كتاب أكاديميا

فاطمة السلمان تكتب: حدد وجهتك.. فالطرق تتفرع

لم يحدث أن اتفق العقل البشري مع الغموض، فالإنسان دائم التحري يسعى جاهدًا لإماطة اللثام عن خفايا الكون وأسراره، وفهم ذاته وذوات الآخرين، وفي سبيل ذلك، لجأ المفكرون إلى المنهج العلمي وبدؤوا بإجراء التجارب ووضع قوانين علمية تحكم الظواهر وتحدد مسبباتها في شتى المجالات، وهذا أمر طبيعي فحرية البحث العلمي مكفولة للوصول إلى نتائج تسهم في تطوير العلوم والارتقاء بالمعرفة الإنسانيةفي حين لجأ كثير من الناس إلى وسائل لم تجد من العلم شواهد على صحتها بغرض إشباع رغباتهم بتفسير ما يرونه غامضًا، أو للخروج من حالة نفسية معينة، أو لمعرفة المزيد من الأحداث التي ستقع في المستقبل، ومن أشهر هذه الطرق وأكثرها شيوعا: العلاج بالطاقة، و(الباراسيكولوجي). يحظى العلاج بالطاقة بشهرة وانتشار كبيرين في الوقت الراهن، فقد ادعى البعض حصوله على شهادات تؤهله لعلاج الكثير من المشكلات النفسية التي يعاني منها الأفراد وتحسين حياتهم من نواحٍ عديدة باستخدام الطاقة، رغم أن هذا التخصص لا يُدرّس في أي من الجامعات المرموقة حول العالم، ومن جانب آخر نجد الإقبال على ذلك النوع من العلاج يتزايد باستمرار الترويج له وتنوع الطرق المستخدمة لاستقطاب الجمهور، فيدفع من أجله الفرد أموالا طائلة وقد يسافر إلى بلد آخر للحصول عليه، وفي بعض الأحيان تزداد مشكلات الفرد تعقيدًا بدلا من حلها حين تتكشّف له أغراض أخرى يخفيها بعض أولئك المعالجين خلف ستار الطاقة، وفي أفضل النتائج ينتهي المطاف إلى لا شيء، وقد يكتشف الشخص أن الأمر ليس إلا تجارة بحتةأما عن الباراسيكولوجي الذي يسمى ما وراء علم النفس فهو مصطلح ظهر حديثًا يشير إلى وجود قدرات خارقة لدى البعض، وأبرز مثال على ذلك الإدراك العقلي الحاد الذي يمكّن صاحبه من تحريك الأجسام المادية دون لمسها مباشرة، وربما نجد الكثير من المقاطع على الإنترنت لمثل هذه الظاهرة لكننا لم نجد شخصا يقوم بالتطبيق الفعلي على أرض الواقع، ويبيّن أصحاب هذا الاتجاه أن الباراسيكولوجي يعتمد على المنهج العلمي مع شيء من التطوير، لكن في حقيقة الأمر لم يثبت العلم وجود أي من هذه الظواهر المزعومةمن ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أن العلم لم ينفِ العلاج بالطاقة ولا الباراسيكولوجي أو غيرها من الأفكار التي تبدو علمية لأول وهلة، لكن عدم وجود دليل النفي لا يُعد دليل إثباتقد يستنكر البعض أن مثل هذه المعتقدات لا زالت تسكن العقول رغم أننا دخلنا الألفية الثالثة وتوغلنا في عوالم التطور والحداثة والعلوم، دعني أخبرك بالسر وراء ذلك، لا شك هو الوعي، فكلما كان الإنسان سطحيًا بتفكيره يتبع المغريات الكثيرة حوله قلّ تقصيه للحقائق، وصار مساره مظلما مجهولا تحفّه المخاطر، وأصبح عقله في مهب الريح تتقاذفه يمينًا ويسارًا. أما حين يكون العقل عميقًا بتفكيره يبحث في التفاصيل والأسس العلمية للحقائق فإنه سيشقّ طريقه ملكا واثق الخطا لا تستوقفه الخرافة ولا تعرقل مسيرته العلوم الزائفة. والآن، قف وقفة جادة واسأل عقلك: إلى أين أنت متجه؟
فاطمة السلمان


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock