كتاب أكاديميا

“الصدقات …زهد وسعادة “بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح 

عمل الخير هو رصيد الإنسان وزاده فى سيره إلى الله والناجون من النار هم من جعلوا من عمل الخير فى حياتنا الدنيا مشروع تخرج من ضيق التعاملات المادية إلى رحاب التفاعلات الروحانية الأخلاقية الإنسانية ، وحالات الإكتئاب التى تصيب البشر جميعا ليس لها تفسير إلا طغيان الوعى المادى على الجانب الوجدانى الإنسانى الرقيق لأن فعل الخيرات ورؤية السعادة على وجوه الآخرين والإرتياح لذلك لا يصدر الا من قلوب لا تعرف الأنانية والجفاء .

ولا شك أن من أحب الأعمال إلى الله هى الصدقات يقول النبى ص ( أيها الناس ما من أحد منكم إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبين الله ترجمان فينظر إلى يمينه فلا يرى إلا أعماله الصالحة وينظر إلى شماله فلا يرى إلا أعماله السيئة وينظر أمامه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ،فإتقوا النار ولو بشق تمرة ) لم يقل النبى ولو بركعة ، ولو بحجة ، ولو بعمرة ، ولكن قال ولو بشق تمرة وذلك ترغيبا للناس فى التصدق لما فى الصدقات من الخير الذى لا يعلمه إلا الله ، فالصدقات بركات فى الدنيا ونجاة فى الآخرة ونحن نعلم أن كثير من الناس يحج ويعتمر وهناك محتاجون فى أهله وجيرانه وأصدقاؤه وذلك من الرياء أو الفهم الخاطئ لجوهر الدين العظيم الذى لا يستقيم فيه الإيمان إلا أن نحب لإخواننا فى الإنسانية كما نحب لأنفسنا ، هذا هو دين الرحمة الذى أعرفه والذى يتجاهله للأسف دعاة الفتنة الذين شوهوه ، لو درسوا واستوعبوا فلسفة الصدقات والزكاة فى الإسلام لشملت رحمة هذا الدين العالم أجمع ، لأن الصدقة ليس مال يعطيه الغنى المسلم للفقير المسلم فحسب ولكن هى تعزيز لمشاعر المحبة والتعاون على البر بين البشر جميعا بمختلف أجناسهم وألوانهم وعقائدهم وحرياتهم التى كفلتها كل الرسالات السماوية والدساتير البشرية قبل أن يعبث فيها شرار الخلق ويفرقوا بينهم بما لم ينزل الله به من سلطان .

أن من سنن النبى العظمى الصدقات والزهد وإسعاد الناس ، وأن اتبعنا سنة النبى الرحيمة مع كل من تعامل معهم وعايشهم وخالطهم لأسعدنا أنفسنا والعالم أجمع ونحن نعيش فى ذلك الزمن الذى اختلطت فيه الأمور علينا وعلى أبنائنا حتى أصبح الدعاء على المنابر بتخصيص الرحمة للمسلمين وهلاك ما دونهم ما يثير العجب وخاصة أن ذلك يصدر من وعاظ يقفون على منبر رسول الله والذى بعثه الله رحمة للعالمين .

الصدقات يا إخوانى هى منطق كل منطق وجوهر الجوهر هى العبادة الحقة التى يقول عنها الله جل وعلا ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) فالإنفاق مما نحب فيما نملك هو إمتحان حقيقى للنفس وتزكية لها من شهوات الدنيا وملذاتها إبتغاء مرضات الله ورغبة عن الدنيا وطلبا لنعيم أبدى عند الله ، الصدقات يا إخوانى هى الخير الجامع الذى يؤلف القلوب فى محبة الله ولأن رسالة الله للبشرية هى اجتمعوا على الخير والحب لتجتمعوا فى جنات عرضها السماوات والارض ، لو علم الإنسان حب الله ورحمته بعباده لعملوا على إبتغاء مرضاته فيما يحب ويرضى ، ولذلك علينا بخبيئة الأعمال الصالحة أن نعمل أعمال صالحة لا يعلمها إلا الله وأعظم تلك الأعمال هى الإنفاق مما نحب تصدقا فى الخفاء لوجه الله تعالى عسى الله أن يقى وجوهنا عذاب أليم .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock