«رواسي» تناولت القضية بندوة عقدتها في نقابة الفنانين والإعلاميين
«الغش»… ظاهرة تهدد بانهيار المنظومة التعليمية
– خديجة المحميد: «كورونا» خلّفت لنا جوائح اجتماعية لا حصر لها أبرزها ارتفاع حالات الغش
– يعقوب الكندري: ما نراه من تدنٍ في التعليم انعكاس لحال البلد من فساد مستشرٍ في أركانه
– يوسف المحميد: المجتمع تعدى مرحلة الاستنكار إلى مرحلة التبرير الأخلاقي للغش
نظمت الرابطة الوطنية للأمن الأسري «رواسي» ندوة، أول من أمس، تحت عنوان «من غشنا فليس منا»، في مقر نقابة الفنانين والإعلاميين الكويتيين، أدارها الإعلامي الدكتور بسام الجزاف، وحاضر فيها كل من أستاذ الاجتماع والأنثروبولوجيا مدير مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية السابق الدكتور يعقوب الكندري، وأستاذ اللغة العربية يوسف المحميد.
في البداية، ألقت الباحثة في الفكر الإسلامي الدكتورة خديجة المحميد كلمة «الرابطة»، حيث عبّرت خلالها عن أسفها لما آلت إليه الحركة التربوية في الكويت، من تدنٍ كبير على الصعد كافة، مشيرة إلى أنه من بعد جائحة كورونا جاءتنا جوائح اجتماعية لا حصر لها، «حيث صدمنا جميعاً بارتفاع حالات الغش في الامتحانات خلال السنوات الأخيرة، وحصول الكثير من الطلاب على نسب فلكية، ما كانوا ليحصلوا عليها لولا تفشي هذه الظاهرة».
الحالة المرضية
وتساءل مدير الندوة الدكتور الجزاف عن أسباب تفشي ظاهرة الغش، التي استشرت في الحقل التربوي، طارحاً مجموعة من التخمينات على ضيفيه، عمّا إذا كانت هذه من مسؤوليات الأسرة أم وزارة التربية، وكيفية إيجاد الحلول الناجعة لوضع حد لهذه الظاهرة، والنظر إلى الموضوع بنظرة فاحصة وجادة لتشخيص هذه الحالة المرضية، كما وصفها.
ولم يُخفِ الدكتور الكندري ألمه من الوضع التعليمي الذي وصفه بـ «المزري»، مؤكداً أن ظاهرة الغش لا تعتبر مشكلة حديثة بل إنها قديمة، ولكن ما أثارها حالياً هو ما كتب عنها في الصحف من أرقام مرعبة اجتازت الـ 40 ألف حالة تم رصدها هذا العام.
ولفت إلى أن الغش يتعدّى موضوع الاختبارات، «فهناك غش في الغياب من دون عذر، والطبية الكاذبة التي يأتي بها الطالب وبمساعدة ودعم من الأسرة مع الأسف، فالغالبية العظمى من الطلبة يعتبرون الغش أمراً مقبولاً في المجتمع».
وتابع أن «التعليم هو عمود البناء الأساسي في البلد، لأنه لا يُعلم الكتابة والقراءة فحسب، بل يُعلم الأخلاق والقيم، ولكن ما نراه من تدنٍ في التعليم هو انعكاس لحال البلد، حيث الفساد المستشري في أركان الدولة بالإضافة إلى التعيينات (البراشوتية)، فضلاً عن تدخلات بعض السياسيين في التعليم وهو ما أدى إلى تدهوره، فكانت المخرجات هشّة»، مُحذراً من انهيار المنظومة التعليمية في حال استمرت على هذا النهج. وشدد على أن علاج المشكلة هو الاعتراف بها، «فإذا لم تحدث انتفاضة تربوية فستنهار الدولة بفساد الأخلاق».
وعن دور المسجد في الحد من هذه الظاهرة، قال الكندري إن «دوره مهم للغاية في حل المشكلات الاجتماعية، ولكن إذا نظرنا إلى خطبة الجمعة في مساجدنا لوجدنا أنها تقليدية، ولا تناقش الواقع الذي نعيشه».
الغشاشون… نوعان
قال أستاذ الاجتماع والأنثروبولوجيا مدير مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية السابق الدكتور يعقوب الكندري، إن هناك نوعين من الغشاشين. فبينما يتصف النوع الأول بأنه ذكي ومبتكر لأساليب الغش، يكون النوع الآخر عادة مرتبكاً ومكشوفاً بالنسبة إلى المراقب.
ابن الناظر… لا يرسب
أكد الكندري أن ابن الناظر لا يرسب في مدارسنا، وهذه حقيقة وواقع لا يمكن إنكاره، مشدداً على أن الغش لا يكون فقط في ورقة الامتحان، بل قد يتمثل بموظف فاسد، أو مدير مرتشٍ، أومهندس لا يحافظ على حياة الآخرين في البناء، أو دكتور يقتل الناس بدلاً من أن يعالجهم.
المعلم المحبوب
قال أستاذ اللغة العربية يوسف المحميد إن المعلم المحبوب عند الطالب هو الذي يمنح الغشاش الحرية لكي يغش، مبيناً أن إحدى الثانويات في الكويت بلغت فيها نسبة النجاح 100 في المئة لسنوات طويلة، وعندما تغيرت إدارتها، لم يتعدّ الناجحون فيها 4 في المئة !
الحلقة الأضعف
أكد المحميد أن المؤسسات الرسمية في العصر الحالي هي الحلقة الأضعف، في ما يتعلّق بالتأثير على الطلاب، مثل المدرسة، المسجد، وزارة الإعلام، مثمناً الرسوم المتحركة التي كانت تعكس ثقافات الشعوب في السابق وأسهمت في غرس الكثير من القيم الأخلاقية في نفوس التلاميذ، «أما الآن فلا نرى مثل هذه المحتويات المفيدة».