إستراتيجية توم كروز.. وصفة ذهبية للتصدي للشخصيات “السامة”
من المهم أن تكون على دراية بالظروف المحيطة بك ومدى قدرتك على التفاعل مع الشخص “السام” بأمان
عندما نتعرض للمضايقات، يُصبح أمامنا بضع ثوان لنقرر فيها ما إذا كنا سنطلق العنان لغضبنا، أو نهدأ ونبتعد. لكن الممثل الأميركي توم كروز فضل خيارا ثالثا لمواجهة هذا الموقف “يجمع بين الهدوء وطرح الأسئلة”.
فأثناء مشاركته في مهرجان لندن السينمائي عام 2005، رش مراسل القناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني وجه كروز بمسدس مائي على شكل ميكروفون، وقد اعتذرت القناة فيما بعد عن ذلك السلوك.
وقبل أن يهرب، هاجمه كروز بأسئلة من قبيل “لماذا تفعل ذلك؟ وما المضحك هنا؟” وفقاً لما ذكرته صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” (LAtimes) حينها. وبدلاً من أن يُستدرج كروز لفخ الغضب، اختار أن يتصرف بقدر من الثبات الانفعالي، مستخدماً سلاح “طرح الأسئلة”.
ورغم مرور سنوات على الطريقة التي اتبعها كروز للتصدي للمضايقات، فقد تبنتها الدكتورة كيمبرلي موفيت، المُعالجة الحاصلة على الدكتوراه بعلم النفس، خياراً لمحاربة “السلوكيات السامة” وأطلقتها على موقع “تيك توك” (TikTok) تحت اسم “منهجية توم كروز” (Tom Cruise Method) وسأل موقع “بيورواو” (Purewow) خبراء مؤخراً عما إذا كانت مفيدة عند التعرض للمضايقة.
ويعرف الشخص “السام” عموماً بأنه كل من تصدر عنه تصرفات سلبية ومسيئة ومزعجة للناس، ولا يرتاحون لسلوكياته.
سر الفاعلية
تخبرنا المُعالجة النفسية أليسا مانكاو أن “أحد الأسباب التي تجعل الشخص السام يبحث عن الإهانة والإساءة بشكل دائم، هو رغبته في تقليل احترام الآخرين لأنفسهم، من خلال الاستفزاز، والإيهام والتلاعب”.
ولأن بعض الأشخاص “السامين” يستمتعون بتجاهل مشاعرنا، بينما يسعى آخرون إلى توريطنا في رد فعل متهور، فإن فاعلية طريقة كروز “تكمن في خفضها لدرجة الشحن العاطفي المُتبادل، من خلال قوة المقاطعة” وفقاً للطبيبة النفسية نينا فاسان.
وتوضح فاسان أن “مقاطعة شخص يسعى لإضحاك الآخرين من شخص آخر، تكسر الحلقة التي يحاول إحكامها على الحدود الشخصية للضحية، وتجعل تأثيره السام يهبط إلى درجة أقل”.
وبدلاً من خوض معركة خاسرة لمجرد إظهار قوة الغضب، تقترح طريقة كروز “تجنب الهيجان، والاحتفاظ بطاقتنا، لتفريغ بالون قوة الشخص السام بشكل فعال” على حد قول مانكاو.الشخص السام يبحث عن الإهانة والإساءة دائماً بهدف تقليل احترام الآخرين لأنفسهم
وصفة ليست مناسبة دائماً
لكن مانكاو تستطرد لتخبرنا أن “طريقة كروز التي تراهن على أن الهجوم -بطرح الأسئلة يمكن أن يردع شخصا ساما- ليست نهجا مناسبا لكل الناس”.
وتوصي قائلة “من المهم أن تكون على دراية بالظروف المحيطة بك، ومدى قدرتك على التفاعل مع هذا الشخص بأمان، قبل أن تفكر في القفز لتفكيك سلوكه المؤذي”.
فالأمر برمته يعتمد على مدى نجاح رد فعلنا الأولي، في جعل الشخص المتلاعب يشعر بما نشعر به، وتحمل المسؤولية عن إيذائه لنا “وهذا يتوقف على مدى نزاهته واستعداده لذلك، لأنه إذا لم يكن مستعدا للاعتذار والتراجع، فمن غير المرجح أن يستجيب أبدا، أو يشعر بالذنب”.
لذا، تنصح الدكتورة كارولين روبنشتاين، الأخصائية النفسية الحاصلة على درجة الدكتوراه، قائلة “إذا بدأ الجاني في رفع صوته أو استمر في الاستفزاز، فمن الحكمة الابتعاد عنه تماما”.
محاور طريقة كروز
- الحفاظ على الهدوء قبل الرد، فمن الواضح أن تكتيك كروز يعتمد على البدء بالتهدئة تماما، والتي تتم عبر محادثة ذهنية حماسية في اللحظات التي تلي الإهانة، كما تقول الدكتورة روبنشتاين، مُضيفة “اقترب من الشخص الآخر بهدوء، استجمع نفسك، تنفس بعمق، قل لنفسك: يمكنني القيام بذلك، ثم انخراط في طرح الأسئلة”.
- ضبط نغمة الصوت، حيث إن “رباطة جأشنا هي التي تحدد نغمة بقية المواجهة” بحسب الدكتورة فاسان التي توضح قائلة “عندما يراك الجاني تتصرف بهدوء، وتتظاهر بعدم المبالاة، وتسأله: ماذا تقصد بذلك؟ فمن المحتمل أن يكون ذلك بمثابة نموذج لسلوكك الثابت الذي يدعو الآخر إلى خفض التصعيد”.
- تحويل الغضب إلى فضول و”لا تسمح للسلوك الوقح بإثارة غضبك” كما تقول صوفي ليزارد. فطرح الأسئلة بقوة وهدوء، وفقا لطريقة كروز “يُعد طريقة رائعة لتحويل غضبنا إلى فضول يساعدنا في تنظيم عواطفنا، ويتيح لنا فرصة لاستيعاب سلوك الشخص الآخر بشكل أكثر عقلانية” بحسب روبنشتاين.
ورغم أن علماء النفس يؤكدون صعوبة التحكم في كلمات أو أفعال شخص ما، تؤكد روبنشتاين على إمكانية “تحفيز تفكيرنا الذاتي، من خلال الأسئلة، لتقليل الأذى، ودفع الشخص لإعادة النظر في سلوكه السام”.علماء النفس يؤكدون صعوبة التحكم في الكلمات أو الأفعال أمام الشخصيات السامة (بيكسلز)
- طرح أسئلة عامة ومفتوحة، حيث تنصح روبنشتاين من يسلك طريقة كروز “بتجنب توجيه أصابع الاتهام، وأن تكون الأسئلة مختصرة ومباشرة وغير صدامية: مثل: ماذا تقصد بذلك؟ هل يمكن أن توضح لي ما المُضحك في الأمر؟ هل ترضى أن يحدث لك هذا؟.. وهكذا.
- التخلي عن جعل حل النزاع هو الغاية، فبدلا من الحرص على التفوق عبر حل النزاع على الفور، ينصح الخبراء بمحاولة فهم وجهة نظر الآخر بشكل أفضل، وجعل الأسئلة تأتي لاحقا “فقد يكون لدى الشخص أسباب خاصة تجعله مؤذيا، كأن يكون مر بيوم سيئ، أو في عجلة من أمره ولا يجد وقتا للتهذيب، أو ربما لا يدرك مدى الوقاحة التي يبدو عليها” كما تقول ليزارد.
وتضيف روبنشتاين “عندما تكون في حالة ذهنية أكثر استرخاء وتقبلا وعقلانية، يمكنك الوصول إلى جوهر المشكلة، وتفهم الخلفيات والدوافع، ووضع خطة للحل”.
- التركيز على وضع الحدود، فرغم أن طرح الأسئلة في طريقة كروز يأتي لتعطيل الشخص المؤذي، وتخفيف سلوكه السام. لكن الواقع أنه “لا يمكن جعل شخص ما مهذبا، إذا أراد أن يكون وقحا” بحسب ليزارد.
لذا، تُشدد مانكاو على أهمية وضع الحدود أمام السامين، بدلا من الاكتفاء بطرح الأسئلة، معتبرة أن عبارات وضع الحدود، مثل “لن أستمر ما لم تتحدث بهدوء” أو “لن أتحدث إلا عن الحقائق” أكثر فعالية وملاءمة.
وتؤكد على “إلغاء أية محادثة تتضمن تلاعبا أو إهانة، ولا يُجدي طرح الأسئلة فيها نفعا، وتعلم الاعتناء (أو الاعتداد) بالنفس، والاهتمام بالأعصاب، كطريقة للتغلب على السلوكيات السامة”.
المصدر : مواقع إلكترونية