أخبار منوعة

ما هو التعلم بالاكتشاف ؟ و كيف يمكن توظيفه في الفصل الدراسي؟

التعلم بالاكتشاف

ما هي أفضل استراتيجية للتدريس و التعلم؟ كيف أجعل المتعلمين يحققون أفضل النتائج؟ وأي طريقة أتبع لتحقيق ذلك؟ هي أسئلة وغيرها تُطرح من حين لآخر، وغالبا ما تظل دون جواب شاف ونهائي بل تبقى محط اجتهادات – قد تصيب وقد تخطئ – حيث لا أحد يستطيع تقديم وصفة جاهزة مادام الأمر يتعلق بظاهرة إنسانية – وهي التعلم – و هي ظاهرة، كما يعلم العام قبل الخاص، تبقى نسبية تخضع لعدة متغيرات ( المدرسة و المتعلمون و المعلم و المناهج والوسائل … ) .

ما هي أفضل استراتيجية للتدريس و التعلم؟ سؤال قد يبقى مطروحا إلى حين، وقد تكون طريقة التعلم بالاكتشاف واحدة من الأجوبة المحتملة له. فماهو التعلم بالاكتشتاف إذن؟ وما أهميته؟ وما هي أنواعه وطرق تطبيقه؟
1 – تعريف التعلم بالاكتشاف :
اختلفت الآراء والرؤى حول مفهوم التعلم بالاكتشاف ، لكن هذا الاختلاف ظل طفيفا لكونه مفهوما يشرح نفسه بنفسه، ولا يستوجب إلماما كبيرا بعلوم التربية والبيداغوجيات حتى نستوعبه، ومن هذه التعاريف نذكر:

– التعلم بالاكتشاف استراتيجية وعملية تفكير تتطلب من الفرد إعادة تنظيم معلوماته وتكييفها بشكل يمكنه من رؤية علاقات جديدة لم تكن معروفة لديه من قبل.

– تعلم يحدث كنتيجة لمعالجة الطالب للمعلومات وتركيبها وتحويلها، حتى يصل إلى معلومات جديدة باستخدام عمليات الاستقراء أو الاستنباط أو أي طريقة أخرى .

– عملية تنظيم للمعلومات بطريقة تمكن المتعلم من أن يذهب أبعد من المعلومات المكتسبة سابقا.

– محاولة الفرد للحصول على المعرفة بنفسه دون مساعدة من المدرس عبر استعمال معلومات سابقة للوصول إلى معلومات جديدة.

– من الطرق التي تساعد الطلبة على اكتشاف الأفكار والحلول بأنفسهم مما يولد عندهم شعورا بالرضى والرغبة في مواصلة التعلم.

– وتعرفه ويكيبديا على أنه أحد أساليب التعلم القائم على الاستقصاء، كما يعتبر بمثابة منهج تعليمي يعتمد على النظرية البنائية في التعليم، لكونه مدعوما من قبل منظرين وعلماء النفس مثل سيمور بابيرت و بياجيه و جيروم برونر.
2 – أهمية التعلم بالاكتشاف :
لعل أهم فائدة يوفرها التعلم بالاكتشاف هي تحويل التلميذ من متلق سلبي للمعلومات إلى متعلم نشيط باحث عن المعرفة، وتتجلى أهمية التعلم بالاكتشاف كذلك في أنه:

– يساعد المتعلم على تعلم كيفية تتبع الدلائل وتسجيل النتائج، ومنه اكتساب مهارات التعامل مع المشكلات الجديدة لمواجهتها وحلها.

– يتيح للمتعلم فرص استخدام التفكير المنطقي سواء الاستقرائي أو الاستنباطي للوصول إلى استدلالات.

– يشجع التفكير النقدي ويعود المتعلم على التحليل والتركيب والتقويم.

– ينمي الابتكار و الإبداع.

– يساعد على انتقال المتعلم من التعامل مع المحسوس إلى التعامل مع المجرد المعقد.

– يعطي المدرس إمكانية التحقق من مدى فهم الطلاب.

– يعطي للمتعلم الفرصة للتعلم حسب وتيرته الخاصة.

– يدرب الطلاب على مواجهة تحديات العصر، عبر الاعتماد على أنفسهم في مراحل الوصول إلى المعلومة.

– يحفز الطلاب ويثير حماسهم و يزيد من دافعيتهم نحو التعلم، بما يوفره لهم من تشويق أثناء اكتشافهم للمعلومات.
3 – التعلم بالاكتشاف وتطوره التاريخي :
عكس ما قد يعتقده البعض عكس ما يعتقده البعض، فإن التعلم بالاكتشاف ليس مفهوما جديدا على ميدان التربية والتعليم، فقد استعمله سقراط من خلال الطريقة الحوارية في التعليم، حيث كان يوجه سلسلة من الأسئلة، ومن خلال الأجوبة يكتشف المتعلم بمساعدة معلمه سقراط ما قد وقع فيه من أخطاء. فسقراط يرى أن التعليم يكون عبر إثارة الطلاب بالعديد من الأسئلة التي توجههم نحو اكتشاف الحلول الذاتية وحل المشكلات، بدلا من اعتماد أسلوب التلقين.

ويذهب جون جاك روسو إلى ضرورة تعويض التوجيهات والتعليمات التي يتلقاها المتعلم بنوع من الحرية، لجعل المتعلم يدرك الحقيقة بنفسه عوض تلقيها جاهزة. وهكذا يقول روسو حول التعلم بالاكتشاف ” ضعوا الأسئلة في متناول التلميذ و دعوه يجيب عليها، و يكتشف العلم بدلاً من أن يحفظه وعندئذ سوف يستعمل عقله بدلاً من أن يعتمد على عقل غيره “.

وبدوره أوصى أفلاطون باعتماد طريقة المناقشة والحوار والجدل عبر الاكتشاف والاستقصاء لتنمية جوانب عقلية متعددة كالاستنتاج والاستدلال.

وكذلك شدد سبنسر على ضرورة مد الأطفال بأقل قدر ممكن من المعلومات، لنتركهم بعدها يكتشفون الحقائق بأنفسهم، عبر أسئلة موجهة أو عبر أسئلة واستدلالات يصلون إليها لوحدهم ولهذا اهتم سبنسر بطريقة التدريس الاستقرائية (أي تتبع الحالات الخاصة وصولا إلى الحكم أو الحالات العامة).

ورغم تشابه أفكار برونر مع أفكار كتاب مبكرين، مثل جون ديوي إلا أنه تم الجزم أن الفضل في تأسيس مفهوم وطريقة التعلم بالاكتشاف يرجع إلى جيروم برونر في عقد الستينيات من القرن العشرين، حيث يشير إلى أن ” ممارسة الفرد للاكتشاف بنفسه تعلمه الحصول على معلومات بطريقة تجعل هذه المعلومات ملائمة لحل المشكلات”. ويحث برونر على التمسك بتطبيق شعار هذه الحركة الفلسفية وهو أننا يجب أن نتعلم بالممارسة “.

المصدر: تعليم جديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock