كتاب أكاديميا

‎أ. د. عبداللطيف بن نخي يكتب: الشهادة الجامعية لخريجي «التطبيقي»

 

 

 

 

 

وصلتني الكثير من التعقيبات على مقالي السابق، وكانت معظمها تتمحور حول الفقرة التي أشرت فيها إلى خبر موافقة المجلس الأعلى للجامعات المصرية على معادلة الشهادات الصادرة من كلية الدراسات التجارية في عدد من التخصصات، وقبول خريجي الكلية بالسنة الثالثة حتى وإن كانت شهادتهم قديمة. ومن باب الدقة، تعقيباتهم وتساؤلاتهم كانت على جزئية مطالبتي بعرض القرار المصري على الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، من أجل الحصول على موافقته المبدئية على توفير هذا المسار الجديد لخريجي التطبيقي، قبل التحاق الطلبة به.
ولأنني أعتقد أن التساؤلات نفسها قد جالت في خاطر آخرين ممن لم يتواصلوا معي ولم يطلعوا على رأيي التفصيلي، لذلك قررت أن أخصص مقال هذا الاسبوع لتوضيح رأيي في شأن استكمال خريجي برامج الدبلوم المتاحة في كليات الهيئة العامة للتعليم لتطبيقي والتدريب، دراستهم للحصول على الشهادة الجامعية.
أقولها بوضوح، أنا من أشد المؤيدين لأن يستكمل المتفوقون (معدل عام 3 نقاط فأكثر) من خريجي كليات التطبيقي دراستهم الجامعية، وخصوصا خريجي كلية الدراسات التكنولوجية، ولكن بشرط أن تتم مراعاة جودة التعليم الجامعي. بل أنني أرى أن كليات التطبيقي يفترض أن تستعجل في توفير برامج جامعية تستقبل المتفوقين من خريجي التعليم العام، وتفتح أبوابها للمتفوقين من خريجي برامج الدبلوم لاستكمال دراستهم، والحصول على الشهادة الجامعية. وأكدت مرارا أن توفير برامج البكالوريوس في كليات التطبيقي لا يتعارض مع قانون إنشاء الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
فعلى سبيل المثال، أوضحت في مقال لي نشر في جريدة «الراي» بتاريخ 5 مارس 2015 بعنوان «الاطار المزيف للتعليم التطبيقي»، أنه ليس في القانون رقم 63 لسنة 1982 في شأن إنشاء الهيئة، أي إشارة إلى أن الغرض من إنشائها هو اعداد القوى العاملة لمستويات العمالة «الوسطى»، كما يعتقد كثيرون ومن بينهم أساتذة وقياديون في التطبيقي. بل أن المادة رقم 2 من ذات القانون تنص على أن «غرض الهيئة هو توفير وتنمية القوى العاملة الوطنية بما يكفل مواجهة القصور في القوى العاملة الفنية الوطنية وتلبية احتياجات التنمية في البلاد».
فأنا أرى أن المستوى التعليمي للقوى العاملة الفنية يجب أن يرتقي من دبلوم إلى بكالوريوس تطبيقي، ليتمكن الطالب من اكتساب المعارف والقيم والمهارات الإضافية المستجدة بسبب التطور الكبير والسريع في التكنولوجيات والمعارف، ونتيجة لاشتداد المنافسة التجارية، وتكرار الأزمات الاقتصادية، وتفاقم المشاكل البيئية وتباعاً المناخية، واستشراء الانحراف القيمي في المجتمع. فالدول اصبحت تنشد التنمية المستدامة بعد أن كانت تستهدف التنمية المطلقة. لذلك على الكليات التطبيقية اكساب خريجيها ما يلزم ليكونوا قوى عاملة فنية أكثر مواكبة لمتطلبات التنمية المستدامة في البلاد، وتباعاً زيادة مدة الدراسة.
كما أنني أشرت في مقال آخر عنوانه «بكالوريوس للمشاريع الصغيرة والمتوسطة»، إلى أن هناك حاجة ماسة لإعداد مبادرين وملاك لمشاريع صغيرة ومتوسطة، استجابة للتوجه الاستراتيجي للدولة. وهذا الإعداد يحتاج إلى جرعات كبيرة، في مجالات متعددة، ليست مشمولة في برامج الدبلوم الحالية التي تعد الخريج للعمل في القطاع الحكومي أو الخاص. فعلى سبيل المثال، يحتاج خريجو التكنولوجيا إلى معارف ومهارات إضافية، في جوانب هندسية وإدارية واقتصادية وبيئية، من أجل تأهيله كمبادر لمشاريع صغيرة ومتوسطة في مجال تخصصه.
لدي الكثير من المقالات التي دعوت فيها المسؤولين المعنيين إلى توفير برامج بكالوريوس تطبيقية في كليات حكومية، على غرار البرامج المتاحة في الجامعات المحلية الخاصة، سواء من خلال اعتماد برامج البكالوريوس المقترحة من قبل كليات التطبيقي، أو عبر إنشاء جامعة تطبيقية حكومية. أذكر منها على سبيل المثال «سوق العمل والجامعة التطبيقية الحكومية» و«جامعة حكومية تكنولوجية – ضرورة تنموية عاجلة» و «الجامعات الحكومية في رؤية 2035».
على مر السنوات الماضية، العديد من طلبتي استشاروني في شأن رغبتهم في استكمال دراستهم، وغالبا كنت أشجعهم على استكمال الدراسة في دول أجنبية، وفي جامعات تعتمد اللغة الانكليزية في تدريس مناهجها، لإيماني بأهمية الحصول على الشهادة الجامعية، وبضرورة بناء القدرات الذاتية والاعتماد على النفس، وبمحورية تعلم اللغة الانكليزية.
باختصار أنا مع تشجيع خريجي كليات هيئة التطبيقي على استكمال دراستهم، ولكن بشرط أن يتم ذلك في جامعات تطبيقية محلية أو خارجية معتمدة لدى الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم. وعلى أن يقيّم الجهاز الوطني مستوى الخريجين الكويتيين بصورة مستمرة، من خلال عينات عشوائية. وبناء على نتائج التقييم، يحدث قوائمه الخاصة بأسماء الجامعات المعتمدة، حيث ان هناك جامعات عريقة معتمدة لدى الجهاز الوطني، ولكن لديها فصولا ومجموعات دراسية مخصصة للطلبة الخليجيين! كما أن هناك جامعات عالمية مرموقة ولكنها غير محصنة من سرقة وتسريب اختباراتها.
وفي ختام مقالي، أجدد مناشدتي لوزارة التعليم العالي باعتماد برامج البكالوريوس التكنولوجية – الجاهزة من كل النواحي – لدى إدارة هيئة التطبيقي، وبتعجيل إنشاء جامعة جابر «التطبيقية»، لكي نحتضن خريجي برامج الدبلوم – الراغبين باستكمال تعليمهم الجامعي – في مؤسسات أكاديمية حكومية نملك مراقبة وتطوير جودتها الأكاديمية…
«اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock