دراسة للدكتورة فاطمة السالم: 80% من المغردين يصفون أحداث حلب بـ«الجريمة»
في دراسة لتوجهات الرأي العام الكويتي حول قصف قوات النظام السوري وحلفائه مدينة حلب، والذي كان قصفا داميا راح ضحيته مئات المدنيين والنساء والاطفال، مخترقا الهدنة المبرمة وجميع الاعراف الانسانية. تم اعداد هذه الدراسة لتحليل ورصد تعليقات مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) حول القصف، الذي تتعرض له مدينة حلب لتحليل كيفية تعاطي الرأي العام العربي مع احداث حلب، وتبين من النتائج ان %80 من المغردين يصفون أحداث حلب بانها جريمة، فيما يصف %20 منهم ما يحدث في حلب على انه حرب، وبينت الدراسة أن %35 من المغردين تناولوا في حديثهم احداث حلب في إطار انساني و%20 تحدثوا عن المسؤولية وتحميل العالم الذنب. كما بينت الدراسة ان %90 من المغردين استخدموا لغة سلبية في تناولهم للموضوع في تويتر، مما يعكس عدم رضاهم عن الأحداث والجهود الدولية لوقف القصف وفك الحصار. كذلك بينت الدراسة استنكار %35 من المغردين الوضع الراهن وتعاطف %30 منهم مع السوريين وسكان مدينة حلب.
غطت الدراسة نشاط المستخدمين خلال سبعة ايام كاملة واستخلصت الاف التغريدات المتعلقة بحلب وقصف النظام السوري بطريقة تحليل البيانات الكبيرة big data، وذلك لاخذ عينات باسلوب اكاديمي لتحليل اتجاهات الرأي العام العربي الالكتروني بمجمله. وقد تم اعتماد منهجية تحليل المضمون لدراسة تعليقات المواطنين ومحتوى تغريداتهم.
حرب أم جريمة؟
تؤكد الدراسات الاكاديمية مثل دراسة نشرت في مجلة «جورنال اف كميونيكيشن 2007» ان هناك اطارين اساسيين عند تغطية الازمات والحروب، اما اطار الحرب او أطار الجريمة، وكل له اثارة واسبابه وخلفياته. وقد قمنا بتطبيق تلك النتائج على دراستنا الحالية، ووجدنا ان %80 من المغردين العرب وصفوا القصف الذي تعرضت له حلب في إطار الجريمة والاعتداء وقتل الأبرياء والمساكين وتشريد الناس من منازلهم. اما %20 من المغردين فوصفوا احداث حلب ضمن إطار الحرب بين قوات النظام وسكان حلب. وترى هذه الفئة ان ما يحدث في حلب إنما هو حرب وقتال بين الطرفين.
الإعلام و الحرب
International Journal press and politics 2005
وفي دراسة اكاديمية نشرت في المجلة الدولية للصحافة والسياسة «انترناشيونال جورنال برس / بوليتكس 2005» والتي أعدها مجموعة أساتذة من جامعات أميركية عن اللغة المستخدمة في الانترنت عن الحرب، والتي اثبتت ان هناك ثمة اطر أساسية لتغطية الحروب والأزمات في الانترنت.
وبتطبيق ملخص نتائج تلك الدراسة على دراستنا الحالية، تم تقسيم الأطر الاكثر شيوعا والمرتبطة بتغطية الأزمات في الانترنت الى خمسة اطر أساسية، ومنها الصراع العسكري، الإطار الانساني، إطار المسؤولية، إطار التدخل الدولي واخيرا إطار النتائج والخسائر.
الإنسانية لها نصيب
وقد تبين من النتائج ان %35 من المغردين تحدثوا عن احداث حلب بإطار انساني، وذلك يتضمن كل الأحاديث التي تشمل التعاطف مع القتلى والجرحى والمنكوبين والوضع الإنساني الراهن.
واشارت النتائج إلى ان %20 من المغردين تحدثوا عن حلب من خلال النتائج المترتبة على الاحداث لتحليل الوضع من زاوية الخسائر المادية والبشرية وذكر ما ترتب على القصف من عواقب.
حلب.. مسؤولية من؟
وقد بينت نتائج الدراسة ان %20 من المغردين العرب قاموا بتأطير احداث حلب بإطار المسؤولية، وهو إطار عادة ما يكون مرتبطا اما بتحمل المسؤولية او التنصل منها ورميها على الآخرين. وأشارت النتائج الى ان الكثير من المغردين قد حمّلوا المجتمع الدولي كافة والحكومات العربية خاصة مسؤولية الأحداث الراهنة، وذلك من خلال توجيه الرسائل المباشرة لهم بتحمل المسؤولية وحماية الأطفال والنساء وحقن دماء الأبرياء.
التدخل الدولي
وتشير نتائج التحليل الى ان %15 من المغردين تحدثوا عن التدخل الدولي في حلب، ويشمل التدخل العسكري وتدخل المؤسسات الدولية لفض النزاع. والمثير هنا ان مطالبات التدخل اقترنت بالعتاب على الصمت والمقارنة ما بين حلب والمدن الاوربية مثل باريس وبروكسل.
الصراع العسكري
اما %10 فقط من المغردين فقد وصفوا القصف على مدينة حلب بإطار الصراع العسكري، مما يعني انهم قاموا بالحديث عن الأزمة حلب من جانب الصراع العسكري بين النظام السوري وسكان المدينة، كل ما يترتب على ذلك من مقاومة وقتال وتخطيط وسلاح وعتاد الحرب بين الجانبين.
وعمدت الدراسة للتحليل الإحصائي لمعرفة هوية المغردين والإطار المستخدم من كل فئة، وتبين من النتائج ان الخدمات الإخبارية والاعلامية في تويتر استخدمت إطار الصراع العسكري، فيما استخدمت جميع الفئات الاخرى من نساء ورجال والحسابات المجهولة إطار التعاطف الانساني لوصف الأحداث وقد يرجع استخدام الخدمات الإخبارية في تويتر لإطار الحرب في مدينة حلب لوصف الأحداث لاعتمادها على وكالات الأنباء، وبعض مصادر الاخبار العربية، التي تعمد الى وصف الأزمة الراهنة بالحرب، لانه يضفي قيمة خبرية اكبر، فالصراع عنصر جاذب للخبر.
وقد بينت النتائج ان %90 من المغردين تناولوا الأحداث بلغة سلبية، مما يعكس حالة عدم الرضا عن الوضع العام اتجاه القضية السورية والمساعي الدولية لإيجاد الحل ووقف القصف.
اما %5 فقط من المغردين فقد استخدموا لغة إيجابية في تغريدهم، وقد يدل ذلك على رضاهم عن اداء النظام السوري و%5 التزموا الحياد في الموقف.
د. فاطمة السالم
عضو هيئة التدريس في جامعة الكويت – قسم الإعلام