الحديث مع النفس بصوت مرتفع..ميزة أم جنون؟

ينشغل بعض الأشخاص بالحديث مع أنفسهم في معظم الوقت عن أمور تخص حياتهم الشخصية أو أعمالهم أو مشاريعهم المستقبلية كـ”ماذا سأتناول على الغداء، أو متى سأزور فلانا، أو ماذا سأفعل في الأمور المطلوبة مني في العمل؟”، وأحيانا يكون ذلك الحديث بصوت مرتفع دون وجود أشخاص آخرين بجوارهم.

ذلك الأمر يمنح هؤلاء الأشخاص شعورا بأنهم غير طبيعيين ويعانون نوعا من الجنون أو المرض العقلي، خاصة إذا تصادف مرور شخص بجانبهم أو وجود آخرين معهم فى نفس الغرفة، مما يمنح شعورا بالغرابة.

هل تتحدث إلى نفسك أنت أيضا، وتشعر بالخجل من تصرافتك أحياتنا، وتتساءل عن سبب حديثك مع نفسك بصوت مرتفع؟، لا تقلق فعندما ينظر إليك الناس فى المرة القادمة على أنك تعاني خللاً عقلياً لا تفزع فأنت فقط تمتلك نسبة ذكاء أعلى منهم.

الحديث مع النفس لا يشير فقط إلى شعور الشخص بالوحدة مما يدفعه إلى أن يؤنس نفسه بصوته، وكلها تشير أيضاً إلى أنك تستخدم عقلك إلى أقصى الحدود، فالحديث بصوت مرتفع يحفز عقلك ويجعلك ذا قدرة أعلى على اتخاذ القرارات وحسم الاختيارات بصورة أدق.

علامة الأكفاء:

عندما تقرأ السيرة الذاتية لمعظم الشخصيات المشهورة بالذكاء ستجد أنهم كانوا يتحدثون مع أنفسهم بصوت مرتفع،  فـ”ألبرت أينشتاين” كان معتادا على إعادة الجمل بصوت مرتفع عدة مرات.

فمعظم الباحثين فى هذا المجال اكتشفوا أن الحديث مع النفس بصوت مرتفع هو ليس فقط أمر طبيعي ولكنه مؤشر على الذكاء الشديد.

فبعد إجراء بحث على 20 شخصا من خلال إرسالهم للتسوق وشراء أشياء محددة، قام نصف المجموعة بالحديث مع أنفسهم بصوت مرتفع مكريين تلك الأشياء والنصف الآخر إلتزم  الصمت، فكانت النتيجة أن من تحدثوا مع أنفسهم بصوت عال نجحوا بنسبة أكبر من الذين إلتزموا الصمت فى شراء قائمة الطلبات.

ترتيب الأفكار:

عندما يكون الشخص محملا بآلاف الأفكار فى عقله ويتعامل مع عدد من الأجهزة الإلكترونية ويتلقى رسائل العمل، يصبح وقتها يعمل كآلة متعددة المهام، ولكي يحافظ على تركيزه على أفكار معينة يكون هذا هو الوقت المناسب لتكرارها بصوت مرتفع حتى تظل فى ذهنة لا يفقدها وسط زحام الحياة.

فالحديث مع النفس يجعل لديك القدرة على ترتيب أفكارك ومعرفة ما تريد القيام به فعلا، إضافة إلى أنه أمر يساعد على تخفيف حدة التوتر وإيجاد حلول أفضل للمشكلات والمواقف  الصعبة.

التهدئة الذاتية:

الحديث مع النفس أمر يساعدك على التنفيس عن غضبك عندما يخرجك بعض الأشخاص عن شعورك بسبب أفعالهم أو تصرفاتهم، فهو أمر يجعلك تفهم افكارك بصورة أفضل والتواصل مع عقلك الباطن ليمنحك نظرة أعمق وأشمل لاحتواء الموقف.

عندما نتصارع مع مشاكلنا وأزماتنا اليومية نشعر أحيانا بالضغط والحنق فلا نستطيع أن نتواصل مع الآخرين، الأمر الذى يجعل الشعور السلبي والإحباط يسيطر على الحالة النفسية للشخص والتي تعمل على حرقنا من الداخل، فإذا وصلت لتلك الحالة تحدث مع نفسك بمنتهى البساطة، فتلك الطريقة ستهدئ عقلك وتطفئ النيران التي تشتعل داخليا وتحرقنا، فتمكنك من التعقل والتفكير بصورة أوضح.

حافز على الإنجاز:

نادرا ما نستمتع بالأمور الروتينية أو المهام الصعبة التى تلقى على عاتقنا في الحياة العملية والشخصية ، يمكنك وقتها أن تستخدم الحديث مع النفس الإيجابي للإحساس بشعور أفضل، وتحسين المزاج وتحفيز الذات.

وعليك أن تحاول أن تبعد عن ذهنك الأفكار والتصرفات السلبية وأن تبعث لنفسك برسائل إيجابية، كأن تقول لنفسك: “أريد أن أخرج اليوم للتنزه فالجو لطيف وقد نمت جيدا في الليلة الماضية وقليل من التمرينات ستكون مفيدة”، هذه الرسالة يستقبلها عقلك ويبحثها فيجد أن كل ما بها إيجابي، فترتفع لديك الاستعدادات الداخلية للقيام بالأمر وأنت في حالة من الرضا والسعادة.

أداء أفضل:

تكرار الأفكار وترديدها يعزز الذاكرة الخاصة بك وهو ما دعاه الباحثون التأثير على الإنتاج، ففى دراسة تم إجراؤها على عدد من المتطوعين، قاموا خلالها بقراءة قائمة نصف قرأوه بصوت مرتفع والنصف الأخر قرأوه دون أن يصدروا أي صوت، قرأوه فقط بأعينهم، وكما تتوقع أنت الآن فقط تذكروا النصف الذي قرأوه بصوت مرتفع أما النصف الآخر فلم يتذكروه بنفس جودة الأول.

فالصوت المرتفع كان له التأثير على الإنتاج لأن عقولنا بها ما يعرف بالذاكرة الأولية، والتي تقوم بتسجيل كل ما نسمعه أو نقرأه، وذاكرة أخرى لما نقوله بصوت مرتفع، والتي تجعل ما نقوله أكثر وضوحا وثباتا أكثر من الملاحظات الأخرى.

فالأشخاص الذين يتحدثون مع أنفسهم بصوت مرتفع لديهم قدرات ممتدة من التركيز تساعدهم في الوصول إلى أهدافهم.

فى النهاية إذا كنت ممن يتحدثون مع أنفسه بصوت مرتفع فلا داعي أن تشعر بالخجل من ذلك، فأنت الآن تعلم أن تلك العادة هي نقطة قوة لديك بل ميزة تمنحك الأفضلية فى العديد من الأمور وتدعمك في احتياجاتك اليومية والعملية.

أما إذا كنت ممن لا يتحدثون مع أنفسهم، فعليك أن تجرب الأمر ففوائده متعددة، سواء كانت فوائد نفسية تخفض من حدة الضغط والتوتر التى قد تشعر بها نتيجة العمل والحياة، أو فوائد تعود عليك بالتركيز فى عملك والقدرة على الإنجاز بصورة أفضل

المصدر:

مواقع