أخبار منوعة

كل مواطن صحافي.. اتجاه جديد في الصحافة المعاصرة

من الصعب تحديد ايهما أغرب، أن ينجح عملاء روس في تنفيذ هجوم بغاز الأعصاب في منطقة ساليسبري، التي تعتبر معقلاً للجيش البريطاني، أو أن يتم التعرف على الفاعلين، ليس على يد المخابرات البريطانية، بل بواسطة مجموعة من المواطنين اطلق عليها إسم «محققو الأرائك».وبتنا نعرف الآن، هوية الرجلين اللذين نقلا الاسلحة الكيماوية إلى ساليسبري، وذراع الجيش الروسي الذي أرسلهم، بفضل موقع Bellingcat، الذي أسسه المدون السابق إليوت هيغينز، وبدأ العمل فيه من خلال جهاز كمبيوتر محمول على أريكة منزله، خلال فترات الاستراحة بدافع الحرص على ابنته.

التعرف على هوية الرجال ناقلي الأسلحة هو حكاية مميزة حقاً توضح كيف أن قوة الجمهور ومجموعة من تقنيات المصادر المفتوحة، يمكن أن تحقق الانجازات التي تذكرنا بما كنا نعتقده عن الانترنت والتكنولوجيا، التي حققت تقدما هائلا في السنوات الأخيرة.وتعتبر انجازات Bellingcat الرائدة مصدر إلهام وتذكير لما يزال من الممكن للمبادرات غير الرسمية تحقيقه.ولكنها أيضاً نافذة في الظلام، الذي أصبحت تمثله شبكة الإنترنت، من حيث كونها موقعاً للدعاية والتشويه والتخريب، على حد تعبير كارول كادولدر من صحيفة اوبزرفر البريطانية. ولأن Bellingcat حدد المشتبه به الثاني بأنه الكسندر ميشكين، وهو ضابط في المخابرات العسكرية الروسية GRU. وهذا هو الدليل، وهو المفتاح الذي اماط اللثام عن لغز الجريمة بأن المخابرات العسكرية الروسية هي مركز انطلاق الهجوم على الديموقراطيات الغربية.فهي التي تعلمت كيفية استخدام منصات التكنولوجيا، التي نستخدمها كل يوم، والتي تدعم نظمنا الإخبارية والمعلوماتية بطرق أخفقنا في حمايتها بشكل فردي، كسلاح. انها المخابرات العسكرية الروسية، التي اشارت التقارير الى انها هاجمت حلف شمال الاطلسي والبرلمان الألماني والانتخابات الرئاسية الفرنسية. وهي التي ورد اسمها في لائحة الاتهام التي وجهها المدعي العام الخاص روبرت مولر في الهجوم على الانتخابات الرئاسية الأميركية.في يوم الجمعة المصادف الثالث عشر من يوليو الماضي، الذي خرج فيه مئات الآلاف إلى شوارع لندن للاحتجاج على زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى لندن، أصدر مولر لائحة الاتهام بحق 12 من ضباط المخابرات الروسية باختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة بحملة هيلاري كلينتون والمؤتمر القومي للحزب الديموقراطي، وباستهدافه أكثر من 300 شخص، وتسريب عشرات الآلاف من الوثائق المسروقة التي لعبت دوراً كبيراً في الانتخابات الرئاسية.ويدرك مولر، المحقق في تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية، تماماً ما هو بصدده. وكان جيمس كومي، رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي السابق يدرك ما كان يفعله أيضاً. لقد تمت إقالته بعد تشكيل لجنة للتحقيق في محاولات الحكومة الروسية للتدخل في انتخابات عام 2016.

تحقيقات المواطنينوما كشفته تحقيقات Bellingcat لا يؤكد أن تحقيقات المواطنين قد تتفوق على تحقيقات المنظمات التقليدية فقط، بل انها ربما تكون متقدمة بمراحل عن المؤسسات الرسمية. فالمحققون الذين يستخدمون المصادر المتاحة للعامة ينضمون بهدوء إلى معركة المواطن ضد هذا الفيضان، ليس فقط من التضليل الإعلامي، بل من أسرار الشركات ومعاهد البحث في الأموال المشبوهة وشبكات النفوذ السياسي والتواطؤ بين ترامب وروسيا والإنفاق الزائد على الانتخابات وصولاً إلى المجازر الجماعية.لقد نشرت BBC Africa Eye تحقيقاً مذهلاً أخيراً، باستخدام التقنيات التي طورتها Bellingcat، وقامت بتحديد موقع وهوية الرجال الذين قتلوا امرأتين وطفلين من خلال تحليل الطب الشرعي لمصادر الإنترنت.

المصادر المفتوحةويعود فضل كبير أيضاً إلى محققي المصادر المفتوحة في التحقيقات في أنشطة شركة كامبريدج أناليتيكا. فبعد أن نشر هاري ديفيز مقالته الأولى في صحيفة غارديان عن الشركة في عام 2015، كان بول أوليفييه ديهاي أستاذ الرياضيات السابق في جنيف الذي كان يشعر بقلق عميق من الطريقة التي يتم بها إساءة استخدام البيانات الشخصية، والذي أخذ على عاتقه إصدار وثيقة مفتوحة المصدر جعلها متاحة للصحافيين بالمجان.وعندما هددت الشركة بمقاضاة غارديان، كان العمل الرائد لمحقق آخر مفتوح المصدر، هو ويندي سيغلمان بالتعاون مع الصحفية الأميركية آن مارلو، هو الذي اعتمد عليه محامو أوبزرفر وغارديان في دفاعهم.لقد حققت Bellingcat انتصاراً آخر على صعيد التحقيق «المفتوح المصدر» متفوقة على وكالات الاستخبارات الغربية التي تعثرت في تعقب الوحدة الروسية التي أطلقت الصاروخ الذي أسقط طائرة MH17 في شرق أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل 298 شخصاًَ.وإذا كان هناك درس واحد يمكن استخلاصه من ذلك، فهو أنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على الحكومات لكي تحمينا. نحن نعيش في وضع استثنائي، ويبدو أن أمننا القومي أصبح بأيدينا!

مراسلون ومعدونكثير من المؤسسات الإعلامية حول العالم أصبحت تعتمد على شبكة من المراسلين/ المواطنين الذين يعدون تحقيقات صحافية وريبورتاجات تبثها بعد أن تتحقق من صحتها.ويعتبر برنامج «مراسلون» في قناة «فرنسا – 24» من أبرز الأمثلة على ذلك، فهو يعرض تقارير منوعة من دول مختلفة، يعدّها مواطنون عاديون.


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock