التربية بالحب.. كيف تكون؟!
عندما سارع ماسلو لرسم هرم للحاجات الإنسانية، وبعدما أشار بتلقائية بشرية إلى أهمية الحاجات الفسيولوجية، انطلق سريعاً للتأكيد على حاجة الكائن الحي للشعور بالحب والاهتمام، فقد فُطِر الإنسان على حاجته للآخر، وهذه هي فلسفة الحياة، فلكلٍ وظيفته داخل مسرح الحياة، والأسرة جزء لا يتجزأ من ذلك المسرح الكبير الذي لا بد فيه من قيام كل فرد بدوره بإتقان للحصول على حياة سويّة، وأفراد ناضجين نفسياً وعقلياً.
قد يعتبر الوالدان أن نجاح أبنائهم دراسياً يعطيهم «شهادة الأيزو» في التربية، ولكن للدراسات العلمية رأيا آخر، فقد أشارت الدراسات إلى أنّ معامل الذكاء العقلي لا يكوّن أكثر من %20 من شخصية الفرد، فعندما نبحث عن صحة وسلامة أبنائنا العقلية، دعونا لا ننسى أنّ هناك وجهاً آخر للشخصية، لا بد من التنبّه له، وهو السلامة والصحّة النفسية التي تتكامل مع الجزء العقلي في صورة واحدة، فالاختلال في إحداها ينعكس على الأخرى!
أتمنى ألا نعاني يوماً داخل أسرنا من الأميّة العاطفية، فهي سر نجاح علاقتنا مع أبنائنا، لذلك لا بد من بناء التربية بالحب من خلال كلمة حب، لمسة حب، تدفع بمادة السيروتونين من خلال الناقلات العصبية لتخلق سحراً في الإنسان لا يمكن صناعته تكنولوجياً، بل تتكفل به كلمة أو ابتسامة حب من والدٍ لابنه أو ابنته، أبناؤنا اليوم يحتاجون الاهتمام والعاطفة، كما يحتاجون الطعام والشراب، فالشعور بالأمان والحب هو أحد الاحتياجات الأساسية للإنسان، وهو المحرك الأساسي للأبناء في تعزيز دافعيتهم نحو الإنجاز.
أيها الآباء والأمهات، أبناؤكم يرغبون في قضاء وقت أطول معكم، شاركوهم نشاطاتهم، شجعوهم في انجازاتهم، استمعوا لهم جيداً بل اصغوا إليهم! اقتربوا اليهم، ادخلوا عالمهم المدرسي، حافظوا على الجلسات العائلية، بل أكثروا منها. فالتربية ليست نظريات وكلمات، بل أفعال ترتبط بمشاعر حقيقية، فأبناؤنا اليوم يحتاجون عطف الأب كحاجتهم لحنان الأم.
التربية بالحب تعني أن تكون صديقاً لابنك عندما يحتاج النصيحة، وأن تكوني صديقة لابنتك عندما ترغب في السؤال، إن وجودكم قريبون من أبنائكم يمنعهم من البحث عمن يجيبهم عن تساؤلاتهم اللامنتهية في عالم أنتم تخشون على أبنائكم منه، إذن لنكن آباء مبادرين.
د. عبد الفتاح ناجي