سعودية تبتكر تطبيقا للإخلاء في حالات الطوارئ عبر تغريدات «تويتر»
تمكنت المبتعثة أمل الشقير من ابتكار تطبيق للأجهزة الذكية يساعد السائقين على تجنب الازدحام المروري والتنبؤ بحالة الحركة المرورية، ويساعد المؤسسات على الإخلاء في حالات الكوارث من خلال تغريدات برنامج التواصل الاجتماعي (تويتر)، من خلال نظام يقوم بتحليل البيانات الضخمة والمتدفقة من خلال المعالجة النحوية للنصوص التي يدخلها المغردون في موقع (تويتر).موضوع الرسالة البحثية للمبتعثة أمل الشقير لمرحلة الدكتوراة في جامعة Florida Institute of Technology جاء بعنوان (مطابقة النصوص نحوياً «تغريدات تويتر» لتسهيل معالجة البيانات الضخمة)، وتعتبر المرة الأولى التي يتم تناول موضوع البيانات الضخمة والمستمرة.وفي حديث لـ«اليوم» قالت الدكتورة أمل الشقير إن الحاجة إلى هذا الإسلوب في تحليل البيانات في تصاعد مستمر، ومع تصاعد هذه الحاجة وتنوعها تزداد الحاجة إلى آليات ووسائل متطورة بإمكانها استيعاب الكم الهائل للبيانات وتتعامل معها بطريقة فعالة للاستفادة منها وإعداد الخطط المستقبلية واتخاذ التدابير التي من شأنها أن تساهم في تقليل المخاطر من جهة، وجعل حياة الناس أسهل من جهة أخرى.وبينت أن حجم البيانات في السابق متناسب مع المعطيات المتوفرة آنذاك لدرجة انه بالإمكان إدخالها يدويا من قبل أشخاص يطلق عليهم مسمى (مدخلو بيانات)، وأن تلك الطريقة التقليدية في معالجة البيانات لا تناسب الوقت الحالي في ظل الازدياد السريع والمستمر للبيانات والحاجة إلى تحليلها للاستفادة منها.وأضافت الدكتورة الشقير: إن الوصول إلى الكم الهائل لم يكن بالأمر السهل والمتاح لجميع الناس، واصفة البيانات بأنها عبارة عن قطع متناثرة في كل مكان، ولا توجد أرضية مشتركة للربط بينها، وأن الحياة في (عصر التقنية) أصبحت قائمة بشكل كبير على البيانات، ومن يمتلك البيانات يستطيع التحكم في كثير من مناحي الحياة واستغلالها وتحويلها إلى قوة اقتصادية وسياسية وقوة تنموية وتطويرية.وقالت: استشعاراً مني لهذه الأهمية، وانطلاقاً من طبيعة تخصصي (هندسة حاسب آلي)، وبحكم معايشتي لكثيرٍ من الأمور الحياتية التي تعتمد بشكلٍ كبير على توفر البيانات، وليس فقط مجرد توفرها، بل توفرها في قوالب عملية يمكن أن يستفاد منها في التخطيط التكتيكي والاستراتيجي لكثيرٍ من المشاريع بمختلف أنواعها وأحجامها، جاءت فكرة رسالة الدكتوراة هذه، والتي سعيت من خلالها إلى التفكير في آليةٍ عملية تساهم في استثمار البيانات الهائلة التي تزخر بها حياتنا، وإظهارها بشكلٍ مبسّط من شأنه أن يساهم في جعل حياة الناس والمؤسسات أكثر سهولة وتساهم كذلك في توفير الوقت والجهد اللذين يشكلان عصب الحياة هذه الأيام.وتضيف الباحثة الشقير: بحكم أنني درست في ولاية فلوريدا التي تعتبر موطناً للأعاصير والعواصف التي تعصف بها في معظم فصول السنة، وما يصاحب هذه الأعاصير من كوارث على الناس بشكلٍ رئيس (وكذلك البنية التحتية)، فمن هنا جاءت فكرة موضوع الرسالة، فتواجدي في هذه الولاية يجعلني مثل غيري معرّضةً لتبعات هذه العواصف، خاصةً وأننا لم نتعوّد على مثل هذه العواصف في المملكة بشكل خاص والخليج والعالم العربي بشكلٍ عام، وكان لا بد من التفكير في آلية معينة للتعامل مع ذلك الحجم الكبير للبيانات المتناثرة هنا وهناك والتي ينشرها الناس (سكان ولاية فلوريدا) مستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، (فهذه البيانات تعتبر غير ذات فائدة إذا لم يتم تحليلها ومعالجتها وجعلها في متناول الجميع، بحيث يستفاد منها في اتخاذ قراراتٍ صحيحة (قرارات مصيرية إن صحّ التعبير) في وقت الأزمات (فترة العواصف).وعن مراحل تناولها لإنجاز هذا التطبيق تضيف الباحثة: قمت بإجراء دراسةٍ عملية ارتكزت على جمع هذا الكم الهائل من البيانات المتناثرة وتوفيرها لمتخذ القرار، مواطناً كان أم مسؤولاً، سعياً نحو التخفيف من الآثار المترتبة على هذه العواصف، وحينما تهب الأعاصير يكون الهاجس الأكبر للمواطنين وحكومة الولاية على حدٍّ سواء هو الإخلاء السريع والآمن من المناطق التي ستهاجمها هذه الأعاصير والإخلاء بطبيعة الحال، يحتاج إلى توفر بياناتٍ إرشادية لكي يتم بسرعة تتناسب وحجم الحدث، وتساهم في تقليل الخسائر في الأرواح وفي الممتلكات. وتتابع الدكتور أمل حديثها: وهنا يكون اللاعبون الرئيسيون في توفير هذه البيانات هم المواطنون الذين يدخلون بياناتٍ هائلة عن حالة الأعاصير وعن الطرق التي ينصحون باستخدمها لإخلاء المناطق المنكوبة، وتلك الطرق الخطرة التي يجب الابتعاد عنها، فالناس في هذه الحالة أصبحوا يمارسون بأنفسهم دور “مدخلي البيانات” كما في السنوات الماضية، بيدَ أن هذه البيانات هي في حقيقتها متناثرة في أوعيةٍ مختلفة، وقد لا يصل إليها كثير من الناس الذين هم في أمسّ الحاجة إليها.وانطلاقاً من الحاجة الملحّة لتوفير هذه البيانات في مثل هذه الأوقات، التي تعتبر الثواني فيها ذات قيمةٍ بالغة، وقد تتوقف عليها في كثير من الحالات حياة أناسٍ كثيرين، صممت هذا البرنامج الذي من شأنه أن يلمّ شتات هذه البيانات ويضعها في متناول الناس الذين قد لا يسعفهم الوقت وهول الصدمة من الوصول إليها، فقد كان تركيزي منصبّاً على توفير هذه البيانات للناس في وقتٍ قياسيّ وبسرعةٍ تفوق سرعة القنوات الإخبارية والمراسلين، بل وتتجاوز ذلك إلى جعلها متوفرةً بمجرد ضغطة “زرّ” واحدة.وأشارت الباحثة إلى أنه بالإمكان الاستفادة من هذه الآلية في المملكة خاصةً في موسم الحج والعمرة في المقام الأول، بالإضافة إلى مواسم الأمطار الغزيرة وما قد يصاحبها من سيول من الممكن أن تهدد حياة المواطنين وكذلك العواصف الرملية كتلك التي حدثت خلال السنوات الماضية.