أخبار منوعة

الذكاء الاصطناعي في خدمة حجاج بيت الله الحرام

في عالم أصبحت فيه التكنولوجيا تحتل مكانة بارزة في كل ركن من أركان حياتنا، برزت أسئلة مهمة تتناول ما يمكن أن يقدمه التطوّر التكنولوجي على ممارساتنا الدينية والشعائرية. والواقع أثبت أن للتكنولوجيا المتقدمة كالذكاء الاصطناعي أثر كبير في إثراء الممارسات الدينية بطرق عديدة.

إذا غصنا إلى عمق عالم الذكاء الاصطناعي، نرى أنه يتيح قدرة رائعة على منحنا المزيد من الوقت للتركيز على الأمور التي هي حقًا مهمة، حيث أزال هم الإنسان المنصب على الواجبات اليومية التي تهدر وقته وجهده، وبالتالي أتاح المجال للتفكير والتأمل والوصول إلى استنتاجات إيمانية عميقة. وخلال موسم الحج السنوي، الذي يوحد المسلمين المؤمنين من جميع أنحاء الأرض في واحد من أكبر التجمعات الدينية في العالم، تتجلى هذه العلاقة بين الإيمان والابتكار. فعبر السنوات كان للتكنولوجيا دورًا مهمًا ومتزايدًا في تعزيز رحلة الحجاج وتبسيطها، مع بقاء جوهر المناسك والمحرك الإيماني للإنسان ركائز هامة في الرحلة الإيمانية للحج.

يعد استخدام الذكاء الاصطناعي في الحج فرصة لتعزيز الخدمات اللوجستية. فتعمل  الخوارزميات والبرامج الذكية بإدارة عمليات تنظيم الحشود بكفاءة عالية، مما يضمن سلامة مليوني حاج يتوافدون إلى المشاعر المقدسة. ويتيح تحليل البيانات الآني استجابة سريعة لأي تحديات ناشئة، مما يضمن تجربة حج سلسة وآمنة للجميع.

إنّ منصات الذكاء الاصطناعي والمنصات الرقمية التي تستعين ببراعة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وGoogle Bard ومنصات الوسائط الاجتماعية، تمنح الأفراد إمكانية التغلب على الحواجز اللغوية والجغرافية والتواصل مع بعضهم البعض بسلاسة وسهولة.

من الطبيعي أن تستفيد المملكة العربية السعودية من التكنولوجيا المتقدمة لجعل تجربة الحج والعمرة أكثر سلاسة وبساطة. تشمل الأمثلة على ذلك تطبيق “نسك” للتسجيل وتطبيق “توكيل”، الذي طورته إحدى الشركات الناشئة في السعودية، لتفويض أشخاص مؤهلين للقيام بعمرة البدل بهدف التسهيل على المسلمين غير القادرين على أداء المناسك من المرضى وكبار السن وذوي الدخل المحدود وغيرهم، ويتيح لهم تتبع تقدمهم أثناء تأدية العمرة.

ومن جهة أخرى، نذكر أن شركة “مسلم تور” وهي المشغّل السياحي الرسمي للحج في روسيا، قد بادرت إلى دمج التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي في عملياتها. فمن خلال الاستفادة من المحرك الذكي للهوية، طوّرت الشركة نظامًا آمنًا للتعرف على مستندات الهوية والمصادقة عليها، لتساهم هذه التقنية في تسريع معالجة الأوراق الخاصة بالحجاج بمقدار سبعة أضعاف خلال فترة الذروة.

وفيما يلي بعض الأمثلة البارزة التي تسلط الضوء على الطرق التي استطاعت من خلالها تقنيات الذكاء الاصطناعي مساعدة المملكة في توفير رعاية متطورة ومحسّنة للحجاج خلال موسم الحج لهذه السنة.

الأدلة الروبوتية

إن “روبوت الإرشاد” هو إبداع مميز يمثّل الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. يعمل هذا الروبوت بتقنيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي ومهمته إصدار فتاوى واستشارات إسلامية موثوقة. مع شاشة تعمل باللمس مقاس 21 بوصة والقدرة على التواصل بـ11 لغة تشمل العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والفارسية والتركية والماليزية والأردية والصينية والبنغالية والهوسا.

تم تصميم هذا الروبوت مع مراعاة إمكانية الحاجة إلى التنقل، فهو قادر على التحرك بسلاسة تامة على أربع عجلات، كما أنه مزوّد بنظام توقّف ذكي يضمن مرونة وسلاسة الحركة.

موصّل زمزم

من أجل تحسين جودة الخدمات في المسجد الحرام في مكة المكرمة، استخدمت الحكومة السعودية ببراعة تقنيات الذكاء الاصطناعي لتزويد الحجاج بزجاجات مياه زمزم بواسطة عامل توصيل روبوتي. يتمتع هذا الروبوت بالقدرة على العمل بشكل مستقل لمدة 5-8 ساعات، وهو قادر على التفاعل مع الأفراد بأسلوب سلس ومريح، مما يمثل قفزة كبيرة إلى الأمام في مجال عمليات الإمداد بمياه زمزم خلال موسم الحج.

المعقّم الروبوتي

كما قامت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي باستحداث روبوت مخصص لتعقيم المسجد الحرام. يغطي هذا الابتكار الروبوتي الفريد من نوعه مساحات شاسعة داخل المسجد ومختلف مرافقه، مما يوفر عملية تعقيم فعالة وشاملة دون الحاجة إلى أي تدخل بشري. بفضل السعة الهائلة التي تزيد عن 68 لترًا من الماء والقدرة على تغطية أكثر من 1000 متر مربع في الساعة، يعمل روبوت التعقيم بسلاسة لضمان البيئة النقية لزوار الرحمن.

الخدمات الرقمية

وسّعت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي مبادراتها الرقمية لتوفير تجربة سلسة ومتقدمة تقنيًا للحجاج وزوار الحرمين الشريفين. مع وضع الخطة الاستراتيجية الكاملة الخاصة بالعام 2024، تم إدخال 50 خدمة إلكترونية متنوعة و10 تطبيقات وأربعة مواقع إلكترونية. وتساهم هذه المنصات الرقمية في صيانة وتشغيل وتطوير الأنظمة والخدمات الإلكترونية، بما في ذلك تكوين الخوادم الإلكترونية المخصّصة لإعداد ضوابط الشبكة وسلاسة تدفقها، والتوزيع السلكي واللاسلكي، وإنشاء الغرف الحديثة لمراكز البيانات والمعلومات.

توضح هذه الأمثلة كيف أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا. ومن الضروري أن نعترف بالإمكانيات التي تتمتع بها والتي من شأنها أن تساهم في تعزيز علاقتنا بالله تبارك وتعالى. علاوة على ذلك، ونظرًا إلى أن الاعتماد على وظائف الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تحوّل إيجابي عميق في أداء فريضة الحج، فإنه بالتالي يثري الرحلة الإيمانية مع الحرص على الحفاظ على جوهر القيم الإسلامية الخالدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock