عبدالعزيز العنزي يكتب :نقطة نظام
نقطة نظام
الأصل في الأشياء الاباحة مالم يرد نص عكس ذلك , وهذا مبدأ عام في في القانون بجميع فروعه , والسؤال الذي يطرح نفسه : ماذا لو لم ينص القانون أو الدستور عن عدة مسائل قد تشكل معضلة عند البعض ؟ ( أعضاء مجلس الأمة على سبيل المثال) .
دعونا نستعرض فلاش باك على آخر مستجدات المشهد السياسي : تقدم ثلاثة أعضاء من مجلس الأمة بكتاب عدم تعاون لسمو رئيس مجلس الوزراء وأيّده أكثر من ستة وثلاثون عضو وذلك في ثاني جلسة من المجلس المنتخب حديثاً, ثمَّ قام سمو رئيس مجلس الوزراء بوضع استقالته ووزراءه تحت تصرف سمو الأمير وقبل سموه الاستقالة وأعاد تكليف ذات الرئيس وطلب منه تشكيل وزارته , ثمَّ أصدر الأمير وفق المادة 106 من الدستور بتعطيل اعمال مجلس الأمة لمدة شهر, انتهى الفلاش باك.
مما سبق نجد ثلاثة فراغات غفل عنها الدستور وبالتالي أصبح مباح اتيانها مما سببت معضلة عند أعضاء السلطة التشريعية وهي على الوجه الآتي بيانه :-
أولاً / في حال قدم ضد رئيس الحكومة كتاب عدم تعاون فسيكون السيناريو المعتاد في تاريخ العمل السياسي في الكويت ووفقاً للدستور أما حل المجلس أو استقالة الحكومة , و للرئيس أن يعاد تكليفه مره أخرى سواء بنفس فريقه السابق أو بحلة جديدة وهلم مجره , كلما قدم ضد سمو رئيس مجلس الوزراء كتاب عدم تعاون يستطيع التنصل منه في نفس السيناريو حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وكل ذلك وفق الدستور .
ثانياً / في حال وضع سمو رئيس الوزراء استقالته تحت تصرف سمو الأمير فلا يوجد نص دستوري يلزم سموه بمدة محددة يبت خلالها أو بعدها بالاستقالة , مع العلم أنّه في تلك الأثناء تمتنع الحكومة عن حضور جلسات مجلس الأمة كما شاهدنا حالياً وبالتالي تتعطل أعمال مجلس الأمة لعدم حضورها وهذا لا يستوي أصلاً ومخالف لصحيح الدستور حيث نصت المادة 97 من الدستور أنّه “يشترط لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف أعضائه” , الشاهد في الأمر أنّ سمو الأمير يستطيع استخدام المادة 106 من الدستور بطريقة غير مباشرة وذلك من خلال التأخر في البت باستقالة الحكومة .
ثالثاً / في حال كلف سمو الأمير سمو رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة فلا يوجد نص دستوري بالمدة التي يستغرقها الأخير في تشكيل وزارته , ولكن جرى العرف من واقع الحكومات السابقة على أن مدة التشكيل تأخذ من أسبوعين الى شهر , والعرف مكمل تشريعي أو معاون له ولكنه ليس تشريع , وبالتالي قد يأخذ رئيس الحكومة وقتاً طويلاً في غير العادة لتشكيل وزارته ولا يوجد ما يمنعه من ذالك .
يتضح لنا جلياً مما سبق استعراضه أنّ هناك فراغ تشريعي في الدستور يجب على أعضاء مجلس الأمة الذين بدورهم سبب لهم هذا الفراغ معضلة وحال بينهم وبين القيام بواجباتهم أن يتقدموا بتنقيح الدستور وسد تلك الفراغات التي دفعوا فاتورتها من خلال استنزاف وقت المجلس وتعطيل أعماله , أما اعتلاء المنابر الإعلامية وتقديم الوعيد بالاستجواب وعدم التعاون مع الحكومة لا يعدو إلا استعراض عضلات على الفضاء والسلام ختام .
المحامي / عبدالعزيز موسى العنزي
طالب دراسات عليا بالقانون