كتاب أكاديميا

هاشمية الهاشمي تكتب: حصاد … الفساد

عندما ينتشر الفساد في مجتمع ما ، هناك أجندات ومصالح تنفذ عكس المألوف ، بعيدا عن النزاهة وصون أموال الوطن والتي من المفترض تكون مرهونة بالأمانة والصدق والحفاظ عليه .

فالطامعون في اللهو بأموال الوطن لهما من الأهداف إثنان .. فإما يتحقق ما يصبون إليه بتجاوز اللوائح ، أو بدفع أموال والمراد تحقيق المكاسب الغير مشروعة والهدف من ذلك جمع أموال عن طريق تزوير الوثائق المتداولة وأخرى عن طريق تزوير شهادات دراسية بعضا منها في غاية الأهمية كالطب والقانون والشريعة ..

وأنا على يقين بأن هناك مستشارين وأطباء حضروا من الخارج بشهادات مزورة يتقاضون مبالغ خيالية لا تمنح للمواطن بتاتا .. منهم من عمل ثلاثون عاما وجمع أموالا لايستحقها وهاجر الى بلاده ، وتلك فرص الثعالب لا تتكرر أبدا

والغريب في الأمر البعض مازال يعمل يوميا دون إنقطاع ، وبعد الإجازة السنوية يقوم بشراء شهادة دكتوراه ويتم تقديمها لمركز عمله دون تفرغ دراسي مسبق ويصبح دكتورا بين ليلة وضحاها .. ومع التراخي وعدم إجراء أي تحقيق في الأمر تتزايد أعداد المزورين والملونين كالدكتوراه الوهمية والتي لم يراعي صاحبها ضميرا أو تحسبا لأهمية العمل ، فالمزورون معلمون وإداريون وأطباء وخبراء وحقوقيون ..والأخيرة أدهى وأبلى ، ولم يعد سوى عامل النظافة لم يفكر بشراء شهادة لربما لضيق اليد ، بينما تخصص البعض منهم بصناعة الخمور وبيعها .

أما الإختلاسات فهي من أعظم أنواع الفساد على ميزانية الدولة ويستغل بعض العاملين ممن لهم السلطة في إدارة هذه الأموال بإختلاسها ، فالفساد السياسي هو إساءة إستخدام تلك السلطة التي منحت لهم ..

جميع أنواع الفساد تعمل على عرقلة التنمية الإقتصادية والتقدم الحضاري ، فلا توجد معايير معينة للفساد ، بل له آلياته التى تؤثر في نسيج المجتمع وفي سلوكيات الأفراد المتورطين فينتشر بينهم الرشاوي وأحلام الثراء المصطنع عن طريق السرقات والتحايل وإستغلال الصلاحيات الإدارية وعدم منح الأفراد حقوقهم المشروعة تحسبا للقانون ومادة العمل والدرجة ، وتمنح لآخرين أقل كفاءة وخبرة في العمل .. لذلك تفقد ” عدالة المنصب ” رونقها بتفشي المحسوبية والواسطة بين الأفراد في المجتمع ، والسبب الرئيسي في تلك العيوب وتفاقمها ضعف الرقابة على موظفي الوزارات وإفتقارنا للعدالة في توزيع المناصب على الإختصاصي الفعلي .

بعض العاملين بلغوا مرتبة الإمتياز والخبرة وليست لديهم دراية بجهاز الكمبيوتر ويرفضون الدورات التعليمية المجانية وما زالوا يحبذون المعاملات الورقية التي تحمل مجموعة تواقيع وتسهل عملية التزويروالغش في المستندات الرسمية .

فلا توفيق لشيئ بنى أساسه من شبهات وتزوير ، ولا أمل لمن لا ضمير له ، ومن الأهمية إصلاح الوضع السيئ لبعض الإدارات والتي يسود فيها الفساد بجميع أشكاله وطرقه .. لنعلم جيدا بأن الموظف الغير مناسب في المكان الهام ، ينتج عنه تردي الأوضاع والتي تصل الى مستويات منخفضة في الأداء والتعامل ..

كما هو الحال في التعليم بعدما تبين لنا ظهور شهادات مزورة أفرادها لا يتحدثون اللغة الأجنبية التي أحضروا منها تلك الشهادة ..

حقا إنها خيبة آمال كبيرة لمستوى التعليم والأفراد معا ، لما لتلك الخيبة من نتائج في مدركات الفساد لعام 2017 والتي أوصلت الكويت الى مركزها العشرون للأسف ..

ونحمد الله بأننا أدركنا مؤخرا بعضا من مواقع الفساد ، وعليه يجب قلع منابت السوء ومعالجة الأمر وإعادة الأفراد كما كانت مواقعهم سابقا دون تزييف ..

فإذا أردنا مقارنة الفساد في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى فسوف نلاحظ بأننا الأوفر حظا من الآخرين لإكتشاف بؤر الفساد والبدء في محاربته ، فالفساد بجميع صوره من الأمراض العصرية المنتشرة وعندما تلامس الحقيقة وتكشفها الأيدي .. تسقط الأقنعة ويظهر الزيف أمامنا بأشكاله العديدة كمزوري الشهادات الدراسية ومزوري الجناسي ومزوري وثائق الحيازات الزراعية و” مزوري البصمة ” .. والأخيرة جديدة ولم يعمل بها ، وهي منتشرة في الدول التي تكثر بها مافية السلاح والمخدرات وغسيل الأموال وجرائم الإغتيالات .. أعاذنا الله منها .

فالفساد في بعض المناصب مكاسب وسرقات قد تؤدي الى عرقلة عجلة التقدم في البلاد بسبب الفساد الإداري والمالي ، وقد إنتشر الفساد في السنوات الأخيرة في عدة  دول وقد يصعب تحديد أسبابها لأنها تأخذ أبعادا واسعة وتحدد حسب عوامل وأسباب كل بيئة عمل وتختلف بذلك من مجتمع الى آخر ..

برأي ضعف الوازع الديني هو السبب الأول والأخير، وتقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة من أسباب الفساد الإداري وعدم محاسبة المتسبب ، ومن الأهمية تشكيل لجان متخصصة لمراقبة الأقسام والإدارات ، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وإتخاذ القرارات الجزائية الحاسمة ضد الفاسدين .. إحتراما للقانون الجزائي والعمل به بكل شفافية ودقة .

وقد وضعت إستراتيجية هامة من قبل جامعة الدول العربية لمكافحة الفساد وإحترام الأنظمة والتي تهدف لتحقيق المصلحة العامة والعدالة التامة .

كن أيها المواطن سندا وسدا منيعا لوطنك ضد الفساد ، وحارب الفاسدين دون تردد.

فالكويت جميلة .. تستحق منا كل الحب والولاء والإخلاص ..

بقلم : هاشمية الهاشمي

Twitter : @H_ALHASHEMMI

Email  : [email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock