابع، وعندما حاول العاملون إغلاق المفاعل فشلوا، بل زادت قوة اندفاع الطاقة، فانفجر المفاعل. ونتج عن الانفجار تسرب إشعاعي أثَّر على روسيا، وأوكرانيا، وبيلاروسيا، ودول الكتلة الشرقية من أوروبا.

‎وكارثة تشيرنوبل هي الكارثة النووية الوحيدة في التاريخ التي تم تسجيلها عند المستوى السابع “أي مستوى الكارثة” في المقياس الدولي للحوادث النووية. حيث إن التسرب الإشعاعي الناتج عن الانفجار كان أكبر 100 مرة من التسرب الإشعاعي الناتج عن قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، اللتين أسقطتهما الولايات المتحدة في اليابان، خلال الحرب العالمية الثانية.

‎وكانت نتائج حادثة تشيرنوبل كارثية بكل المقاييس، حيث توفي اثنان من العاملين بالمفاعل بسبب الانفجار، فيما توفي 60 شخصاً مباشرةً نتيجة تعرضهم للإشعاع الناتج عن الانفجار. أما عن عدد الضحايا، في الأيام التالية للكارثة، فتتراوح بين الـ4000 آلاف شخص بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية و20 ألفاً بحسب تقديرات منظمة السلام الأخضر. إلى جانب الأطفال الذين وُلدوا بتشوهات لا حصر لها، والآلاف الذين أُصيبوا بالسرطان. بالإضافة إلى مقتل جميع الحيوانات التي وُجدت في منطقة المفاعل المنفجر وتلوث النباتات، والمياه.

‎وقد تم إجلاء جميع سكان مدينتي تشيرنوبل، وبريبايات، المحيطين بالمفاعل. وأصبحت المنطقة المحيطة بالمفاعل تحتاج لمئات السنوات حتى تصبح قابلة للحياة الآدمية، على الرغم من زراعة المنطقة المحيطة بالمفاعل أشجاراً وغابات.

‎وقد خلدت الكاتبة الصحفية البيلاروسية سفيتلانا آليكسيفيتش مأساة تشيرنوبل في كتابها “صلاة تشيرنوبل” الذي رصدت فيه شهادات موثقة للعاملين بالمحطة والمصابين وأهالي الضحايا، وبسبب هذا الكتاب فازت بجائزة نوبل للأدب عام 2015، لكتابها “صلاة تشرنوبل”. 
Huffpost

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock