وزارة التربية إلى أين؟
خبر مثير للغيرة العلمية اكثر مما هو مثير للدهشة ما تناقلته وسائل الاعلام الاماراتية مؤخرا حول خطة مستقبلية عن نية وزارة التربية ضم الروبوت كعضو هيئة تدريسية لتدريس مناهج المواد العلمية بالمدارس اعتبارا من العام الدراسي المقبل وفي منتهى الأمانة ان هذا الخبر استوقفني ليس لقراءته فقط ولكن احسست بذهول ورغبة في الصمت بل والحسرة على المليارات التي تهدر في مجال التعليم في الكويت على منهجية ثابتة منذ عهود مرتكزها هو اتجاه الحشو المعلوماتي وثقافة الحفظ والتلقين السائدة في مدارسنا وجامعاتنا وتمتد جذور هذه الثقافة أصلا إلى الثقافة السمعية النقلية التي بدأت تأخذ منحنى خطر في شيوعها ضمن كمنهج معتمد في نظام التعليم والتربية في البلد والتي بدورها تنتج مجتمعا مستنسخا مسلوباً مطيعاً ومستسلماً بعيداً عن الابتكار والابداع وهي بالتالي كفيلة بأن لا تخرج لنا أجيال قادره وفاعلة على إحداث التغيير
في حقيقة الامر, فعلاً ليل العرب طويل…. ولا ادري متى يفطنون الى ان منهجية التعليم في الغرب تتطور؟ متى تقترب المسافة وتسد الفجوة بيننا وبينهم ؟ وكلما قفزنا يوما يقفز الغرب لقرون قادمة؟
إن تدني مستوى التعليم في الكويت وهو حقيقة يذكرها حتى المسؤولين في الوزارة طامةً في الاهمال والتقصير فيما يخص جانب التعليم في الدولة وهو يدل كل الدلالة على النظرة القاصرة للمواطن بالدرجة الأولى كمورد حيوي هام.. يجب صب الاهتمام البالغ على تعليمه والنهوض بمستواه التعليمي والثقافي ..إن الضعف في مخرجات التعليم هو نتيجة حتمية لتصنيف التعليم ضمن الثانويات في الواقع التنفيذي على أرض الواقع.. وهذا الضعف في المخرجات لا تعانيه الكويت وحدها انما هو ظاهرة يعانيها النشء على امتداد الوطن العربي هذه الايام … مأساة التعليم في الكويت لا تحتاج لقياس فداحتها فقد يكفينا أن نلحظ القرارات العشوائية والغير المسئولة وخاصة عندما تصدر ممن يمسكون بزمام القرارات في وزارة التربية…. شجاعة أحد المسئولين في هذه الوزارة التعليمية للأسف لم تدفعه إلا إلى ان يطلق الاتهامات التي يفوح منها نفس الطائفية والعنصرية الهادفة الى شق صفوف الوحدة الوطنية متهماً من يعملون معه بالتطرف والولاء القبلي.. التساؤل هنا …. أما كان من الأجدر بهذا المسئول أن يتحلى بالمصداقية والشجاعة ؟ ويفتح التحقيق ليتأكد من صدق ادعاءاته واتهاماته ؟ وان يبدأ بفرض العقوبات ودحر الفساد في وزارته الذي بدأت رائحته تفوح في كل ركن فيها؟.. أيها المسئول وليت أمر هذه المؤسسة للنهوض بها وتطويرها وكان الأمل معقود بأن تحارب بها الفساد وتصلحها ولكن يبدو بأن الاختيار كان مخطئاً من البداية.. وأنك أعطيت نفسك الحق في ان تستنج استنتاجات خطيرة بدون أدلة ووثائق.. وأطلقت اتهامات عوجاء أثرت فيها نعرات طائفية بدل من أن تدعو للتكاتف ضد التطرف .. ان الغريب في الأمر أنه لم يصدر حتى الآن أي استنكار من مجلس النواب المحترم اتجاه هذه التصريحات…
فإلى متى؟….هذه البيانات التي تطلق من غير مبالاة لأثرها على نفسية المواطنين وإن افترضنا أن هذ المسئول الذي أطلق البيان العنصري الغير مسئول شخص طيب القلب وشفاف السريرة وصريح جداً وغير حذر بكلماته فللأسف فهذه سمات لا تصلح لأن يتحلى بها شخص مسئول .. بيان هذا المسئول مؤسف ومؤلم ومخيب للظنون.. وهي ليست لجنازة نريد أن نشبع بها لطماً.. ولكنها كلمات كشفت نفسية قائلها وعنصريته.. لا يوجد مكان قد اختطف في الوزارة.. الذي اختطف ايها المسئول هو الضمير الحي في الاصلاح واختطف الذوق في اختيار اللفظ وغياب القرارات السليمة في هذه الوزارة و كثرت التصريحات غير المسئولة..
إن كنت تمتلك الشجاعة الكافية والمسئولية عن هذه التصريحات؟ فأنقل شجاعتك لأرض الواقع وشكل لجان التحقيق في الشهادات المضروبة والوهمية والتعيينات الغير مطابقة للشروط وخاصة أنك من خلال منصبك لك الأحقية والقوة أن تبحث وتبحث وتتحقق وتتخذ قرارات… وإلا فأسكت البوق الغير مسئول .. والتفت للإصلاح…
د/ دلال عبد الهادي الردعان
استشارية نفسية وعضو هيئة تدريس في كلية التربية