التكنولوجيا في زمن كورونا.. وسيلة لتخفيف وطأة الحجر الصحي
بفضل التطورات التكنولوجية، باتت إجراءات العزل، ولا سيما في المدن الكبيرة والأسر الميسورة أمرا سهلا ومريحا مع إمكانية العمل من المنزل والحصول على التشخيص الطبي عن بعد وممارسة الرياضة عبر التطبيقات أو الأجهزة الموصولة ووسائل الترفيه بالبث التدفقي. ويقول باتريك مورهيد المحلل لدى مور إنسايتس أند استراتيجي، “للمفارقة أصبحت الكثير من التكنولوجيات التي تتعرض عادة للانتقاد الشديد، ملجأ نشعر فيه بالأمان في زمن فيروس كورونا المستجد”. ففي الصين وكوريا الجنوبية ودول أخرى، تشهد الخدمات المتوافرة عبر الحوسبة السحابية (كلاود) ارتفاعاً صاروخياً.
وفي حين تسجل الأسواق المالية تراجعاً كبيراً، “ارتفع سعر سهم شركة زوم بنسبة 40 بالمئة في شباط/ فبراير بفضل الطلب الكبير على تكنولوجيا العمل عن بعد” على ما يشير موريس غرارد المحلل لدى “فيوتشرسورس”، مضيفا أن الشركة المتخصصة بالاجتماعات عبر الفيديو شهدت ارتفاعا غير مسبوق في عدد المستخدمين في فترة زمنية قصيرة.
شركات عملاقة توصي بالعمل من البيت
وعند الساحل الغربي للولايات المتحدة، أوصت عدة مجموعات كبيرة من أمثال “أمازون” و”مايكروسوفت” و”غوغل”، موظفيها بالعمل من المنزل ولا سيما في منطقة سياتل مركز انتشار فيروس كوفيد-19 في الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، تظهر أهمية وسائل التواصل المخصصة لموظفي الشركات مثل “سلاك” و”وورك بلايس” (فيسبوك). وكانت الشركات، الناشئة خصوصا، تلجأ إلى العمل من المنزل في بداياتها للاقتصاد في كلفة الإيجارات والتجهيزات.
ويوضح ديفيد بشيري مدير شركة “فابيرنوفل” للاستشارات في الولايات المتحدة، “تسمح هذه الأدوات بالتواصل مع الزملاء والحديث معهم كما يحصل عادة في الشركة عند الموزع الآلي للقهوة وأيضا لتبادل المعلومات حول المشاريع الجاري العمل عليها بما يشمل الزبائن أيضا”. وبفضل خطوط الإنترنت القوية، أزيلت العقبات التقنية التي كانت تشوب عقد اجتماعات عبر الفيديو تضم 10 أو 20 شخصا.
وفي سان فرانسيسكو، أبلغت بعض المدارس ذوي التلاميذ بأنها قد توفر بعض الحصص الدراسية عن بعد في حال اضطرت إلى إغلاق أبوابها. وأعلنت جامعة ستانفورد أن دروسها لبقية فصل الشتاء ستتم عبر الانترنت من الآن فصاعدا. وتريد شركات الواقع الافتراضي الذهاب أبعد من ذلك فيما تُلغى المعارض المهنية أو تستبدل بمؤتمرات رقمية.
العالم الافتراضي يتعزز
فقد أعلنت شركة “إتش تي سي” التايوانية يوم الجمعة (السادس من مارس/ آذار 2020) أن المشاركين في مؤتمرها حول ماركتها للواقع الافتراضي “فايف” سيتمكنون من المشاركة فيه بفضل خوذات من خلال الانغماس الافتراضي.
إلا ان تقنية الواقع الافتراضي المكلفة لن تغزو كل المنازل، لكن “الموظفين والمستهلكين سيكونون على تماس أكبر مع هذه التكنولوجيات الناشئة” على ما يشدد موريس غرارد.
وقد تساهم حالات الاستخدام الناجمة عن انتشار فيروس كوفيد-19 في زيادة الاستثمارات في هذا القطاع. ويشهد البث التدفقي من موسيقى وأفلام وألعاب، وشبكات التواصل الاجتماعي إقبالا متجددا أيضا.
وتقول دون روز كيرن وهي مدرسة رقص عزلت نفسها في منزلها في سان فرانسيسكو بسبب إصابتها بأعراض الانفلوانزا “كنت سعيدة أكثر من أي وقت مضى بوجود خيارات الواقع المعزز على هاتفي.
وخاصية +القصص+ عبر إنستغرام كانت ممتازة لإبعادي عن التفكير بالحمى التي تصيبني والبقاء على تواصل” مع الآخرين.
وفي الصين، صور مئات الأشخاص العاجزين عن الخروج من منازلهم أنفسهم بشكل متزامن للمشاركة في سهرات أو في حصص رقص افتراضية. وتقول لورين راين المحللة لدى “مينتل”، “حصص الرياضة المباشرة من خلال الشاشة قد تصبح شعبية جدا. وقد تلجأ النوادي إلى بث حصصها”.
ويتوقع خبراء أداء جيدا لتجهيزات الرياضة مثل “بولتون” مع دراجاتها للتدريبات الداخلية الموصولة بالانترنت للمساعدة في التمارين بالتزامن أو عند الطلب.
وفي مجال التجارة الإلكترونية، يقول جيمس مانينغ سميث من “فيوتشرسورس” إن “الموقع الصيني +جاي دي.كوم+ وظف 20 ألف شخص إضافي. لكن من الصعب القول إن كان هذا القطاع سيستفيد من الوضع الحالي على المدى الطويل. إلا أن الناس قد يعتادون على عمليات التسليم إلى المنزل”.
ويرى ديفيد بشيري أن التكنولوجيات التي تسمح بمواصلة الروابط الاجتماعية ستخرج معززة من هذه الأزمة “لأن الإنسان يبقى كائناً اجتماعياً بامتياز وغير مستعد للعيش منقطعا عن الآخرين”.