أغلى المدارس في الولايات المتحدة.. نتائج أعلى ولكن التحصيل أقل
بسبب فضيحة فساد في مدارس خاصة في واشنطن العاصمة، عاد الجدل حول تمويل الحكومة لبعض المدارس الخاصة. يعرف هذا بقانون «شارتر سكولز» (المدارس المفوضة)، لأن الحكومة تدفع جزءا من المصروفات، في تجربة جديدة لم تعرف نتائجها النهائية حتى الآن.
لكن، بسبب هذا الفساد، وبسبب استمرار المعارضة القوية لتمويل الحكومة لأي مدرسة خاصة (لأن هذه أموال دافعي الضرائب)، تظل المدارس الخاصة تواجه مقاومة قوية. خاصة من نقابات المدرسين، واتحادات الآباء. وخاصة في الولايات الليبرالية (تظل ولايات مثل لويزيانا وآلاباما ومسيسبي حصنا قويا للمدارس الخاصة، منذ قوانين الحقوق المدنية، وإقبال السود على المدارس الحكومية، وهروب بعض البيض منها).
ويظل السؤال يتردد دائما في الأوساط الأميركية؛ أي المدارس أحسن: الحكومية أم الخاصة؟
هذان كتابان صدرا مؤخرا، يدافع الأول عن الحكومية، ويدافع الثاني عن الخاصة.
الأول هو «بابليك سكول ادفانتدج» (ميزات المدارس العامة، المدارس الحكومية)، الذي كتبه زوجان: كريستوفر لوبنسكي، وساره لوبنسكي. ويعارض الكتاب المدارس الخاصة اعتمادا على النقاط الآتية:
أولا: طبعا، عامل المنافسة بين المدارس الخاصة عامل هام، ويساعد على تحسين مستوى المدارس، لكن، يمكن أن تكون هناك منافسة في المدارس الحكومية بتشجيع الإبداع وسط المدرسين والمدرسات.
ثانيا: مثل البنوك والشركات الرأسمالية العملاقة، تزدهر المدارس الخاصة لأسباب مادية بحتة. ولا تضع في الاعتبار مصلحة الوطن، ودور الحكومة في رعاية صغار السن، وكبار السن، والمحتاجين، والمستضعفين.
ثالثا: حتى إذا تفوقت المدارس الخاصة على الحكومية، يجب ألا تصرف عليها الحكومة، بأي صورة من الصور.
وقال الكتاب: «نعم لعقود، أوضحت استبيانات أن الطلاب في المدارس الخاصة أفضل أداء من الطلاب في العامة. ونعم، استخدمت هذه الاستبيانات لتعزيز فوائد القطاع الخاص في التعليم. لكن، اعتمادا على استبيانين أجريا مؤخرا، ظهرت أهمية العامل الديموغرافي. وأن المدارس الخاصة تحصل على أعلى الدرجات ليس لأنها أفضل المؤسسات، ولكن لأن طلابها من خلفيات أكثر ثراء وتميزا، من طلاب المدارس الحكومية».
وأضاف الكتاب: «بعد وضع اعتبار لهذا العامل الهام، أوضحت الاستبيانات أن المكاسب في تحصيل الطلاب في المدارس الحكومية إما أكبر من، أو تساوي، تلك التي في المدارس الخاصة».
وأشار الكتاب إلى أن نظرية «ايديوكيشنال أوتونومي» (الحكم الذاتي التعليمي)، التي يروج لها مؤيدو المدارس الخاصة، يمكن أن تكون سبب عدم نجاح المدارس الخاصة. وذلك لأن التعليم الذاتي لا يضع في الاعتبار المستوى الوطني العام. ولا يضع في الاعتبار الصورة الكبيرة التي يجب أن ينظر إليها الطالب، أثناء دراسته، وبعدها.
غير أن الكتاب يرى أن مجرد مقارنة المدارس الخاصة والعامة تحريف عن الهدف الأكبر، وهو رفع مستوى التعليم في البلاد. وأيضا، إخفاء حقائق «يتهرب منها، أو لا يريد أن يراها، الذين يؤيدون المدارس الخاصة. حقائق تتعلق بالتغييرات الكبيرة في وضعنا السكاني، والتي لا بد أن تنعكس على وضعنا التعليمي».
لم يقل الكتاب مباشرة ما يريد أن يقوله، وهو أن زيادة الأعراق السوداء، والسمراء، والصفراء في المدارس الحكومية، (وهي واحدة من أسباب تهرب كثير من البيض منها) ليست إلا انعكاسا لزيادة هذا الأعراق في المجتمع الأميركي.
وقال الكتاب: «الذين يضعون رؤوسهم في الرمال لن يغيروا ما يجري على الرمال».
لكن، في الجانب الآخر، هناك كتاب «مايند ذا غاب» (لنعتبر الفجوة: نظرة داخلية للمدارس الخاصة، وتمويلها، وإدارتها، وفيها عظة للمدارس الحكومية). عكس الكتاب السابق، ليس هذا الكتاب دراسة، أو مجموعة دراسات. لكنه انطباعات مؤلفه: ريتشارد سوغويان، وهو واحد من قادة حركة المدارس الخاصة، والذي يرى «واجب» الحكومة في دعمها، بصرف النظر عن منافستها للمدارس الحكومية.
ويتلخص الكتاب في أهمية الواعز المالي. ويكرر أن ذلك ليس على حساب المستوى التعليمي. ويقول: «في كل المدارس، الخاصة والعامة، توجد فجوة بين تكاليف المدارس والمصاريف المدرسية. في المدارس الحكومية، تعتمد الدراسة على ميزانيات المدينة، أو المقاطعة، أو الولاية، وهي ميزانيات تتأرجح حسب الوضع الاقتصادي، وأهم من ذلك، حسب مناورات السياسيين والتشريعيين. لهذا، في المدارس الخاصة، يمكن سد هذه الفجوة بتقديم تبرعات معفاة من الضرائب».
وعدد الكتاب أهمية ذلك:
أولا: عكس دفع الضرائب للحكومة، تقدم التبرعات طواعية.
ثانيا: عكس عدم معرفة مصير الضرائب، يمكن متابعة التبرعات.
ثالثا: عكس عدم وجود أشخاص يحاسبون حول مصير الضرائب، يوجد أشخاص مسؤولون عن التبرعات التي تقدم إليهم.
مؤلف الكتاب، سوغويان، كان مديرا لمدرسة كولومبيا الحكومية في نيويورك. وخلال الثمانينات، عندما أفلست مدينة نيويورك، وأفلست معها مدارسها، وضع خطة لإشراك آباء وأمهات التلاميذ والتلميذات في دعم المدرسة. وخلال سنوات قليلة، وبفضل ميزانية أكبر (قبل هذه الكارثة الاقتصادية، كانت نسبة كبيرة من هؤلاء الآباء والأمهات من ذوي الدخول العالية)، صارت المدرسة من أحسن مدارس نيويورك.
وكتب سوغويان في الكتاب: «توجد علاقة مباشرة بين دفع الوالدين تبرعات لتعليم أولادهما وبناتهما في مدرسة خاصة، وصرف المدرسة الخاصة على هؤلاء الأولاد والبنات. في الجانب الآخر، لا يدفع الوالدان الضرائب التي عليهما لمدرسة الحي الحكومية التي يدرس فيها أولادهما وبناتهما. يدفعانها لحكومة المدينة، أو المقاطعة أو الولاية، لتقسم كما يريد السياسيون والتشريعيون».
وبعيدا عن الجدل القائم بين المعسكرين، ووفقا لمجلة «بيزنيس إنسايدر» الأميركية، فإن أغلى 10 مدارس خاصة في أميركا هي:
– لورنسفيل، لورنسفيل (ولاية نيوجيرسي): وتضم 246 طالبا، ومصاريفها السنوية تبلغ 47 ألف دولار.
– سولسباري، سولسباري (ولاية كونيتيكات): 310 طلاب، 47 ألف دولار.
– افنيوز، نيويورك: 1.100 طالب، 46 ألف دولار.
– ريفرديل، نيويورك: 1.060 طالبا، 45 ألف دولار.
– هودشكيس، ليكفيل (ولاية كونيتيكات): 600 طالب، 45 ألف دولار.
– هوريسمان، نيويورك: 1.770 طالبا، 44 ألف دولار.
– غروتون، غروتون (ولاية ماساتشوستس): 370 طالبا، 44 ألف دولار.
– لورنس، غروتون (ولاية ماساتشوستس): 400 طالب، 44 ألف دولار.
– كنت، كنت (ولاية كونيتيكات): 565 طالبا، 43 ألف دولار.
– كونكورد، كونكورد (ولاية ماساتشوستس) 375 طالبا، 43 ألف دولار.