قسم السلايدشو

«الكتاتيب»..نواة التعليم الأولى في الكويت.. قديماً

«كونا» — «المطوع» و«الملا» و«المطوعة» هم معلمو ومعلمات الزمن القديم حينما كان التعليم في الكويت يمارس في أبسط صوره داخل أروقة «الكتاتيب».

ويعد «الكتاب» وجمعها «كتاتيب» النموذج الأول لنظام التعليم في الكويت قديما والذي يرجع إليه الفضل في نشر العلم بين الناس بالرغم من بدائية طرق التعليم بهذه المدارس آنذاك.

ولعبت الكتاتيب في بداية القرن العشرين دورا كبيرا في تلبية حاجات التجار من «الكتبة» وهم الموظفون الذين يجيدون القراءة والكتابة ومبادئ الحساب على وجه الخصوص لإدارة حسابات نواخذة الغوص والطواويش «تجار اللؤلؤ» وغيرهم من التجار.

وعادة ما يكون مقر الكتاب في بيت المطوع أو الملا أو في بيت يتم استئجاره لهذا الغرض ولا يوجد بهذه المدارس المصغرة طاولات جلوس للطلبة كما في المدارس الحديثة بل يتم تدريس الطلبة وهم جلوس على الأرض بينما يجلس الملا في بعض الاحيان على صندوق خشبي مقابلا تلاميذه.

وانتشر هذا النوع من التعليم في الكويت بصورة لا بأس بها فأصبح في كل حي تقريبا مطوع يتوجه إليه الأولاد لحفظ القرآن الكريم وتعلم المبادئ الأولى في القراءة والكتابة والحساب فيما توجد في بعض الأحياء و«الفرجان« امرأة تلقب بالمطوعة وهي التي تقوم بمهمة تعليم الفتيات.

وكان التلاميذ قديما يحملون معهم أدواتهم المدرسية المكونة من صندوق من الخشب يسمى «بشختة« لغرض حفظ أدواتهم ومنها «اللوح» التي يجهزه كل ولي الأمر لابنه وهو عبارة عن قطعة من الخشب مدهونة بنوع من الطين اللزج «طين خاوة» لغرض كتابة حروف الهجاء عليه وإذا حفظ الولد الدرس يتم غسل اللوح من قبل الصبي ويعاد الكتابة عليه مرة اخرى.

وكانت الدراسة في الكتاتيب مقتصرة على تعليم اللغة العربية ومبادئ الحساب وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية وكان المطوع يكرر الآيات القرآنية والصبية يرددون معه إلى أن يتم حفظها ويقام احتفال عند اتمام الطالب لدراسة القرآن الكريم ويطلق عليه «الختمة».

وكان الأولاد يتلقون تعليمهم عند «الملا» بينما الفتيات عند «المطوعة» لكن لم يكن نصيبهن من التعليم كما حال الصبية حيث كان الاعتقاد السائد قديما هو عدم الحاجة لتعليم الفتاة حيث كان يقتصر عمل المطوعات على تحفيظهن القرآن الكريم فقط.

وللدراسة في الكتاتيب رسوم وهي عبارة عن مبلغ مالي صغير يسمى «بالخميسية» تبلغ بيزة واحدة أو بيزتين «العملة النقدية في الكويت قديما» وقد سمي بهذا الإسم لأن المبلغ يستحق كل يوم خميس وكذلك يتسلم الملا بعض المال في المناسبات الدينية كرأس السنة الهجرية أو المولد النبوي الشريف.

وللملا مبلغ آخر متفق عليه عندما يختم الطالب حفظ القرآن الكريم يتراوح بين 20 و100 روبية حسب حالة الطالب الاجتماعية مع كسوة للشيخ من أولياء الطلبة الأغنياء وتتكون من بشت وغترة وعقال ودشداشة ووزار وله أيضا «العيدية» وهي مبلغ يدفعه التلميذ حسب مقدرته قبل أو بعد عيد الفطر فضلا عن «الفطرة» وهي زكاة الفطر وتبلغ ستة أرطال من الحنطة أو التمر أو الرز.

أما بالنسبة للصبية الفقراء فيطوفون بالأحياء لجمع المال لدفعه للملا وكان أهل الكويت قديما يساعدون الطلبة في ذلك تشجيعا لهم على تلقي العلم.

وكان الملا يستخدم بعض الأساليب التأديبية القاسية مع طلابه في حال تغيبهم أو عدم حفظهم للدرس أو عدم التزامهم بالقوانين وتحدد بمقدار ما ارتكبه الصبي من خطأ أو ذنب.

وقد يكون في عقاب الملا لطلابه بعض القسوة مع الطالب الذي يرتكب خطأ ما أو يقصر في فروضه لكي تتم تأدية الواجب التعليمي على الوجه الأكمل ويشجعه في ذلك أولياء الأمور اذا ما ارتكب ابنهم خطأ ما.

ومع مرور الزمن كثرت أعداد الكتاتيب وأصبح الناس يعون قيمة التعليم ويقدرونه مما زاد في عدد الأبناء المتوجهين الى تلك المدارس وينظر الناس إلى الملا والمطوعة نظرة احترام وإكبار للعمل الجليل الذي يقومون به ولمكانة الملا العلمية والاجتماعية وتدينه واستقامة سلوكه.

وكانت مهنة التدريس في هذه المدارس مهنة متوارثة ومن أشهر من عمل بها آل العدساني و آل بودي وغيرهما العديد كالملا محمد الفارس في محلة القناعات والملا حمادة في فريج سعود والملا راشد الصقعبي وابنه الملا سعد في محلة المرزوق.

ومن أشهر المطوعات فاطمة المسباح في الحي الشرقي والمطوعة لولوة البناي في الصالحية والمطوعة مريم اليعقوب في الحي القبلي والمطوعة حصة الحنيف.

وساهمت الكتاتيب في الكويت قديما في نشر الوعي الفكري بأهمية التعليم مما أدى لاحقا إلى إنشاء مدارس نظامية من قبل الدولة تدرس بها المناهج التعليمية الحديثة حيث أنشئت عام 1911 المدرسة المباركية ثم تلتها عام 1921 المدرسة الأحمدية ليصل عدد المدارس اليوم في الكويت الى أكثر من 800 مدرسة يتلقى فيها آلاف الطلاب والطالبات مختلف صنوف العلم الحديث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock