كتاب أكاديميا

يوسف عوض العازمي يكتب: مهارات التفاوض

في القضايا الكبيرة يحتاج الأمر إلى متفاوضين أكفاء و قادرين على ترتيب الامر في القضية المثارة و الدخول بنفس طويل قادر على إستيعاب الأطروحات المقابلة من الطرف المواجه ، زائد يجب على المتفاوض معرفة صلاحياته بدقة ومن اين يبدأ وأين ينتهي ، ومتى يقف و متى يتحرك ، من يهدئ ومتى يضغط ، إضافة إلى وضع رصيد من اوراق التفاوض المختلفة ليستخدمها متى أحتاج الوضع ..

هناك من يدخل مفاوضات بلا رؤية واضحة ، و أوراق حقيقية ، و إستعداد ذهني ، و خبرة في التداخل و التخارج ، مثل هذا الفريق يقضي على القضية ، و يضع ضعفة ورقة في يد الطرف الآخر ، بمعنى تخيل إنك تذهب للتفاوض لقضية معينة ، يفترض معك اوراق تفاوضية ، فكيف أن أصبح ضغفك التفاوضي ورقة في يد خصمك ، اي أنت اصبحت ورقة يضغط بها خصمك عليك !

في الجهات الكبرى من مؤسسات و شركات و جهات حكومية و دول لايمكن اختيار المتفاوضين إلا وفق قواعد دقيقة تعتمد الكفاءة و الخبرة و المعرفة و الذكاء والدهاء ، ليس كل شخص يصلح للتفاوض مهما بلغ من صدق و إخلاص و خلق رفيع ..

أن لاتتفاوض أفضل بكثير من الوقوع في فخ بسبب ضعفك ، ليس ضروريا” أن تلجأ للتفاوض بينما لاتملك اوراق ضغط واضحة ، و مثابرة و اخذ و رد ، للتفاوض أصول ، أهم شئ لاتتفاوض و أنت ضعيف بلا اوراق ، ستكون النتيجة مدمرة ، وإحتمال يتعسف الطرف المقابل ، و يوقعك بأشد القرارات ،و قد تتمنى وقتها لو إنك لم تجلس متفاوضا” !

لو نظرت إلى القضايا الدولية ، خذ مثلا” القضية الفلسطينية ، لم يضيعها كما ضيعها قلة الخبرة و الإرتباك في إتخاذ القرار امام طرف قوي كالكيان الصهيوني ( بالطبع افترض وطنية و صدق المتفاوض الفلسطيني ) ، و انظر كذلك إلى الإيرانيين وكيف إستطاعوا التعامل مع الامريكان ، حيث دخل الفرس بتفس طويل و بأوراق متعددة فاوضوا بها الامريكان و استطاعوا في فترة أوباما من تحقيق قفزات سياسية و دبلوماسية كبرى ، و حتى في عهد ترامب الحالي ، و رغم الضربات السياسية ، لكنهم صامدون و يلوحون بعدة اوراق ..

ان تتفاوض يجب أن تكون تحت غطاء داعم + اوراق تفاوضية + مرونة في الحركة + القدرة على معرفة القرار الصحيح ثم إتخاذه ثم تنفيذه خلال دقائق ، و لن يتسنى لك ذلك إن كنت بلا غطاء داعم من مؤسستك أو لاتملك صلاحيات ، غير ذلك الأفضل ان تبقى المشكلة معلقة حتى يأتي مفاوضين أكفاء ..

وكم من قضية ناجحة اصبحت بيد محام فاشل !

يقول أبا الطيب المتنبي :

لا يُدْرِكُ المجْدَ إلَّا سَيِّدٌ فَطِنٌ

لِمَا يَشُقُّ على السَّادَاتِ فَعَّال ..

لا وارثٌ جَهِلَت يُمْنَاه ما وَهَبَت

ولا كَسُوبٌ بغير السَّيف سَئَّالُ ..

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock