قسم السلايدشوجامعة الكويت

الفيلي: «عاجل الأمور» لدفع «ضرر محقّق» أو تحقيق «منفعة بالغة» المبارك: عواقب وخيمة لغياب محددات العواجل من الأمور

خلال ندوة في كلية الحقوق عن اختصاصات الحكومة خلال هذه الفترة ومدتها

نظمت لجنة التطورات التشريعية في قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت ندوة «حكومة تصريف العاجل من الأمور اختصاصها ومدتها» ظهر امس بتنظيم من د.سارة السلطان ود.فاطمة دشتي. بداية، قال الخبير الدستوري واستاذ القانون العام بجامعة الكويت د ..محمد الفيلي: ان مفهوم العاجل من الأمور يؤدي إلى ممارسة اختصاصات تتضمن قرارات، وبالتالي فنحن امام عنصر من عناصر المشروعية، وهكذا يأتي دور قاضي المشروعية سواء الدستورية او الإدارية، مشيرا إلى ان مدة حكومة تصريف العاجل من الأمور تستمر إلى ان تتشكل الحكومة الجديدة وتتسلم عملها، وفي تلك الفترة ليس لرئيس مجلس الوزراء المكلف أن يتخذ اختصاصات منوطة بالحكومة، وهذا ما أكدته المحكمة الدستورية في حكم البطلان الأول.

وأوضح د ..الفيلي أن من وضع الدستور الكويتي انطلق من النظام البرلماني، وفي هذا النظام يعتبر عنصر من عناصر الأمان للحكومة أن تكون من الأغلبية البرلمانية أو مقبولة من الأغلبية البرلمانية، وحتى توجد أغلبية برلمانية لابد من وجود أحزاب.

وأفاد الفيلي بأن الإشكالية ليست في مدة حكومة تصريف العاجل من الأمور، وانما في وجود حد أدنى من استمرار المؤسسات الدستورية، لافتا إلى أن الرقابة البرلمانية في تلك الفترة بطبيعتها ضعيفة بسبب أن واحدة من اهم الأدوات التي بها مخالب واسنان والمتمثلة في «الاستجواب»، والذي من الجائز ان ينتهي إلى طرح الثقة، لم تكن متوفرة مع الحكومة المستقيلة، موضحا ان استمرار البرلمان في العمل خلال الفترة الحالية عنصر امان لهذا النظام الضروري، وواقعيا اليوم في وجود مجلس لا توجد به كتل واضحة، وبالتالي فإننا نحتاج اليوم إلى فكرة تصريف العاجل من الأمور في اطار استقالة الحكومة لإعادة تشكيلها وفق المادة 57، والتي تنص على أن«يعاد تشكيل الوزارة على النحو المبين بالمادة السابقة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الامة».

وذكر د.الفيلي ان فكرة حكومة تصريف العاجل من الأمور هي فكرة مرتبطة باستمرار الدولة، موضحا ان الحكومة قد تستقيل وقد تقال وهذه تبعيات أي نظام سياسي خاصة في النظام البرلماني، وبالتالي فهناك مرحلة انتقالية إلى تعيين الحكومة الجديدة، اما ان نأتي بحكومة مؤقتة تدير تلك المرحلة، وهذا واقعيا تكلفته اعلى من الحل الثاني المتمثل في ان تستمر الحكومة السابقة في العمل.

ولفت إلى ان الاعمال التحضيرية للدستور الكويتي لم تقدم ما يضبط الموضوع، مشيراً إلى ان وجود الحكومة الانتقالية مرتبط بعلة هي ضمان استمرار وظائف الحكومة. وأضاف: الحكومة لديها 3 أنواع من الوظائف، إدارية وسياسية داخلية وسياسية خارجية، موضحا ان وظيفة الحكومة الإدارية هي ضمان استمرار المرافق العامة بانتظام وافتراض وضمان الضبط الإداري «امن عام، صحة عامة»، موضحا ان العاجل من الأمور هو إما أمر اذا لم يصدر قرار به فسيلحق ضرر «محقق ان لم يكن بالغ»، او يفوت منافع بالغة الأهمية على الدولة.

الضبط الإداري

وذكر د.الفيلي ان التسيير المعتاد للمرافق العامة والضبط الإداري تدخل ضمن نطاق العاجل من الأمور، موضحا ان الحكومة تدير علاقة مع البرلمان والقضاء في الداخل ووفق الدستور تدير علاقة الدولة بالدول الأخرى، موضحا ان في العلاقة السياسية الداخلية وفق الدستور هناك قرارات إدارية تتصل بسير المؤسسة البرلمانية (دعوة للانعقاد، فض دور انعقاد، تقديم مشاريع قوانين، وقف جلسات لمدة شهر المادة 107، حل المجلس) قائلا: الحكومة مستقيلة فيفترض ان اعمالها تتعطل، ولكن السؤال هنا: هل يجوز لها ان تعطل اعمال المؤسسات الأخرى؟ مجيبا: لا، نظرا لأن الاستقالة تقع على الحكومة.

وأضاف: وفي علاقة الحكومة بالمؤسسات الأخرى، فهناك السير المعتاد الذي يتضمنه العاجل من الأمور وهناك ما هو اكثر من المعتاد، وبالتالي فإن الحد الادني لابد ان يظل ضمان للسير المعتاد ألا تستخدم من القرارات ما يؤثر على السير المعتاد. وأوضح د.الفيلي ان حل مجلس الامة على سبيل المثال اذا كان مهما وعدم حله يلحق ضرر او أنه بعد مرور فترة أصبحت هناك قناعة بأنه لا يمثل رأي الناخبين، وبالتالي فإذا كان ذلك يؤثر على السلام الاجتماعي يعتبر ضمن العاجل من الأمور. وتابع: وكذلك الحال مع القضاء، فالدستور يقرر مبدأ استقلال القضاء ولكنه مبدأ قابل للتنظيم بقانون والقانون يرتب أدوات تصدر من السلطة التنفيذية في التعيينات الإدارية، وبالتالي اذا كنا بصدد ضمان سير معتاد لمرفق القضاء فيصبح هذا اقل من العاجل من الأمور ويتضمنه.

وذكر ان الاعفاء من العقوبة بمرسوم هو في الأصل استثناء من مبدأ الاستقلال امام القضاء ومبدأ حجية الاحكام، ولكن هو موجود في الدستور ولعلة وأسباب، وهنا نعتقد ان في هذه المسألة نخرج من اطار السير المعتاد، فيجب ان نعيد الطرح، موضحا ان العاجل من الأمور ان لم يتخذ يلحق ضررا في حال اكتشاف أخطاء قضائية على سبيل المثال.

الاستقرار السياسي

بدورها، أوضحت أستاذة العلاقات الدولية بقسم العلوم السياسية بجامعة الكويت د.معصومة المبارك: ان الاستقرار السياسي يعطي فرصة التقارب بين العمل السياسي والمحددات القانونية نتيجة الانسجام بين السلطات، بينما الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار يخلق مساحة من عدم التقارب بينهم للانشغال بالوضع السياسي المضطرب، موضحة ان استكمال السلطتين مدتهما الدستورية هو مؤشر أساسي من مؤشرات الاستقرار السياسي، بينما التغير المتكرر للتشكيل السياسي سواء التغير خلال الفترة التشريعية او بسبب الانتخابات وما يتبعها من استقالة الحكومة وما يرافق ذلك فترة حكومة تصريف العاجل من الأمور وضعف الرقابة على تصرفات وقرارات الوزراء خلال تلك الفترات فتكمن الخطورة هنا في استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي.

وأفادت المبارك بأن الكويت شهدت حالات طويلة من عدم الاستقرار السياسي ومرت على الكويت خلال الفترة من الاستقلال حتى يومنا هذا 39 حكومة إما بسبب الاستقالة او الانتخابات، وبالتالي فلدينا 39 حالة حكومة تصريف العاجل من الأمور وتلك الحكومات فقط 4 منها كملت مدتها الدستورية.

وأشارت د.المبارك إلى ان المدة بعد الانتخابات عرفا أصبحت هي مدة تشكيل الحكومة أسبوعين وفي الكثير من الحالات شكلت وهي ناقصة العدد حتى تبر بالمادة الدستورية، اما في الحالات الأخرى غير المحددة دستوريا فإن المدة يتم التوسع بها إلى 50 يوما كما حدث مع احدى حكومات الشيخ ناصر المحمد و41 يوما مع سابع حكومة للشيخ جابر المبارك، موضحة ان الخطورة تكمن في عدم وجود محددات حول مفهوم العاجل من الأمور وبعض الوزراء يضعون كل شيء تحت العاجل من الأمور وآخرون العكس صحيح، وتكون هناك إخفاقات في إدارة الحكومة لمفهوم العاجل من الأمور، ولهذا ديوان الخدمة المدنية بعد اعلان قبول استقالة الحكومة يصدر تعميما مثلما حدث في الفترة الأخيرة. وأضافت: لدينا تكرار حالة تصريف العاجل من الأمور وعدم وضوح مفهوم التصريف العاجل من الأمور لان لو كان هناك محدد واضح لما هو العاجل من الأمور سواء بالتعميمات او تشريعات او اصدار قرار من مجلس الوزراء يلزم الوزراء بأن هذا هو العاجل من الأمور، لكن الوضع افضل مما هو عليه الآن واستمرار ذلك الوضع سيجعل العواقب وخيمة واداريا ستكون سيئة.

عبدالكريم: لا رقابة برلمانية على الحكومة المستقيلة

ذكر أستاذ القانون العام بكلية الحقوق د.أحمد عبدالكريم ان المشرع الكويتي لأهمية الحكومة قرر بعد استقالة الوزراء ان يقوم الأمير بتكليف الحكومة بتصريف العاجل من الأمور كل في شؤون منصبه، موضحا انه لا توجد في تلك الفترة رقابة برلمانية على تلك الحكومة المستقيلة. وأشار د.عبدالكريم، خلال الندوة، إلى ان الإشكالية ان مدة الحكومة ستتجاوز شهرا او شهرين من دون وجود تلك الرقابة، وبالتالي فإن الحكومة غائبة عن الرقابة البرلمانية، موضحا ان حكومة العاجل من الأمور هي الحكومة التي كانت تأخذ الاختصاص الكامل في اخذ القرارات، واصبح هناك استثناء جزئي من هذا الاختصاص وهو تصريف العاجل من الأمور ومنها على سبيل المثال الاخلال في الامن او الصحة حماية للنظام العام وكذلك الأمور المستعجلة. وأفاد عبدالكريم بأن مشكلتنا في الكويت فيما يخص تصريف العاجل من الأمور ان التطبيق العملي لتلك القرارات له إشكالية، فهناك بعض الحكومات تحضر جلسات مجلس الامة كونها حكومة تصريف العاجل من الأمور، وفي أحيان أخرى لا تحضر تلك الجلسات بسبب كونها حكومة مستقيلة بالإضافة إلى مدة حكومة تصريف العاجل من الأمور، متسائلا: فإلى متى ستستمر الحكومة خارج الرقابة البرلمانية بسبب عدم تشكيل أعضائها حتى الآن؟.
المصدر:
الأنباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock