أخبار منوعة

تروما الصدمات بين القبول والرفض: طريق الإصلاح الداخلي

تروما الصدمات بين القبول والرفض: طريق الإصلاح الداخلي

الصدمات النفسية أو التروما ليست محصورة فقط بالأحداث القاسية والواضحة مثل الحروب أو الحوادث، بل تمتد لتشمل تجارب يومية وصراعات داخلية مع الذات، خاصة تلك التي ترتبط بقبول ورفض الآخرين لنا، وتأثير آراء ونظرات المجتمع على سلوكياتنا وشخصياتنا.

الاصطدامات مع العالم الخارجي والداخلي

الإنسان يواجه يومياً اصطدامات مع العالم الخارجي: اختلافات في وجهات النظر، رغبات الآخرين في التحكم، مواقف اجتماعية تتطلب التفاوض والتفاهم، وأحياناً الصمت والانصياع. لكن هناك اصطداماً آخر يكون مع الذات، حيث تبدأ أسئلة مثل: هل أنا شخص مقبول؟ هل ما أفعله يتناسب مع توقعات الآخرين؟ هل سأحظى برضاهم؟، وغالباً ما تكون الإجابة غير مريحة، مما يُعمق الشعور بعدم الرضا أو الحزن أو الخجل.

الجراءة والخجل: مواجهة الذات قبل مواجهة المجتمع

الكثير منا ينشأ وهو يتعلم القبول، وكيف يوافق الآخرين ويكتسب رضاهم. في المقابل، نادراً ما يتم تعزيز ثقافة الجرأة في التعبير عن الرأي أو رفض ما لا يتناسب مع مبادئنا. هنا ينشأ نوع من التوتر، حيث نجد أنفسنا نميل إلى قبول آراء الآخرين حتى ولو كانت تتعارض مع رغباتنا، بسبب الخوف من الرفض أو النقد.

الاهتمام بآراء الآخرين: بين الحاجة والتقييد

الاهتمام برأي الآخرين ليس عيباً بحد ذاته، فالإنسان كائن اجتماعي يتأثر بالبيئة ويؤثر فيها. لكن المشكلة تبدأ عندما يتجاوز هذا الاهتمام حدوده الطبيعية، ليصبح عبئاً يُثقل على النفس ويكبت احتياجاتها ورغباتها الحقيقية. عندما نغض الطرف عن ذواتنا ونضع آراء الآخرين في المقام الأول، تتشكل لدينا تروما داخلية، صدمة نفسية خفية نادراً ما نعترف بها.

نقطة الإصلاح الأولى: استعادة الاتصال بالنفس

الخطوة الأولى في أي عملية شفاء نفسي هي الاعتراف بأننا كنا، في كثير من الأحيان، نظلم أنفسنا. لا يمكن البدء في إصلاح حقيقي من دون التوقف للنظر داخلنا، ومنح أنفسنا فرصة حقيقية للاستماع لمشاعرنا واحتياجاتنا. بعض الطرق لبدء هذه الخطوة:

1. التأمل الذاتي: اعمل على تخصيص وقت يومي للتأمل والتفكير. هذا يساعد في ترتيب الأفكار وتحديد الأولويات الشخصية.

2. تقبل المشاعر دون تبريرها: الشعور بالخجل أو الخوف من الرفض أمر طبيعي، لكن لا ينبغي أن يُسيطر علينا. علينا تقبل هذه المشاعر كجزء من الذات دون محاولة تبريرها.

3. تعلم قول “لا”: أن تكون قادراً على الرفض بحزم ووضوح دون أن تشعر بالذنب هو خطوة مهمة نحو استعادة القوة الداخلية.

4. التقييم الذاتي بعيداً عن تقييم الآخرين: لا ينبغي أن يعتمد تقييمنا لأنفسنا على آراء الآخرين. جرب التقييم الذاتي بناءً على إنجازاتك وأهدافك الخاصة.

 

الخاتمة: بناء الذات الحرة

إن الحياة تتطلب منا أن نكون مرنين، لكن هذه المرونة لا تعني التضحية بذواتنا من أجل القبول الاجتماعي. في النهاية، يتجلى الإصلاح الحقيقي في الوصول إلى توازن يتيح لنا التعبير عن مشاعرنا واحتياجاتنا دون خوف من الرفض، حيث نكون على يقين بأن استحقاقنا للقبول ينبع أولاً من ذواتنا قبل نظرات الآخرين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock