«التابلت».. مشروع تربوي رائد «ظلمه» التسويق الإعلامي والعيوب التقنية
الأنباء
- تربويون استشارة أهل الميدان في أي مشروع قبل إقراره وعدم التعامل بمبدأ «خذوه فغلّوه»
- يسهّل الحصول على المعلومات ويجعل الطالب باحثاً عنها وليس متلقياً فقط
- غياب برنامج حجب المواقع الإلكترونية وإيقاف برامج التحميل جعل الجهاز وسيلة لهدم الكثير من القيم التربوية
- عدم توافر شبكات «النت» في الكثير من المدارس حتى نهاية العام الدراسي حجر عثرة أمام المشروع
يعد «التابلت» من المشاريع التكنولوجية المهمة التي نفذتها وزارة التربية خلال العام المنصرم، مواكبة منها للتطور الهائل الذي ساد المؤسسات التعليمية في العالم، حيث قامت بتوزيع 80 ألف جهاز على طلبة المرحلة الثانوية ومعلميهم بتكلفة اجمالية قدرها 26 مليون دينار، ولكن لكل مشروع ايجابيات وسلبيات، وللوقوف على مزايا وعيوب ذلك المشروع استطلعت «الأنباء» آراء مجموعة من اهل الميدان التربوي.
وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد مراقب التعليم الثانوي بمنطقة حولي التعليمية حميد الفضلي ان «التابلت» يعد من المشاريع التربوية الاستراتيجية والمهمة لوزارة التربية وذلك لأنه يتماشى وفلسفة الوزارة لتطبيق التعليم الالكتروني بما يتوافق والتوجهات العالمية في تطوير التعليم، وأيضا اتجاهات الطلبة الرقمية، مشيرا الى ان التكنولوجيا اصبحت جزءا من ثفافة الطلاب وحياتهم خارج اوقات الدراسة.
واضاف الفضلي: كما ان التابلت يساعد على تفوق الطلبة في استخدام التكنولوجيا باعتبارها جزءا مهما في حياتهم اليومية، ناهيك عن مواكبة التطورات العالمية خصوصا في ظل الثورة التكنولوجية العالمية، لافتا الى انه يسهل الحصول على المعلومات، ويجعل الطالب باحثا عنها وليس متلقيا فقط، لذلك يعوض الطالب عن المعلومات التي فاتته اثناء غيابه عن الدراسة.
وأوضح ان من سلبيات المشروع ان عدم الزام الطالب والمعلم باستخدام «التابلت» افقد المشروع اهميته واعطى ايحاء بعدم اهميته، بالاضافة الى عدم التسويق للمشروع بصورة صحيحة لجميع الفئات مثل الطالب وولي الامر والمعلم والادارة المدرسية، مشيرا الى ان وثيقة استخدام «التابلت» والشروط الجزائية احد ابرز العيوب المصاحبة للمشروع، كما ان البرمجيات التي استخدمت في المشروع لم تكن بالصورة المطلوبة، مشيرا الى عدم تهيئة الاجواء المناسبة لتطبيق المشروع، حيث فوجئت الادارات المدرسية بتطبيق المشروع مع عدم تجهيز البنية التحتية له، مؤكدا عدم دراسة المشروع من جميع الجوانب الادارية والقانونية والتقنية وبيان الجوانب الايجابية والسلبية بصورة دقيقة، اضافة الى عدم ايمان الهيئة التعليمية بجدوى المشروع الذي لم يراع تطور اعداد الطلاب في كل سنة مما يستدعي اجراء مناقصة جديدة لاستكمال الزيادات في اعداد الطلاب.
من جانبها، قالت مديرة ثانوية الفروانية سهام السهيل ان «التابلت» يعتبر من المشاريع التربوية الالكترونية ومثل هذه المشاريع لها العديد من الايجابيات إن كان التسويق لها جيدا وآلية تنفيذها صحيحة مع توفير الإمكانات الخاصة لعملية التطبيق، ولكن للأسف العام الأول لتطبيق المشروع من وجهة نظري الخاصة انتهى بالفشل حيث لم تصل نسبة تفعيل استخدامه إلى النسبة التي كان الميدان يأمل أن يصل إليها، لافتة الى انه لم يحقق أي هدف من أهدافه، بل ان «التابلت» انقلب بصورة عكسية على أهداف المشروع التي وضعت من أجله والأمر يعود لأسباب عديدة منها ان وقت تطبيق المشروع كان غير مناسب، ففي المرحة الثانوية تم تطبيق مشروع السبورة الذكية قبل عام ومازالت سلبياتها لم تتم تلافيها، ثم جاء «التابلت» فجأة، اضافة الى عدم التسويق الكافي للمشروع وبالشكل الصحيح وعدم منح الوقت الكافي للادارات المدرسية لتوعية أولياء الأمور والطلبة وتأهيل المعلمين لاستخدامه وكذلك عدم وضع خطة واضحة لآلية التنفيذ، حيث تم إجبار الادارات على عملية توزيع الأجهزة في وقت حرج جدا وهو اثناء انهاء مناهج واختبارات نهاية الفترة الدراسية الثانية، فكان مجرد زيادة عبء وضياع جهد.
واضافت السهيل ان من سلبياته ايضا عدم توافر شبكات «النت» في الكثير من المدارس حتى نهاية العام الدراسي، وبالتالي كان جهاز التابلت مجرد لاب توب لعرض المنهج والتمارين المختلفة، موضحة انه جاء بهدف تخفيف الحقيبة المدرسية فأصبح لدى الطالب بدل الحقيبة حقيبتين، وجاء لتوفير الوقت للمذاكرة لدى الطالب فأضحى وسيلة لضياع وقت الطالب لانشغاله الكبير في البحث واكتشاف ذلك الجهاز وما يحتويه من مواد، مما كان له الكثير من الأضرار على الحالة الصحية للطالب مثل انحناء العمود الفقري وفقرات الرقبة وضعف النظر، ناهيك عن غياب برنامج حجب المواقع الالكترونية وإيقاف برامج التحميل ووجود برامج التواصل الاجتماعي جعل من جهاز التابلت وسيلة لهدم الكثير من القيم التربوية، فأصبحت الإدارات المدرسية تترك مشاريعها وأنشطتها التربوية ومستوى طلبتها التعليمي لتتابع استخدامات الطلبة للجهاز والمشاكل المترتبة على الاستخدام الخاطئ، وكان ذلك من أهم أسباب عدم تسلم بعض الأهالي لجهاز التابلت.
وتابعت: كما ان التأخير في توزيع نشرة الورش الخاصة بالصيانة وأسعار قطع الغيار وأسعار الغرامة الخاصة بالأجهزة وضع الإدارات المدرسية في حرج مع أولياء الأمور، حيث إن الأسعار مبالغ فيها ولا تتناسب مع الكثير من المستوى الاقتصادي للطلبة، مما جعل الكثير منهم يتذمر من عدم علمهم بتلك الأسعار من قبل تسلمهم للأجهزة، بالاضافة الى عدم وجود وثيقة خاصة للوائح المخالفة للطلبة ومن الصعب اعتبار«التابلت» مثل أجهزة الهواتف النقالة، حيث إن التابلت موزع رسميا من الوزارة وكل ما فيه من برامج تعتبر التربية هي المسؤولة عنها.
وذكرت أن كل محتويات جهاز التابلت يمكن تحميلها على الهارد دسك واستخدامه على أي جهاز كمبيوتر فهو لم يختلف عن السبورة الذكية، أو أجهزة اللاب توب أو الآيباد، متمنية أن تؤخذ ملاحظاتنا بعين الاعتبار وبصورة جادة وأن تقف المشاريع التنفيعية في وزارة التربية فنحن بحاجة لتعديل وتطوير سياسات التعليم ولم تكن التكنولوجيا في يوم من الأيام هي المحور الرئيسي في هذا التطوير، ولا بد من مراعاة خصائص الجيل الحالي وأفكاره والأجهزة التي يتعامل معها، وبالتالي لا بد أن نكون حذرين جدا قبل أن تتم الموافقة على أي مشروع إلكتروني، كما نتمنى أن يكون لأهل الميدان كلمة في أي مشروع أو قرار قبل الموافقة عليه ولا نكون جهات تنفيذية فقط وكأننا نتعامل وفق مبدأ «خذوه فغلّوه»، فالمسؤولون في الوزارة وأهل الميدان جميعهم في قارب واحد ولا بد أن تتضافر الجهود جميعها لتصل العملية التعليمية الى بر الأمان.
بدورها، اوضحت مديرة ثانوية قرطبة هدى السعيد انه من السابق لأوانه تقييم المشروع، لاسيما انه ما زال في بداياته ولم يأخذ حقه سواء بالتجربة للطلبة أو المعلمين على حد سواء، مشيرة الى انه من ابرز ايجابياته مواكبة التقدم التكنولوجي بصورة تجعل الكويت في مصاف الدول المتقدمة في استخدام التكنولوجيا الحديثة وتوفير الوزارة لأعداد كافية من «التابلت» لجميع الطلبة على حد سواء، حيث لا يوجد نقص بالاجهزة المخصصة للطلبة.
وبينت السعيد ان الجهاز يحتوي علي تطبيقات وبرامج مفيدة للطالب (برنامج وورد، آلة حاسبة، بنوك اسئلة معتمدة من التواجيه الفنية) والكثير من التطبيقات والبرامج التي تسهل على الطالب عملية المذاكرة، ناهيك عن امكانية حل الواجبات المنزلية وتسليمها للمعلم من المنزل وفي اي وقت، مؤكدة ان عدم التسويق الكافي للمشروع من قبل وزارة التربية من اهم السلبيات، لاسيما ان المشروع قد رصدت له ميزانية ضخمة، ومن باب أولى ان يتم التسويق للمشروع قبل طرحه بهذه الصورة على الميدان، وكذلك التأخير في تسليم الجهاز للمدارس والطلبة فيما بعد، لافتة الى ان الجهاز حساس وكثير الاعطال ويحتاج الى الشحن بشكل مستمر.
واشارت الى رفض الكثير من الطلبة واولياء الامور تسلم التابلت خوفا من المسؤولية المترتبة على تسلمه، فضلا عن عدم توزيع الجهاز علي جميع المعلمين والاكتفاء بعدد محدود لا يزيد عن 30 جهازا لكل مدرسة، الأمر الذي لا يتيح لجميع المعلمين استخدام الجهاز مع باقي الطلبة.
وتقدمت السعيد بعدة مقترحات لتطوير العمل في المشروع منها ان يتم التسويق للمشروع والدعاية له بشكل كاف سواء داخل الميدان او خارجه لأولياء الامور والمجتمع مع ضرورة توزيع الجهاز علي جميع المعلمين والمعلمات اسوة بالطلبة والطالبات حتى تتم الاستفادة من الجهاز، علما ان استخدام الجهاز يكون معطلا وغير كامل في حال عدم حصول المعلم على الجهاز، فكيف للمعلم ان يواكب ويتابع طلبته وهو نفسه ليس لديه جهاز خاص به ولا يوجد في كل قسم الا جهاز او اثنان عل اكثر تقدير؟ مشددة على ضرورة جمع التابلت في نهاية العام الدراسي حماية له من الفقد او التلف، علما ان الجهاز مخصص للمذاكرة وفي العطلة الصيفية ممكن يتم استهلاكه في غير ما ذلك، الامر الذي يرهق ذاكرة الجهاز.
في السياق ذاته، قالت المديرة المساعدة بثانوية أنيسة بنت خبيب الانصارية نوير الدوسري ان «التابلت» به برامج تفاعلية تربط بين المعلم والطالب حتى خارج أوقات الدوام لمساعدة الطالب في فهم المواد العلمية بشكل أكبر، ويستطيع المعلم ربط جميع الطلاب أثناء الحصة الدراسية بصفحة واحدة مشتركة وبطريقة تفاعلية لشرح دروسه بصورة أفضل وباستخدام كل الوسائل المتوافرة عن طريق برنامج net support school.
ولفتت الدوسري الى ان الوزارة استطاعت تطبيق التعليم الالكتروني بشكل عملي من خلال تعميم مشروع التابلت على جميع طلبة المرحلة الثانوية في جميع مدارس الكويت غير ان هذه التجربة في رأيي اعتراها بعض السلبيات، مثل عدم توافر البنية التحتية في معظم المدارس من شبكة «الواي فاي» وكان المعلمون يستعينون بالوصلات الخاصة بهم لتشغيل التابلت وربط الطلبة بالمعلمين.
وذكرت انه لم يتم تدريب المعلمين بشكل كامل قبل تعميم هذه التجربة، مؤكدة ان الدورات التي قدمت لهم لم تكن كافية، وكذلك لم يتلق الطلاب اي دورات تدريبية في كيفية استخدام التابلت والبرامج التي تحتويها فضلا عن وجود نقص كبير في المناهج التفاعلية في التابلت واقتصرت بعض المواد على الـ BDF فقط كما ان بعض الفيديوهات لا تعمل وبعضها غير واضح.