علم النفس يشرح لك.. لماذا يشارك الناس منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؟
لا يمكن إنكار أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تساهم في تغيير المجتمعات بشكل كبير، فقد زاد مستخدمو موقع «تويتر» على سبيل المثال بنسبة 29% على أساس سنوي، ووصل عددهم إلى 187 مليون مستخدم، وهم يرسلون أكثر من 500 مليون تغريدة يوميا.
ويقوم مستخدمو موقع «يوتيوب» من ناحية أخرى برفع 400 ساعة من المحتوى كل دقيقة، بينما يضم موقع «فيسبوك» 2.8 مليار مستخدم نشط شهرياً، والذين يقضون نحو 20 ساعة شهرياً في تصفح الموقع، حسب ما نقله موقع «أرقام». وتطرح الأرقام السابقة تساؤلاً حول سبب قضاء الأشخاص كل هذه الساعات الطويلة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومشاركة المحتوى.
5 أسباب وراء مشاركة الأشخاص المحتوى على مواقع التواصل
1 ـ إبراز الهوية
في دراسة أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز» حول مشاركة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، قال 68% من المشاركين إنهم يشاركون منشوراتهم على مواقع التواصل لمنح الآخرين شعورا أفضل حول من هم وما هي اهتماماتهم.
ويمكن فهم هذا السلوك من خلال التفسير الذي قدمه عالم النفس الراحل كارل روجرز، والذي قال إن شخصية الفرد تتكون من ذات حقيقية (ما يكونه الشخص فعلا)، وذات مثالية (الشخصية التي يريد أن يكونها).
ويشير روجرز إلى أن الأفراد يسعون دوماً للتصرف على النحو الذي يقربهم من ذاتهم المثالية، وبالتالي يمكن اعتبار المحتوى الذي يشاركه الشخص بمنزلة انعكاس للشخصية التي يريد أن يراها الآخرون، فقد ينشر الشخص مقطع فيديو كوميديا لإظهار مدى تمتعه بروح الدعابة، أو ينشر آخر مقطعا موسيقيا للتعبير عن ذوقه الموسيقي.
وذكرت مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي أيضا أن مشاركة المنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قد تمنح الأشخاص ردود فعل إيجابية تعزز ثقتهم بأنفسهم، وكلما زادت مشاركتهم على مواقع التواصل، حصلوا على المزيد من الإعجابات والتعليقات والمتابعين، وبالتالي الشعور بالمزيد من الثقة، مما يشجعهم على مواصلة نشر المحتوى، للحصول على المزيد من التعليقات والآراء الإيجابية في المقابل.
2 ـ تقوية العلاقات
لأن البشر كائنات اجتماعية، فإنهم يحرصون على تكوين علاقات اجتماعية، ويسعون للحفاظ عليها، وبالتالي قد تكون تلك الرغبة في تقوية العلاقات مع الآخرين دافعا آخر وراء مشاركة المحتوى عبر مواقع التواصل، خاصة أن حياة الأفراد مزدحمة بالمشاغل والمسؤوليات، ووقتهم محدود، فتوفر مواقع التواصل لهم وسيلة مناسبة للبقاء على تواصل مع أصدقائهم.
ظهر ذلك بشكل واضح خلال جائحة كورونا، فبعد أن أجبرت الجائحة الأشخاص على التباعد الاجتماعي، وجدوا في مواقع التواصل وسيلة بديلة لتعويض غياب المقابلات مع الآخرين وجها لوجه.
وفي أحد الاستطلاعات، قال 43% من المشاركين إن مواقع التواصل الاجتماعي تجعلهم يشعرون بتحسن عندما يحسون باكتئاب أو توتر أو قلق، بينما قال نحو 90% من الشباب الذين شملهم الاستطلاع إن مواقع التواصل الاجتماعي كانت إما مهمة «جدا» أو «إلى حد ما» في بقائهم على اتصال مع عائلتهم أو أصدقائهم خلال الجائحة.
وفي بعض الأحيان يصادف الفرد محتوى يعتقد أنه سيكون مفيدا لأصدقائه، فيقوم بمشاركته معهم عبر الإنترنت، وبالمثل يحب الأفراد مشاركة المحتوى الذي يعبر عن اهتمام أو تجربة مشتركة مع الآخرين.
3 ـ الحصول على هدية
تستخدم العلامات التجارية مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع المستهلكين، ويمكن أن تشجع العلامات التجارية الأشخاص على مشاركة منشور لها للحصول في المقابل على عروض خاصة، مثل خصم على أحد المنتجات أو الحصول على هدية مجانية.
4 ـ الشعور بالانتماء
يشير الباحثون إلى أن من بين الدوافع أيضا التي تجعل الأشخاص يشاركون المحتوى عبر مواقع التواصل هو رغبتهم في الشعور بالانتماء.
وفي دراسة أجرتها جامعة «كوينزلاند»، طلب من مجموعة نشطة من مستخدمي «فيسبوك» المشاركة في نشاط عادي عبر الموقع، لكن ما لم يعرفه المشاركون في الدراسة أنهم لن يتلقوا أي تعليقات أو تفاعل على منشوراتهم. في نهاية الدراسة قال المشاركون إن التجربة كانت لها آثار سلبية على تقديرهم لذاتهم ورفاههم الذاتي.
وعادة ما يتلقى الأشخاص على منشوراتهم عبر الإنترنت ردود فعل إيجابية من أصدقائهم، ويتفق معظم الأشخاص أنهم يشعرون بسعادة عندما يتلقون مئات الإعجابات على منشوراتهم، يمكن للتفاعل عبر الإنترنت وتلقي ردود فعل إيجابية أن يشعر الأشخاص بالتحقق، ويمنحهم شعورا بالتواصل مع من حولهم.
5 ـ الرغبة في مشاركة محتوى مفيد
في بعض الأحيان يرغب الأشخاص ببساطة في مشاركة محتوى لأنهم وجدوه مفيدا أو ممتعا، ويرغبون في مشاركته مع الآخرين حتى يستفيدوا منه بالمثل، وقد يكون ذلك مقطع فيديو ممتعا، أو صورة ملهمة، أو مقالة مفيدة