«الشال»: الزيادات العشوائية لرواتب القطاع العام.. خاطئة اقتصادياً.. ومستحيلة رقمياً !
ضرورة ربط مستوى المكافأة بالإنتاجية.. لرفع كفاءة الإنفاق وتحفيز الموظف على التطوير والإبداع
وأوضح التقرير أن هذه المطالبات خاطئة مالياً واقتصادياً، لأنها ترفع من مزايا الوظيفة العامة في بلد يوظف قطاعه العام نحو 83.9% من عمالته المواطنة، إضافة إلى مخصصات دعم العمالة المواطنة في القطاع الخاص، حيث لا عمل حقيقيا ولا حتى مكان لغالبيتهم.
وأضاف «الشال» أن ما ذكره وزير المالية في تصريحاته الأخيرة، هو ربط مستوى المكافأة بمستوى الإنتاجية ما يرفع من كفاءة الإنفاق ويحفز الموظف على التطوير والإبداع ويرتقي بمستوى خدمات القطاع العام لصالح الجميع.
وذكر التقرير أن واحدة أخرى من خطايا ذلك النموذج العشوائي هي بدء نزوح العمالة المواطنة من القطاع الخاص إلى القطاع العام، كما أشارت أرقام 31/03/2023 للإدارة المركزية للإحصاء، خلافا لمستهدفات كل خطط التنمية،
ولأنه قطاع عام مزدحم يشمل كل وزارات الدولة ونحو 50 هيئة ومؤسسة وجهازا ولجنة دائمة، تسبب ذلك في خلق ازدحام إداري وتسبب في بيروقراطية عقيمة وبيئة أعمال طاردة، انحدر معها مستوى الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر ما فاقم من مشكلة تقلص احتمال خلق فرص عمل مواطنة مستدامة خارج القطاع العام.
وهي رقميا مستحيلة، لأن الكويت البلد الأعلى إدمانا على النفط، ومرونة نفقاته العامة عالية جداً حال ارتفاع أسعاره وإنتاجه، ومعدومة حال انخفاضهما، ونفقات موازنة السنة المالية الحالية 2023/2024 ارتفعت بنحو 11.7% لتبلغ 26.3 مليار دينار، بينما مسار أسعار النفط وإنتاجه إلى انخفاض.
وكان معدل سعر برميل النفط الكويتي لشهر مارس 2023 نحو 80 دولارا، وانخفض – وإن قليلاً – لمعدل ربع السنة المالية الحالية الأول (أبريل – يونيو 2023) إلى نحو 79.8 دولارا، رغم خفض إنتاج أوپيك+، وبلغ معدل سعره في شهر يونيو الفائت 76.6 دولاراً، ما يعكس اتجاهه الهابط، والأهم أن الكويت طالها في مايو 2023 خفض في حصة إنتاجها بلغ 128 ألف برميل يوميا، أي أصبح أدنى من مستوى الإنتاج المقدر في موازنتها الحالية.
وذلك يعني أن الكويت قد تحقق عجزا ماليا في موازنتها بحدود 5.5 مليارات دينار إن استمر سعر البرميل والإنتاج عند مستواهما لما تبقى من السنة المالية الحالية، ويهبط إلى 3.8 مليارات دينار عند احتساب أرباح الجهات المستقلة ضمن الإيرادات العامة.
وتبلغ النفقات المقدرة للرواتب والأجور والدعومات في الموازنة الحالية نحو 20.8 مليار دينار، ذلك يعني أن كل إيرادات الموازنة المحتملة لا تغطي سوى 99.5% من نفقات الرواتب والدعوم في حال عدم احتساب أرباح الجهات المستقلة، ونحو 108% في حال احتسابها، والوضع رقميا أسوأ في حال إقرار زيادتها العشوائية. ولعدة مبررات، نتائجها على المستقبل القريب كارثية، ففي الكويت نحو 783 ألف شابة وشاب أعمارهم ما بين أقل من سنة و24 سنة، أي ان مقابل كل كويتي في سوق العمل حاليا، هناك 1.8 كويتي قادم إليه، غالبيتهم قريبا، وأي رؤى لإنفاق الأموال لا تستثمر في خلق فرص عمل لهم، تعني دفع البلد إلى حالة بطالة شبابية سافرة وكبيرة تهدد استقراره.
وما يزيد مخاطر الوضع، هو أن أسعار النفط وإنتاجه إلى انخفاض، ففي الأشهر الثلاثة الفائتة خفض الإنتاج، ورغم ذلك انخفضت الأسعار، وحال توقف الحرب الروسية – الأوكرانية، سوف تزيد الضغوط إلى الأدنى على كل من أسعار وإنتاج النفط، وهو أمر لم يتبق سوى الكويت التي لم تتحوط له.
وأخيرا، وتحت ضغوط متزايدة، سوف تلجأ الكويت إما إلى تسييل مدخراتها، أو إلى الاقتراض بضمانها من السوق العالمي، وكلنا نعرف نماذج حاضرة لما آل إليه مصير دول دخلت مصيدة الاقتراض.
لكل ما تقدم، خيارات الكويت مع الهجمة الشعبوية على المالية العامة إن استمرت، هي جمع من الخاطئة والمستحيلة والكارثية، لذلك، نقدر ما ذكره وزير المالية، فهي وقفة لإنقاذ وطن جميل، وقفة لها تكاليفها حتما، ونأمل أن تكون الحكومة داعمة لهذا التوجه.