كتاب أكاديميا

محمد بن خواش يكتب: ‏القطط السمان

‏ في بلاد “ما وراء البحار”، تعتصر قلوب شعوبها ألماً وهم يرون الفساد يَفتّ في أَعْضاد دولهم، متسائلين مالذي يمنع دولنا بأن تَقُوم بعاصفة حزم لمكافحة الفَسَاد؟!

‏ في كل دولة من تلك البلدان هنالك طبقة غنية مترفة وجشعة يُطلق عليها “القطط السّمان”، وهناك علاقة طردية بين قوة هذه الطبقة من جهة والفساد المالي والإداري والأخلاقي والسياسي في المجتمع من جهة أخرى، فهذه الطبقة تحرص على تعميم الفساد ليصعب بعد ذلك محاسبة أي فاسد،

‏كما أنها تَقُوم بإنتاج منظومة فكرية عنصرية تفرّق المجتمع إلى طبقات متناحرة، للحفاظ على مصالحها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لضمان سيطرتها على بقية الطبقات الأخرى (فرّق تَسُدْ).

‏ عندما يرغب رئيس أي دولة من دول “ما وراء البحار” بالقيام بعاصفة حزم لمكافحة الفَسَاد، سيكون لِزاماً عليه أن يبدأ بالملأ من القوم (القطط السمان) ومن ثم ينتقل إلى مَن هم دونهم، بمعنى أنه سيضرب أولاً مصالح هذه الطبقة الصغيرة من المجتمع والتي في الغالب تكون قوية جداً و متغلغلةً في كل مفاصل الدولة بما فيها البرلمان وحتى قوى الأمن وذلك بسبب امتلاكها للنفوذ والمال.

‏ إن قوة النفوذ والمال لهذه الطبقة وتجذّرها في مفاصل الدولة، قد يحوّل هذه الطغمة إلى قوة مسيطرة في الدولة وربما تطغى عليها ، وبالتالي إنّ أيّ رئيس أو مسؤول يحاول القيام بعملية إصلاح سيواجه من قِبَلهم بِحرب ضروس أسلحتهم فيها شبكات مترابطة أكبر من شبكات الصرف الصحي، متمثلةً في أموالهم وإعلامهم وعلاقاتهم وزبانيتهم ممن يقتاتون من فضلاتهم من (نوّاب في البرلمان و وزراء و وكلاء وزارات وكتّاب وصحفيين ومن المسؤولين حتى الموظفين الصغار في شتى فروع الدولة)، وإن لزم الأمر استخدموا قوى الأمن للدفاع عن مصالحهم، وبالتالي يُذعِن هذا الرئيس لهم وتتوقف عملية الإصلاح، فيتسع الفتق على الراتق.

‏يقول الشيخ (زايد بن سلطان آل نهيان) رحمه الله

‏إن الفساد هو الفاحشة الكبرى ..الفساد لا يفلح أمة .. وهو مرض يجب استئصاله وبتره لأنه مُعْدٍ ولا يجوز السكوت عليه .. وعلينا أن نعالج الفساد ونمنعه لأننا لا نريد أن يكون بيننا مريض بهذا الوباء الذي يُلطخ الدولة ككل ويلوثها.

‏ويقول الشاعر المعري وكأنه يحس بحال بلاد “ماوراء البحار” بعد ما أصابها من فساد:

‏’

‏والأرضُ للطّوفان مشتاقةٌ … لعلها من دَرَنٍ تُغْسَلُ

‏’

‏’

‏  لن تكون لحكومات دول “ماوراء البحار” مصداقية في مكافحة الفساد إلا بمحاربة القطط السمان أولاً، وإلاّ فهم يحرثون في البحر …

‏’

‏إنما العاجز من لا يَسْتَبِد…

‏ محمد بن خواش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock