قسم السلايدشوكتاب أكاديميا

الظلم والعدالة في قرار الأيلتس| بقلم د. عمّار أحمد العجمي

يعاني القطاع التعليمي للأسف بين الحين والآخر من قرارات غير مدروسة يتم إصدارها وإلغاؤها على عجالة بعد أن يتم اكتشاف الخلل فيها وبعد أن يعاني الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور من التبعات السلبية لمثل تلك القرارات، والشواهد على ذلك كثيرة كالملف الانجازي والفلاش ميموري والتابلت وغيرها. ومن أحدث تلك القرارات قرار الأيلتس، والذي تعتبر فكرة الاستعانة به لتقييم مستوى إتقان الطلبة للغة الإنجليزية فكرة ممتازة من حيث المبدأ، إلا أن طريقة وأسلوب تطبيق ذلك القرار تشير إلى جهل تام وعدم إلمام من قبل القائمين على ذلك القرار بأبعاد وفلسفة العملية التعليمية وكذلك أسس القياس والتقويم السليمة. وبالرغم من وجود العديد من الأخطاء من الناحية العلمية التي تشوب تطبيق ذلك القرار إلا أنني وللاختصار أود التركيز هنا على نقطتين فقط.

أولاً: من المبادئ الأساسية التي يجب أن يبنى عليها أي نظام تعليمي هو مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة في التعليم. وتطبيق قرار الأيلتس أخل بشكل واضح في هذا المبدأ من حيث أن معيار المفاضلة بين الطلبة في هذا القرار ليس مستوى الطلبة فقط بل أيضا نوعية التعليم الذي تلقاه الطالب. فكما نعلم جميعاً أن مخرجات معظم المدارس الخاصة وبحكم أن مناهجها تُدرس باللغة الإنجليزية تعتبر أفضل من مخرجات المدارس الحكومية من حيث مستوى اللغة الإنجليزية، وبالتالي تصبح الفرصة لدى خريج المدارس الخاصة في الحصول على بعثة دراسية أكبر من خريج المدارس الحكومية. ومن هنا نجد أن طلبة المدارس الحكومية يدفعون وحدهم ثمن تدني مستوى تدريس اللغة الانجليزية في مدارس الحكومة، والعجيب أنه يتم اتهامهم بأنهم السبب في ذلك الأمر وكأنهم من قام بوضع المناهج والاختبارات والتدريس أيضا !!

ثانياً: في كل عام دراسي تقوم وزارة التربية بإعداد اختبارات وتطبقها على طلبة الصف الثاني عشر لتحديد مستوى اتقانهم للغة الإنجليزية. وعندما يتخرج الطالب يطلب منه تقديم اختبار الأيلتس ليثبت مدى اتقانه للغة الانجليزية، مثل ذلك يعتبر اعترافاً صريحاً ورسمياً من قبل وزارة التربية بأن اختبارات الوزارة في مادة اللغة الانجليزية، والتي وضعها موجهي ومعلمي وزارة التربية، غير موثوق بها وغير قادرة على تحديد مستوى اتقان الطالب للغة الانجليزية! مثل ذلك الأمر يستوجب إعادة النظر في مستوى المناهج والموجهين والمعلمين القائمين على تدريس اللغة الانجليزية، فمن غير المعقول أن يحصل طالب على نسبة 80% أو 90% بينما لا يحصل على درجة مكافئة في اختبار الأيلتس. هنا الخلل ليس في الطالب، بل في اختبارات وزارة التربية التي لا تستطيع قياس مستوى الطالب وتحديد مستواه في اللغة الانجليزية.

لذلك، أطرح هنا بعض الحلول للمسئولين في وزارة التربية من أجل معالجة الخلل في قرار الأيلتس وذلك بتطبيق بعض الإجراءات لضمان تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين جميع الطلبة:

أولاً: تطبيق نظام الكوتا في توزيع البعثات بحيث تحدد النسبة المخصصة من البعثات لمخرجات المدارس الخاصة والحكومية بحسب نسبة كل فئة من إجمالي النسبة العامة لمخرجات الثانوية العامة. فإن كانت نسبة مخرجات المدارس الحكومية 80% من إجمالي مخرجات الثانوية العامة فيجب أن يخصص ما مقداره 80% من البعثات لطلبة المدراس الحكومية وينطبق ذلك أيضا على المدارس الخاصة.

ثانياً: تُلغى اختبارات نهاية العام الدراسي للصف الثاني عشر في مادة اللغة الانجليزية ويتم اعتماد اختبار الأيلتس كبديل عنها وتكون درجة الطالب في اختبار الأيلتس هي الدرجة التي تعطى له في مادة اللغة الانجليزية وذلك بعد أن تتم معادلتها. ويتم كذلك استبدال مناهج اللغة الانجليزية في الصف الثاني عشر بمناهج تؤهل وتدرب الطلبة على اجتياز اختبار الأيلتس. ويمنح الطالب الحرية في تحديد وقت تقديم الاختبار بدءاً من تخرجه من الصف الحادي عشر ويتم اعتماد الدرجة التي يحصل عليها حتى وإن كانت قبل دخوله للصف الثاني عشر، الأمر الذي سيترتب عليه تشجيع الطلبة على قضاء إجازة نهاية العام الدراسي بعد تخرجهم من الصف الحادي عشر في الدراسة والاستعداد لاختبار الأيلتس.

ثالثاً: في حال لم يتم الأخذ بالمقترح الأول أو الثاني، تقوم وزارة التربية بإعطاء الطالب الخيار بين الدراسة في المدراس الحكومية أو الخاصة مع تحمل وزارة التربية لكافة التكاليف في حال اختيار الطالب للمدارس الخاصة كون وزارة التربية هي وحدها من يجب أن يتحمل مسؤولية تردي وتدني مستوى تدريس اللغة الانجليزية في مدارسها.

ختاما نصيحتي للمسئولين بوزارة التربية إن الظلم كما يقال يترنح لأنه في طريقه للتلاشي عاجلا أم آجلا والعدل أقل تكلفة من الظلم وإذا أردتم إستمرار قرار الأيلتس وإنهاء الجدل الدائر حوله فيجب تعديله ومعالجة السلبيات التي تمت الإشارة لها.

د. عمار أحمد العجمي
أستاذ مشارك – مناهج وطرق تدريس
كلية التربية الأساسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock