أ. افراح عبدالله الردعان تكتب: الشغف في التدريب
التدريب عالم متشعب التخصصات ومتفرد بالوسائل والتطبيقات التي تنقل المعلومة من حيزها التعليمي الفكري إلى الحيز التدريبي العملي ليتم تطبيقها باستخدام المعارف والمهارات وذلك لتنمية القدرات وتعديل السلوك وتطوير المفاهيم والمعلومات.
عالم التدريب .. عالم ممتع ، مُشبع بالعديد من الأهداف والأساليب التدريبية القيمة التي يسعى لترسيخها كل معلم ومدرب وكل من يعمل في المجال التربوي بصورة عامة ، وفي ظل الظروف الراهنة المتمثلة في جائحة كورونا ، والتي كان لها الأثر الكبير في حدوث العديد من التغييرات الطارئة على جميع المستويات ومختلف الجوانب.
وما يهمنا هنا ، هو كيفية التعايش في ظل هذه الظروف ، وكيف نكمل المسيرة التعليمية والتدريبية على أكمل وجه ، إلى حين عودة الحياة الطبيعية قريباً بإذن الله تعالى.
الشغف ، هو الحماس الشديد تجاه شيء ما. أن وجود الشغف في التدريب من الخصال المتميزة في كل معلم أو مدرب، وذلك لأن هذا الشغف هو الحافز والدافع لابتكار كل فكرة جديدة تجعل من العملية التعليمية أو التدريبية ممتعة وذلك بهدف جذب وشدّ انتباه المتلقي عن بُعد.
إن جذب انتباه الطلبة من خلال التعليم والتدريب عن بُعد ليس بالأمر السهل ، فنحن كمدربين نتواصل مع طلبتنا من خلال أجهزة إلكترونية ولا نراهم رؤيا العين كما كُنا نراهم في الفصول الدراسية ، ومن هنا تزداد أهمية الشغف في التدريب حتى يُبدع كل مدرب في استخدام الطرق والأساليب المختلفة التي تُحفز وتُشجع الطلبة وتجذب انتباههم وليتمكن من السيطرة على الفصل الافتراضي وكأنه فصلاً حقيقياً فعلا.
كلما كان المدرب شغوفاً في عمله ، محباً لطلبته ، مقدراً لظروفهم الخاصة والظروف الطارئة العامة ، ليّن وهين معهم كلما انساقت له القلوب قبل العقول لتنصت لما يقول.
إن الروح الشغوفة تطغى على كل مكان تتواجد به ، وديننا الإسلامي العظيم يحثنا على التفاؤل والابتسامة والكلمة الطيبة التي تُحبب فينا خلق الله تعالى جميعا وتقربنا منهم حتى يتقبلوا منا ما نُملي عليهم بصدر رحب ونفس توَّاقة لتلقي المزيد من العلم المفيد.
وجب علينا دائماً كمعلمين ومدربين أن نحرص على اللين وتيسير الأمور ، ولنا في رسولنا الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام الأسوة الحسنة ، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: أَن النبيَّ ﷺ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ) رواه مسلم.
وعن أَنسٍ رضي الله عنه عن النبيِّ ﷺ قَالَ: (يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا) متفقٌ عَلَيْهِ.
قد قيل : “ربّ ضارة نافعة”، وفعلاً هذا ما لمسته مع الطلبة والطالبات في ظل الظروف الطارئة لهذه الجائحة، فإني أشعر بالسعادة عندما أرى حرص طلبتنا وطالباتنا على التعلم والتعليم واكتساب المهارات التطبيقية الجديدة من أجل مواكبة على مجريات الأحداث.
لقد كان التعليم والتدريب عن بُعد باستخدام التطبيقات والمنصات التعليمية هو الحل الأمثل لاستمرار التعليم والتدريب في ظل هذه الظروف الطارئة ، فكم طالب وطالبة اكتسبوا مهارات جديدة حتى يواكبوا هذة المرحلة الهامة ، وكم منهم التحق بدورات تدريبية لاستخدام هذة التطبيقات والمنصات وكذلك لا ننسى الدور الداعم جداً لأولياء أمورهم الكرام.
ما حدث أراه بزاويتي المتواضعة نقلة نوعية جميلة جداً لاكتساب معارف ومعلومات ومهارات جديدة من أجل التعاون لاكمال المسيرة التربوية بقطاعيها التعليمي والتدريبي، ومن الجوانب الايجابيه أيضا اتقان الطلبة والطالبات للبرامج المتخصصة في الطباعة والعرض التقديمي وغيرها لإدراكهم لأهمية اعتمادهم الكامل على أنفسهم في إعداد البحوث والمشاريع والواجبات في هذة المرحلة الاستثنائية.
ومن وجهة نظري الشخصية أن الجانب الاجتماعي والإنساني، كان من الجوانب الهامة التي أثرت فيها هذه الجائحة تأثيراً إيجابيا قوياً ، حيث كان للتطبيقات والبرامج والمنصات التعليمية الأثر الجميل في زيادة التواصل الاجتماعي بين الطلبة ومعلميهم وكسر الحواجز وزيادة التقارب فيما بينهم ، وأنا من مؤيدي تعميق العلاقات الإنسانية وحسن الخلق في التعامل مع الآخرين والاحساس بالمسؤولية الاجتماعية تجاه كل فرد من أفراد المجتمع وخصوصا الطلبة والطالبات.
إن التدريب الفعال قد تم تطبيقه بأروع صوره التطوعية والتعاونية على جميع الأصعدة وأخص بالذكر في قطاع التدريب في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب حيث قاموا بجهد جبار من خلال إقامة العديد من الدورات التدريبية المنظمة لكل من الهيئة التدريسية والتدريبية وكل منتسبي الهيئة وللطلبة والطالبات ، فقد قاموا بجهد مشكور بصفة تطوعية تعاونية رفيعة المستوى.
وبالرغم من الجوانب الايجابية التي ذكرتها سابقاً ، إلا أنها لا تغني عن عودة الحياة الطبيعية والعودة إلى العمل والفصول الدراسية التي اشتقنا لها لأنها المكان الذي نجتهد دائماً أن نؤجر به ، عندما نقدم علماً عسى أن يُنتفع به ، ولنعمر وطناً غالياً نفخر دائماً بالانتماء إليه.
وختاما ، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرفع عنا هذا البلاء والوباء ، وعسى الرحمن الرحيم أن يرحم من توفى ويشفِ كل مريض ويحفظنا جميعا من كل مكروه.
أ.أفراح عبد الله الردعان
عضو هيئة تدريب
المعهد العالي للخدمات الإدارية
قسم الإدارة المكتبية