كتاب أكاديميا

عبدالحميد علي عبدالمنعم يكتب: مراجعات مستحقة في معركة الغش

معركة الغش في المدارس لم تنتهِ ولن تنتهي، فهي معركة مستمرة منذ أن بدأ الطلبة يلتحقون بالمدارس النظامية في بداية العقد الثاني من القرن الماضي. اذ ان بذرتي الخير والشر ستظلان تتصارعان داخل النفس البشرية أينما وجد الإنسان، في أي عمر وفي أي محيط. في سني العمر الأولى يرتكب الطفل الأخطاء بوتيرة تتفق ومدى رعاية والديه أو القائمين عليه، وبعد فترة من البلوغ ينطلق حاملا حبله على غاربه، وان كان هذا الأمر غير دقيق تماما في مجتمعاتنا، حيث تمتد الرعاية لسنوات أخرى طويلة بعد ذلك.

في معركة الغش الأخيرة تطلّب الأمر بلا شك قدرات تحمّل غير عادية ازاء حجم المواجهة مع المناوئين لتوجهات وزارة التربية من وسائل اعلام ومغردين وكتاب مقالات وجمعيات نفع عام وبرلمانيين وطلبة وأولياء أمور وممن يعملون في ذات الحقل كمديري مدارس ومعلمين وموجهين. وكان الاصرار على خوض المنازلة حتى نهايتها غير معتاد في عموم الساحة المحلية التي خبرت الكثير من المواقف التي تقل بمراحل في درجة صعوبتها، بينما عانت من التخاذل السريع بمجرد أن افترت الثغور ليس عن ابتسامة، لذا استحقت الوزارة عن جدارة الاعجاب والاشادة والدعم. إلا أن ذلك لا يعفيها من القيام بالعديد من المراجعات المستحقة.

منها مراجعة عميقة للوائح والتوجيهات والارشادات التي استحدثت لهذا الغرض، بما فيها من ضوابط وموانع واجراءات ونماذج وعقوبات. ومنها أيضا مراجعة عميقة للتجارب الخاصة التي نفذت لأول مرة مثل التدوير المؤقت لمديري المدارس الثانوية تلافيا للانفلات المتعمد في بعضها ولبحث الحلول المكملة أو البديلة، مثل الحد من انتقال الطلبة الى هذه المدارس من دون مبررات موضوعية. ومنها مراجعة الأدوار الباهتة التي كشفت عنها المواجهة، مثل ضعف خطوط الاتصال مع أولياء الأمور وتعاطي الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين مع هذه المشكلة، بجانب الجوانب الأخرى التي تحظى بعناية أكبر، مثل العنف المدرسي، وفقدان تعاطف بعض كبار مسؤولي الوزارة والادارات المدرسية مع هذا التوجه، والتسويق المتأخر للوائح واجراءات كبح الغش. ومنها كذلك مراجعة عميقة للأقوال المتضاربة في تفسير ظاهرة الغش وتوابعها، وهي أقوال لم تسلم من الحدة والمبالغة أحيانا، مما يستدعي وضعها في حجمها الطبيعي، مثل تأثير كم ونوع المناهج الدراسية، وضغوط الأهل وتوقعاتهم غير المنطقية من أبنائهم، والتأثير الصحي والنفسي لإجراءات ووسائل حظر الغش في قاعة الاختبارات.

وفي هذا السياق، فان الحكومة مطالبة بدعم مكافحة الفساد التعليمي بكل قوة والتمسك بالقياديين الذين يقفون وراءها ويصرون عليها، متحملين الأنواء المعادية حتى تثبت ارادتها الجادة في الانتقال من مرحلة الاستياء الى الفعل الحقيقي على أرض الواقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock