تنتظر فرصتكَ الثمينة أم تسعى لها؟.. إليكَ طريقة مايكل أنجلو
ينتظر معظمنا الحصول على فرصة ثمينة تمهد له الطريق نحو النجاح، لكن هذا الانتظار قد يحمل في طياته تأثيرات عكسية تثبط عزيمتنا، مما يجعله أسوأ عقبة في مسيرتنا المهنية.
الكاتب جيف جوينز تطرق في مقال بموقع “لادرز” الأميركي إلى قصة نجاح أحد أعرق الفنانين في التاريخ، الفنان الإيطالي مايكل أنجلو بوناروتي، في محاولة لاستخلاص العبرة من المسار الذي انتهجه خلال حياته المهنية، والخطوات التي اتبعها حتى يحقق ذلك النجاح الباهر في مسيرته الفنية.
في أول لقاء جمع بين مايكل أنجلو بوناروتي -وكان شابا مراهقا آنذاك- ودومنيكو جرلاندايو الذي يُعتبر من أنجح الرسامين الإيطاليين في ذلك العصر بمدينة فلورنسا، طلب مايكل أنجلو من جرلاندايو أن يعلمه أسرار مهنته.
كان هذا اللقاء غريبا، وكان من المتوقع أن يخيّم عليه مزيج من الخوف والاحترام، لكن -وخلافا لذلك- كان هذا الصبي اليافع الذي يطمح لأن يصبح نحاتا، يريد أن يحصل على مقابل مالي إزاء تدرّبه على يد الرسام الشهير، بسبب الضغوط الشديدة التي مارسها عليه والده كي يجبره على أن يصبح معيلا لأسرته.
لكن ردة فعل جرلاندايو على طلب مايكل أنجلو الجريء كانت أغرب من الطلب ذاته، فقد أثار دهشة جميع الموجودين في ورشته عندما وافق على العرض.
وهكذا، حصل الصبي على العمل، وتعلّم أسرار المهنة بسرعة تحت إشراف معلمه الجديد. وبعد مرور سنة أو سنتين، غادر مايكل أنجلو ورشة معلمه ليواصل تدريبه في قصر ميديشي بطلب شخصي من لورينزو دي ميديشي، الذي كان حاكما لفلورنسا وأحد أبرز رعاة الفن في تلك الفترة. ونتيجة لذلك، سطع نجم رسام ونحات لم يشهد التاريخ مثله.
-لا تجلس منتظرا الفرصة:
ينتظر العديد منا تلك اللحظة الرائعة التي يكتشف فيها شخص ما مواهبنا ويجعل كل أحلامنا تتحقق. لكن، حينما لا نحصل على هذه الفرصة الثمينة نظن أنها لن تأتي أبدا، وهو أمر خاطئ.
في كتابه “الفنانون الحقيقيون لا يجوعون”، يشير جيف جوينز إلى أن الفرصة الثمينة هي مجرد خرافة وذريعة نواري بها الكسل الذي يسيطر علينا في لحظة ما، وبالتالي نتفادى القيام بالأعمال الموكلة إلينا، متسائلا عن الخطوات التي ينبغي علينا القيام بها في حال اخترنا ألا ننتظر “فرصتنا الثمينة”.
في هذا الصدد، علينا أن نحذو حذو مايكل أنجلو ونواصل التدريب ونكون على أهبة الاستعداد.
-تدرّب بعيدا عن الأنظار:
قبل أن يتلقى تدريبا احترافيا على يدي جرلاندايو، كان مايكل أنجلو يقضي ساعات طويلة وهو يتدرّب، ولم يكن ينتظر الفرصة الثمينة، بل عمد إلى التدرب بمفرده قبل أن يصبح تلميذ لجرلاندايو.
وقد كان شغوفا بالنحت، كما ساهمت الفترة التي قضاها خلال شبابه مع عائلته -التي كانت تعيش بالقرب من مقلع حجر- في الإلمام بكل ما يتعلق بالأحجار، وهو ما تحوّل فيما بعد إلى شغف حقيقي.
وكان يدرك تماما أنه يريد أن يصبح فنانا، لكن مجهوداته الخاصة لم تكن كافية لكي يصبح عظيما مهما كانت الموهبة التي يتمتع بها، إذ إن التمتع بالموهبة لا يكفي لتحقيق النجاح. لذلك، اقتنص الفنان الناشئ كل الفرص التي كانت سانحة أمامه.
وتتمثل العبرة من قصة مايكل أنجلو في أن الموهبة تحتاج إلى صقل وتدريب كبيرين حتى يتسنى لك أن تظهر براعتك حين تأتي تلك الفرصة الثمينة.
كذلك يجب أن ندرك أنه لا يمكننا التحكم بالطريقة التي ستأتي بها تلك الفرصة أو توقيتها، لكن يمكننا أولا وقبل كل شيء أن نكون مستعدين من خلال التدريب المكثف، كي نستفيد من هذه الفرصة.
-استعد للحظات الحظ:
كلنا نشعر بأن الحظ قد يحالفنا في وقت من الأوقات، وأحيانا لا ندرك ذلك إلا بعد فوات الأوان. لكن لا يمكننا الوثوق في الحظ دائما، إذ يعد بمثابة صديق متقلب، قد يخوننا في أكثر الأوقات التي نكون في أمسّ الحاجة فيها إليه؛ مع ذلك، يجب أن نكون مستعدين لتلك اللحظات التي قد يتبسم لنا فيها.
وتظهر الفرص الثمينة عندما نكون في المكان والوقت المناسبين، أو ببساطة عندما نثبت تمسكنا ومثابرتنا لفترة طويلة.
فإذا كنت تعمل بجد وتثابر على تحقيق ذاتك، فإنك -كما نعي ذلك جميعا- ستصادف لحظات يبتسم لك الحظ فيها، عندئذ يجب أن تكون على أهبة الاستعداد لاستغلال الفرص السانحة.
-تحل بالصبر:
بعض الأشياء في الحياة تأتي بسهولة، ولكن نادرا ما تظل لوقت طويل. لذلك، من المهم جدا أن تخطط لعملك بشكل جيد، وألا تعتمد على احتمال الحصول على فرصة ثمينة، لأنه لا يمكنك التحكم في ذلك الأمر.
في المقابل، تأكد من أن العمل الدؤوب سيؤتي أكله في نهاية المطاف. فأنت لم تجلس منتظرا حتى يحالفك الحظ، بل تدربت كثيرا وتأهبت لاستغلال الفرص المتاحة في طريقك. إن مفتاح نجاحك هو الصبر والتركيز على عملك، وستكون جهودك في النهاية مثمرة.
-اجتهد وثابر:
المفتاح الثاني للنجاح بعد الصبر، هو المثابرة، إذ لا يمكننا أن نعتمد على الحظ. لذلك، يظل الاختيار منوطا بك، حيث إنك بالمثابرة يمكن أن تضمن الحصول على فرص ثمينة خلال مسيرتك.
وتتمثل مهمتك في إظهار براعتك عندما تقوم بعملك بشكل جيد حتى يتسنى للناس ملاحظة ذلك
وبالتالي، تدرب واستعد وتحل بالصبر؛ فالأشياء الجيدة تحدث مع مرور الوقت، ولا تنتظر أن تحصل على فرصتك الثمينة، وتعرف على الفرصة التي تملكها بالفعل واستفد منها بشكل كبير.
المصدر :
الصحافة الأميركية