أخبار منوعة

 (حرية الفكر فى إطار المسئولية الفردية). كتب الشيخة حصة الصباح

  

تمثل حرية الفكر والرأى الركيزة الأساسية التى تقوم عليها المجتمعات الإنسانية والحضارات الملهمة العظيمة وهى البوابة الملكية للإبداع فى شتى مناحى الحياة .

وعلى النقيض من ذلك نجد أن القمع والاستبداد والهيمنة الفكرية وخاصة بين أوساط المتطرفين دينيا لا تنتج إلا جمود حضارى و نفاق مجتمعى و فساد أخلاقى بين الناس ، فالخوف والأنانية والكسل لا يصنعوا مجتمعات قوية يمكن العيش فيها بكرامة وإعتبارات أخلاقية تحترم المسئولية الفردية .

لذلك نجد أن حرية الرأى والتعبير هى أقرب المفاهيم للمقصد الإلهى من الفطرة الإنسانية السوية ، فالمتطرف يعطى لنفسه حق التسلط وينكره اذا ما تسلط عليه أحد فتبطل حججه ولا يبقى امامه الا اتباع سوء ظنه فيفرض آراءه بالترهيب والوعيد فى الدنيا أو الآخرة .

ولا يفوت هذا المتطرف الفرصة الا ويتوعد المخالف له فى الرأى بعقاب إلهى ، وهذا من باب الإفتراء والكذب والتستر بإسم الدين لأن الله حينما أنزل القرآن خاطب به الناس جميعا بلغة قرآنية واضحة جلية فى إطار المسئولية الفردية قال تعالي في كتابه العزيز في سورة عبس (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ {34} وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ {35} وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ {36}) وقال في سورة المعارج (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ {11} وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ {12} وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ {13} وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ {14}) فليس بين الله وعباده وكلاء ولكن أنبياء ورسل مهمتهم فقط التبليغ وإقامة الحجة.

وإنى لأتعجب بعد هذا الوضوح القرآنى من الذى يقتل الناس بإسم المخالفة فى الدين والمذهب والإتجاه السياسى .

فالكفاح من أجل حرية الرأى والعقيدة يمر بطريق وعر يخيم عليه ليل الإقصاء الغير مقمر وتتراص على جانبيه خفافيش ظلام الأنفس ، فحرية الفكر تنير العقول وتضئ الأنفس ، يقول الأديب المصرى توفيق الحكيم عن حرية الرأى وكرامته

(والكرامة الحقيقية هي أن يضع الإنسان نفسه الأخير في كفة وفكرته ورأيه في الكفة الأخري حتي إذا ما أرادت الظروف وزن كل ما في الكفتين رجحت في الحال كفة رأيه وفكرته).

فيجب علينا أن نعى جيدا أن قمع الأفكار والآراء يحرم المجتمع من نوابغه ومبدعيه ويحجر ظلما على الآخرين فى إبداء الرأى فيما يخص قضايا عصرهم وهى حقوق أصيلة لا ينكرها إلا كاذب مدع.

نتمنى أن تسود هذه الثقافة بين شبابنا العربى لأنهم ثروة الأمة وذخيرتها واستثمارها الحقيقى .

بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock