أنظمة التعليم القائمة لن توفر فرص عمل في المستقبل
وفقًا لتقرير منظمة الشباب الأستراليين
أشار تقرير صدر الشهر الماضي عن شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” الاستشارية، إلى أن 30% من الوظائف البريطانية يمكن أن تكون مؤتمة بحلول عام 2030، وفي ظل حاجة المهنيين إلى تطوير مهاراتهم يتطور قطاع التعليم أيضًا، بحيث يمكن للشاب ممارسة 17 وظيفة في 5 مجالات مهنية، وفقًا لتقرير منظمة الشباب الأستراليين 2015، ولا يعني ذلك أن أنظمة التعليم القائمة لم تعد مُجدية، حيث لفت تريبود إلى استفادته من دراستة في العلوم الصحية والتي علمته المزيد من المهارات، كما أتاحت له فرصة العمل مع جامعة فليندرس على مشاريع جديدة، فضلًا عن عمله مع شركة “MIK Health”، والتي تطور أجهزة تعلم آلية تقوم بتحليل مشاعر العاملين لتقييم صحتهم النفسية، بما يضمن للشركات التأكد من عدم وضع المزيد من الأعباء على القوى العاملة.
ولم يكتف تريبود بالمهارات التي تعملها في الجامعة، لكنه اعتمد أيضًا على الدورات عبر الإنترنت كما تعلم البرمجة الآلية، ويضيف تريبود: “إنه أمر مريح تستطيع فعله في الوقت الخاص بك، ولا تحتاج للذهاب للفصول الدراسية أو انتظار شخص ما ليعلمك، التعليم متاح طوال الوقت متى أردته، وليس عليك سوى تحفيز نفسك للقيام بذلك، وأعتقد أن الجامعة ستضطر في النهاية إلى تغيير منهجها، فالناس وقتهم ضيق ويريدون التعلم في أسرع وقت ممكن”.
ومن جانبها، أوضحت المديرة الإقليمية العليا في منظمة Hays للتوظيف، سوزان درو، أن الآثار المتوقعة للثورة الصناعية الرابعة تتحقق بالفعل، ولاحظت المنظمة أن العمال يقومون بتغيير وظائفهم بسرعة متزايدة، حيث يفقد الكثير منهم أدوارهم في قطاعي الصناعات التحويلية والمالية نتيجة التشغيل الآلي، مبينة أن أصحاب العمل يبحثون عن الأشخاص الذين لديهم خبرات متنوعة، متابعة “الشهادة الجامعية هامة ولكن تزيد قيمة السيرة الذاتية عندما تمتلئ بأمثلة التطوير المهني، وأصبح التطوير المهني أكثر سهولة من خلال التدريب عبر الإنترنت”.
ويتضح إقبال الجيل المستخدم لخدمات المحتوى الإعلامي حسب الطلب، مثل “يوتيوب” و”نتفليكس” على الخدمات التعليمية، حيث يتعلمون مهارات جديدة بدلًا من انتظار الحصول على الدرجة الجامعية، وارتبط التعلم بالإنترنت منذ نشأتها ولكن زاد هذا التوجه حاليًا، حيث تُقدم شركة “مايكروسوفت” المزيد من الدورات التي تعلم المهارات التي يحتاجها المرشحون للوظائف المحتملة.
وتقدم شركة “آبل”، عروشًا تعليمية على iTunes، واتجه بعض الشباب إلى إنشاء نظم تعليمية رسمية خاصة بهم تلبي احتياجاتهم مثل آدم بريمو “30 عامًا”، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Australian startup Openlearning الأسترالية، والتي تستضيف الدورات التعليمية المفتوحة عبر الإنترنت “Moocs”، والتي زادت شعبيتها كثيرًا، ونمت الشركة من 150 -750 ألف مُسجل على مدى العامين الماضيين، وتطور من 500، أكثر من 3 آلاف دورة تعليمية، ويمكن أن تشمل الدورات محاضرات فيديو وتفاعل مع المعلمين وقراءات عبر الإنترنت، وتكون معظمها مجانية أو بتكلفة بسيطة لإصدار الشهادة.
فيما توفر شركة “OpenLearning”، منصة للمعلمين لتحميل دوراتهم التعليمية، فضلًا عن مشورة الخبراء، ويضيف بريمو “يتطلع الكثير من الناس اليوم إلى تعلم مهارات جديدة لكنهم يبحثون عن دورات تكتمل في أسابيع أو أشهر بدلًا من أعوام، ويعد مصممو التعليم لدينا معلمين ذوي خبرة يساعدون المعلمين على تحويل مواد دوراتهم المصممة لتكون وجهًا لوجه إلى تجارب تفاعلية نشطة عبر الإنترنت للطلاب”.
وحققت الشركة نجاحًا كبيرًا في ماليزيا، ما ساعد العام الماضي في إصدار الحكومة الوطنية لأول مبادئ توجيهية وطنية في العالم، لاعتبار الدورات عبر الإنترنت قيمة مثل التعليم التقليدي، وتسمح بعض الجامعات حاليًا باعتماد دورات التعليم عبر الإنترنت وإضافتها للشهادة الجامعية النهائية، مثل الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة وجامعة ليدز.
وكشف بريمو بشأن جعل مشروعه مستديمًا من الناحية الاقتصادية، أن الدراسة مجانية ولكن الطالب يدفع رسوم للحصول على شهادة، أملًا أن يرى تحديث الحكومات لكيفية دعمهم للطلبة، مضيفًا “معظم برامج التمويل والدعم الحكومي تتمحور حول المؤهلات الكاملة ما يسمح للطلاب باستكمال درجات كاملة دون دفع أي أموال مقدمًا، ما أدى إلى فرض رسوم مقدما للدورات الفردية من قبل الجامعات، وبالتالي أصبحت التكاليف لدورة واحدة أعلى من تكلفة الحصول على درجة جامعية كاملة”.
وتعد منصة Openlearning، واحدة ضمن العديد من المنصات التعليمية مثل Udemy وFutureLearn وCoursera، وتقدم أكثر من 500 جامعة دورات عبر الإنترنت لأكثر من 35 مليون طالب، وفي البداية كانت المؤسسات التعليمية تنظر لتلك الدورات كوسيلة لإغراء الطالب للحصول على درجة كاملة، ولكن اليوم تعتبر أداة تساعد في تواصل العلاقة مع الخريجين بعد التخرج، وتعد edX واحدة من المنصات التعليمية المفضلة من قبل جامعات الصفوة، حيث تمولها جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 2012، والتي تضم اليوم دورات من 110 مقدم تعليمي مختلف، بما في ذلك جامعة أكسفورد.
ومن جانبه، أبرز مدير جامعة كوينزلاند، جون زورنيغ، أن انتشار شعبية التعليم عبر الإنترنت يعكس بيئة العمل المتغيرة، مضيفًا “نظرًا لعملي في مجال تكنولوجيا المعلومة طوال حياتي أقدر الحفاظ على التعلم المستمر إذا أردت الحصول على فرص للتوظيف، واليوم تؤثر الدورات التعليمية عبر الإنترنت على القوى العاملة في مرحلة ما بعد الجامعة أكثر مما تؤثر على الطلاب الجامعيين، وألمس ذلك يوميًا، حيث أن إتاحة الدورات مجانًا تعني أن الحاجز الذي ربما يمنع من التعرض لها محدود للغاية”.
بينما أكد مدير مشروع Idea Hub التابع لجامعة كويزلاند، الذي يسعى لإطلاق الحياة المهنية لرواد الأعمال، نمرود كلايمان، أن المركز اجتذب تسجيلات من طلاب المدارس الثانوية وخريجي جامعة كويزلاند أيضًا، ويتمحور البرنامج حول ورش العمل وجلسات نقاشية مع رجال الأعمال الناجحين.
وعلى سياق متصل، أشارت مديرة التطوير في مركز سيدني للابتكار في التعلم، آني نوك، إلى أنه هناك بعض الأسس التي يجب على المؤسسات التعليمية الاحتفاظ بها أثناء التطور، مضيفة أن التعلم عبر الإنترنت مفيد للتعلم السطحي الذي يتيح أدوات للخوض في التعلم العميق، قائلة “ما أجده أن طلاب الجامعات يستطيعون الوصول إلى المقررات الدراسية عبر الإنترنت، لقد اكتشفوا أماكن التعلم الاجتماعي لها نفس الأهمية، ويصبح السؤال كيف يمكننا خلق بيئة تعليمية تجعل الطالب يرغب في القدوم إلى الحرم الجامعي، ولا يمكن أن ننكر حقيقة أن التعلم وجهًا لوجه هو نشاط اجتماعي، وما نحتاج أن نركز عليه حقًا هو احساس الإبداع في تعلمنا، فلا يجب أن نقف عند وظيفة واحدة لبقية حياتنا ولكن نحتاج لتعلم مجموعة من المهارات، حقًا لقد مضى عصر الوظيفة المستمرة مدى الحياة”.
المصدر:
سيدني