35 ألف حالة عنف طلابي في 2018
أثارت واقعة اعتداء تلميذ على زميله وقيام آخر بتصوير المشهد داخل إحدى مدارس «الأحمدي التعليمية»، أول من أمس، استياءً واسعاً في الأوساط التربوية وبين أولياء الأمور، بعد انتشار مقطع «الفيديو» كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي ترك أثرا سلبيا على التلاميذ وأولياء الأمور.
الواقعة المؤسفة التي استنكرتها وزارة التربية ووعدت بإجراءات رادعة ضد المتورطين فيها، اعتبرها مسؤولون تربويون ناقوس خطر يفتح ملف العنف الطلابي في المدارس من جديد، لا سيما أن المشاجرات الطلابية أصبحت ظاهرة تتكرر باستمرار داخل الصروح التعليمية، ما يستلزم وقفة حازمة.
ناقوس خطر
وفي مفارقة لافتة ومؤسفة في آن، ما كشفت عنه إحصائية تربوية حديثة صادرة عن إدارة الخدمات الاجتماعية والنفسية بوزارة التربية، موضحة تزايد حالات العنف المدرسي بصورة كبيرة.
وأظهرت بيانات الإحصائية تعامل الاختصاصين مع 35 ألفاً و393 حالة سلوكية (عنف) في مدارس التعليم الحكومي فقط خلال العام الدراسي 2017 – 2018.
ووفقاً للإحصائية فإن حالات العنف للبنين بلغت 19 ألفاً و281 حالة، وللبنات بلغت 16 ألفاً و112 حالة، مشيرة إلى أن مشكلات العنف متنوعة منها ما هو ضد النفس ومنها ما هو ضد الآخرين، وتتمثل في عدوان لفظي وبدني على طلبة ومعلمين، واتلاف ممتلكات عامة وهروب من حصص ومن المدرسة وغش في الامتحانات وسرقة وتحرش وتدخين وتناول مسكرات.
وأشارت إلى أن الاختصاصيين الاجتماعيين تعاملوا العام الماضي مع 22788 حالة عدوان لفظي وبدني على طلاب ( 12445 اعتداء لفظيا، و10343 بدنيا)، مقابل 2777 حالة اعتداء لفظي وبدني على معلمين ( 2450 لفظيا و327 بدنيا).
وذكرت الاحصائية أن عدد حالات الاعتداء والتحرش الجنسي على الطلبة بلغت 180 حالة، إضافة الى 1351 حالة اتلاف ممتلكات عامة.
وتمثل عدد حالات العنف الطلابي نحو %10.2 من إجمالي عدد الطلاب والطالبات في المدارس الحكومية بجميع مراحلها، والبالغة 347 ألفاً و317 طالباً.
عدوانية وعنف
وتعقيباً على الإحصائية، أكد تربويون أنه لا يكاد يمر يوم إلاّ وتقع مشاجرة بين التلاميذ بعضهم مع بعض، وأحيانا كثيرة مع المدرسين أيضاً، مبينين أن السلوك العدواني آفة في الواقع التعليمي ولم يقف على الذكور، بل تفشى بين الفتيات أيضاً.
وأشاروا إلى أن الكثير من الطلبة يتسمون بالعدوانية والعنف، الذي يفرغونه في زملائهم، لا سيما وقت الفرصة، وبين الحصص الدراسية ونهاية الدوام المدرسي.
وعبر التربويون عن أسفهم من أن بعض اعتداءات الطلبة، بعضهم على بعض، تحمل بين جنباتها قسوة وحدة، وتتطور المشاجرات والاعتداءات إلى إصابات، وأذى بدني مؤلم، فضلاً عن التأثير النفسي على الطالب المعتدى عليه، الذي قد يتحول إلى الشعور بالانكسار أمام بقية زملائه، لإحساسه بالضعف، والمهانة، وفقدان القدرة على الدفاع عن نفسه، بما يؤدي إلى تغيبه وربما انقطاعه عن الذهاب إلى المدرسة، حتى لا يواجه أياً ممن شهدوا الاعتداء عليه.
ووفق مصادر القبس فإن المشكلة لا تنصب فقط في هذه المشاجرات، وإنما في غياب بعض الإدارات المدرسية عن متابعة الطلاب خلال أوقات الفرصة، وغيرها أثناء اليوم الدراسي، إلى جانب تجاهلها للخلافات التي تنشب بينهم.
وأشارت المصادر إلى أن بعض الإدارات المدرسية ترى أن العنف من الأمور الدارجة بين الطلاب، ما لم ينجم عن المشاجرة ضرر فادح وأذى بليغ، وهنا يسكن الذعر المدرسة صاحبة واقعة المشاجرة، خشية أن تأخذ الجهات الرسمية خبراً عن أي مشاجرة، وأن يتم تصعيد واقعة الاعتداء إلى الجهات الأمنية من قبل أسرة الطالب المعتدى عليه، ما يؤثر سلبا على سمعة المدرسة في الأوساط التربوية!
تجربة كاميرات المراقبة
تمكنت بعض الادارات المدرسية من السيطرة على مجريات الامور في مدارسها ومشاهدة كل كبيرة وصغيرة تحدث عبر كاميرات مراقبة قامت بتركيبها في الفصول والممرات الرئيسية والفرعية، فلماذا لا تعمم التجربة على كل المدارس الحكومية لمواجهة الحادثة قبل وقوعها.
مخالفات لا تخضع للقانون
ذكر أستاذ القانون العام في الكلية د.ابراهيم الحمود، أن هناك كثيرا من المخالفات التي لا تخضع إلى قانون مكافحة الفساد، منها كشف الذمة المالية لأعضاء مجالس الشركات الخاصة، ومجلس ادارة البورصة، كما يوجد تهرب من الضرائب التي تعتبر حقا وواجبا بموجب الدستور، مبيناً أن الواقع لا يوحي بتطور البلاد على مؤشر مكافحة الفساد.
لماذا التنمر؟
انتشرت آفة التنمر في أوساط الطلاب خلال الآونة الأخيرة وأصبحت هاجساً يشغل أولياء الأمور، مما يستلزم تضافر جهود كل الجهات المعنية لمواجهة هذه الظواهر السلبية.
من المسؤول؟
من المسؤول عن تزايد ظاهرة العنف والسلوك العدواني في المدارس؟ سؤال يطرح نفسه بقوة بعد الإحصائيات المتكررة التي تكشف عن ارتفاع معدلات المشاجرات والاعتداء اللفظي والبدني.
الرقابة الأسرية
شدد مسؤولون تربويون على ضرورة تكاتف الجهود كافة لمعالجة ظاهرة العنف الطلابي، مشيرين إلى ان ضعف الرقابة الأسرية على الأبناء من أبرز أسباب الخلل السلوكي.
تقليد أعمى
أشار أساتذة علم نفس إلى أن ظاهرة التقليد الأعمى تنتشر بين المراهقين وطلبة المدارس، حيث يقدمون في هذه المرحلة العمرية على تقليد أفلام العنف والمشاجرات المتكررة في اوساط الشباب الذين يكبرونهم سناً.
عزوف الكوادر الوطنية
ارتفاع عدد حالات العنف في المدارس التي تعامل معها الباحثون الاجتماعيون والنفسيون يعكس حجم الجهود المبذولة من هذه الفئة التي يقع على عاتقها جزء كبير من المسؤولية في مواجهة الظاهرة، ولكن كيف ذلك؟ والمدارس تواجه عجزاً في أعداد الباحثين، حيث يتابع كل باحث مالا يقل عن 400 طالب.
ومن المتوقع ان تتفاقم المشكلة مع عزوف الكوادر الوطنية عن هذه المهنة وانهاء خدمات عدد كبير من الوافدين العاملين فيها سنوياً دون وجود بديل.
القبس